اليونسكو: انهيار نموذج أداء عمل وسائل الإعلام يقوّض الحق في الحصول على المعلومات

2022-05-25 01:09

التقارير

حذّرت منظمة اليونيسكو من خطر وسائل التواصل الاجتماعي و"التهديد الوجودي" الذي تفرضه على وسائل الإعلام المهنية. وفي وقت نبّهت الى "تعاظم التهديدات المحدقة بسلامة الصحافيين"، لفتت الى "تفاقم أزمة وسائل الإعلام بفعل جائحة كوفيد-19"، داعية الى "اتخاذ إجراءات سياسية في ثلاث مجالات رئيسية لحماية وسائل الإعلام المستقلّة والذّود عن سلامة الصحافيين".

جاء ذلك في تقرير للوكالة الأممية تناول الاتجاهات العالميّة في حرية التعبير وتنمية وسائل الإعلام في الفترة 2016-2021، واماط اللثام عن خطر وسائل التواصل الاجتماعي والتهديد الوجودي الذي تفرضه بزوال وسائل الإعلام المهنية. و"قد شهدت السنوات الخمس الماضية إقبال أعداد ضخمة من الجماهير المتلقية للأخبار وتحويل إيرادات الإعلانات إلى منصات الإنترنت".

ولفت التقرير إلى أن شركتي غوغل وميتا (المعروفة سابقا بفايسبوك) تستحوذان اليوم على نحو نصف إجمالي الإنفاق العالمي على الإعلانات الرقميّة، بيد أنّ إيرادات إعلانات الصحف العالميّة انخفضت بمقدار النصف في السنوات الخمس الماضية.

 

تفاقم أزمة وسائل الإعلام بفعل جائحة كوفيد-19

وقال التقرير إن الجائحة كثّفت الاتجاهات القائمة في انخفاض ريع الإعلانات، والخسائر في الوظائف، وإغلاق غرف الأخبار. وأورد بيانات صادرة عن المركز الدولي للصحافيين تظهر أن ثلثي الصحافيّين يشعرون بقدر أقل من الأمان في وظائفهم من جرّاء الضغوط الاقتصادية الناجمة عن الجائحة.

وقالت المنظمة: "تُعتبر الصحافة، لا سيما الصحافة الاستقصائية، خدمة أساسية لإنقاذ الأرواح في خضم تفشي الأوبئة. وفي ظل المحتوى الكاذب الذي انتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم بشأن جائحة كوفيد-19، أسفر إغلاق غرف الأخبار وتقليل عدد الوظائف عن إيجاد فراغ كبير في المشهد الإعلامي، لا سيما في بلدان الجنوب. وأفاد مرصد الوباء المعلوماتي، وهو مبادرة تابعة لمؤسسة برونو كيسلر، أنّ شهر أيلول 2020 شهد تداول أكثر من مليون منشور عبر تويتر بمعلومات غير دقيقة وغير موثوقة، أو مضللة بما يتعلق بالجائحة". 

 

الصحافيون في مهبّ الهجمات

وتأتي هذه الأزمة الاقتصادية أيضاً في وقت "تتعاظم التهديدات المحدقة بسلامة الصحافيين، ليس من الحكومات والجماعات الإجرامية فحسب، انما ايضا من جماعات الضغط الخاصة ومن بعض أفراد المجتمع الذين تزداد جرأتهم على نشر الافتراءات وشنّ الهجمات عبر الإنترنت"، على ما أوردت اليونيسكو. 

 

الإفلات من العقاب على عمليات القتل 

سجلت اليونيسكو، في الفترة الممتدة من عام 2016 إلى نهاية عام 2021، مقتل 455 صحافياً، منهم من لقي حتفه بسبب وظيفته، ومنهم من استُهدف وهو على رأس عمله. ولا يزال زهاء 9 من كل 10 عمليات قتل من دون حل. ويؤدي المعدل العالمي للإفلات من العقاب على قتل الصحافيين إلى تأجيج دائرة من العنف، ويترك تأثيراً أليماً على الصحافيين كافة.

 

ويُمثّل العنف الواسع النطاق ضد الصحافيين عبر الإنترنت أحد التوجهات الجديدة والمتنامية، ويؤثر في الصحافيات بصورة متفاوتة في شتّى بقاع الأرض. إذ تبين ورقة أعدّتها اليونيسكو في عام 2021 أن أكثر من 7 من أصل 10 صحافيات شملهن الاستطلاع، تعرضن للعنف عبر الإنترنت. وأفاد خمس عدد الصحافيّات أنهنّ تعرضن لأعمال عنف خارج الإنترنت فيما يتعلق بالتهديدات عبر الإنترنت.

 

*إنّ الهجمات ضد الصحافيين الذين يغطون الاحتجاجات والتظاهرات وأعمال الشغب شائعة أيضاً على نحو مثير للجزع: رصدت اليونيسكو وقوع هذا النوع من الهجمات في 60 بلداً على الأقل في الفترة الممتدة بين شهرَي كانون الأول وآب في عام 2021. وشهدنا منذ عام 2015 مقتل ما لا يقل عن 13 صحافياً في أثناء تغطيتهم للاحتجاجات.

ورأت اليونيسكو في تقريرها ان "قوانين العديد من البلدان لا تحمي الصحافيين في شكل كاف من هذه التهديدات. ويعرّضهم الإطار القانوني في الحقيقة لخطر أكبر في بعض الأحيان. وقد تبنّت 44 دولة منذ عام 2016 أو عدّلت قوانين جديدة تحتوي على لغة مُبطّنة أو تهدد بفرض عقوبات متفاوتة على أفعال تنطوي على نشر "الأخبار الكاذبة" أو "الشائعات" أو "التشهير الإلكتروني"، الأمر الذي يؤدي إلى فرض رقابة ذاتية".

كذلك، "لا يزال التشهير يُعتبر جريمةً جنائيةً في 160 بلداً. عندما يكون قانون التشهير قانوناً جنائياً وليس مدنياً، يمكن الاستناد إليه كأساس للاعتقال أو الاحتجاز، وهو ما يؤدي فعلياً إلى تكميم أفواه الصحافيين. وتُظهر بيانات صادرة عن لجنة حماية الصحافيين أن 293 صحافياً سُجنوا في عام 2021، وهو أعلى مجموع سنوي في ثلاثة عقود".

وحضّت اليونيسكو "الحكومات على اتخاذ إجراءات سياسية في ثلاث مجالات رئيسية لحماية وسائل الإعلام المستقلّة والذّود عن سلامة الصحافيين:

- دعم الجدوى الاقتصادية لوسائل الإعلام المستقلة مع احترام الاستقلالية المهنيّة للصحافيين. وتستطيع الحكومات على سبيل المثال تقديم امتيازات ضريبية للمؤسسات الإعلاميّة المستقلة على نحو يتسم بالعدل والشفافية ولا يُخل باستقلالية التحرير. 

- الارتقاء بالدراية الإعلامية والمعلوماتية لتوعية المواطنين كافة بشأن الفرق بين المعلومات الموثوقة والمتحقق من صحتها وبين المعلومات غير المؤكدة، وتشجيع العامة على استقاء المعلومات من وسائل الإعلام المستقلة.

- سن قانون إعلامي أو إدخال إصلاحات على القوانين القائمة لدعم الإنتاج الإعلامي الحر والمتعدّد الجوانب، بما يتماشى مع المعايير الدولية لحرية التعبير، وفي مقدّمتها المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة.