2025-08-26 01:18
تدين لجنة دعم الصحفيين بأشد العبارات الجرائم الممنهجة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحفيين في قطاع غزة خلال شهر آب/أغسطس 2025، والتي تؤكد وجود سياسة متعمدة لإسكات الصوت الإعلامي وتصفية الشهود على جرائم الحرب المرتكبة ضد المدنيين.
خلال شهر آب/أغسطس وحده، قُتل 14 صحفياً وصحفية أثناء عملهم الميداني، وأُصيب ما لا يقل عن 5 آخرين بجراح تراوحت بين المتوسطة والخطيرة، ليرتفع بذلك عدد الصحفيين الذين قُتلوا منذ مطلع عام 2025 إلى نحو 80 صحفياً وصحفية، فيما بلغ العدد الإجمالي منذ بداية الحرب على قطاع غزة 298 صحفياً وصحفية.
التفاصيل:
10–11 آب/أغسطس، استهدفت طائرة إسرائيلية خيمة مخصصة للإعلاميين عند مدخل مجمّع الشفاء الطبي في مدينة غزة بضربة جوية مباشرة، ما أدى إلى مقتل: أنس الشريف ومحمد قريقع (مراسلان – قناة الجزيرة)، وإبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة (مصوران صحفيان)، ومحمد نوفل (مساعد مصور)، ومحمد الخالدي (شبكة ساحات الإعلامية)، كما أصيب الصحفيون أحمد الحرزين ومحمد قيطة ومحمد صبح.
19 آب/ أغسطس، قُتل الصحفي إسلام الكومي جراء قصف مدفعي استهدف حي الصبرة جنوب مدينة غزة. وبعد أيام، في 23 آب، قُتل المصور الصحفي في تلفزيون فلسطين خالد المدهون أثناء تغطيته استهداف الاحتلال للمدنيين المُجوعين وطالبي المساعدات قرب "زيكيم" شمال القطاع.
25 آب/ أغسطس، ارتكب الاحتلال جريمة جديدة في محيط مستشفى "ناصر الطبي" بخانيونس، حيث قُتل حسام المصري (مصور وكالة رويترز وتلفزيون فلسطين)، ومريم أبو دقة (مُصورة صحيفة الإندبندنت البريطانية)، ومحمد سلامة (مصور قناة الجزيرة)، ومعاذ أبو طه (مصور قناة NBC الأمريكية)، والصحفي أحمد عزيز (شبكة قدس فيد)، فيما أصيب المصور حاتم أبو عمر (وكالة شينخوا) بجراح في الرأس، وأصيب المصور جمال بدح (قناة فلسطين اليوم).
25 آب /أغسطس، مقتل الصحفي حسن دوحان برصاص الاحتلال الإسرائيلي جنوب قطاع غزة.
وتؤكد لجنة دعم الصحفيين أن هذا الاستهداف المتكرر لا يمكن النظر إليه كحوادث فردية أو أضرار جانبية، بل كسياسة ممنهجة ومعلنة، وهو ما تعكسه تصريحات كبار المحللين والمعلقين الإسرائيليين. فقد دعا كبير معلّقي قناة i24 الإسرائيلية، تسفي يحزكيلي، بشكل صريح إلى قتل جميع الصحفيين في قطاع غزة قائلاً:
"إذا كانت إسرائيل قد قررت بالفعل تصفية الصحفيين، فأن تأتي متأخراً أفضل من ألا يحدث أبداً... هؤلاء الصحفيون المزعومون هم رأس الحربة للجناح العسكري لحماس، ولذلك أحسنت إسرائيل صنعاً بتصفيتهم، برأيي كان ذلك متأخراً جداً، ولا يزال هناك الكثير منهم ممن يسببون أضراراً في الصورة والوعي".
إن مثل هذا التحريض العلني على قتل الصحفيين يكشف بوضوح النوايا المبيتة ويؤكد أن ما يجري هو جرائم قتل خارج نطاق القانون، تستهدف إعدام الحقيقة جنباً إلى جنب مع أصحابها.
وتشدد لجنة دعم الصحفيين على أن استهداف الصحفيين وقتلهم يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وخاصة المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977 التي تنص على حماية الصحفيين بصفتهم مدنيين، كما يشكل جريمة حرب وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وتطالب اللجنة بفتح تحقيق دولي عاجل ومستقل في جرائم قتل الصحفيين ومحاسبة قادة الاحتلال الإسرائيلي، وتوفير حماية دولية عاجلة للصحفيين والمؤسسات الإعلامية العاملة في فلسطين، وإلزام إسرائيل بوقف استهداف الإعلاميين واحترام التزاماتها القانونية كقوة قائمة بالاحتلال.
قتل الصحفيين في غزة ليس فقط جريمة بحق الأفراد، بل هو أيضاً جريمة بحق الحقيقة نفسها، إذ يستهدف الاحتلال الإسرائيلي من خلال هذه الممارسات إخماد الصوت الحر ومنع العالم من الاطلاع على حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني. فاغتيال الصحفيين لا يُسقط الضحايا وحدهم، بل يُسقط معه الرواية الحقيقية للأحداث، ويترك المجال مفتوحاً للتضليل وطمس الحقائق. إن استهداف الإعلاميين بشكل مباشر يعني استهداف الحق المشروع للمجتمع الدولي في معرفة ما يجري، ما يجعل هذه الجرائم اعتداءً مزدوجاً: على الحياة الإنسانية وعلى حرية الصحافة، وعلى حق البشرية جمعاء في الوصول إلى المعلومة الموثوقة.
لجنة دعم الصحفيين
26 آب/ أغسطس 2025