2023-05-08 02:12
شهد اليوم العالمي لحرية الصحافة في 3 مايو 2023 استمرارية لتدهور الإعلام والعمل الصحافي في الدول العربية التي مازالت تجهل أهميته كسلطة رابعة وكمنبر ديمقراطي. ولم تعد حماية الصحفيين وتقديس عملهم موضع اهتمام السلطات.
إن الصحفيين في الشرق الأوسط يعانون بشكل عام من العمل في بيئة مقيدة للحريات بقوانيين وتشريعات صارمة وأحكام غير عادلة تجعل البعض منهم يكملون ما تبقى من حياتهم داخل السجون. لكن الصحافيـات تحديـدا ينفردن بمواجهـة اعتداءات ومضايقــات إضافيــة تعرقــل جهودهــن وتحــول دون أدائهــن لعملهــن بشــكل طبيعــي، وتدفعهــن فــي كثيــر مــن الأحيــان إلــى التخلــي عــن مهنــة الصحافــة مــن أجــل ُ تفــادي المشاكل. وعــادة مــا تمــارس تلــك المضايقــات ضــد الصحافيــات لســبب رئيــسي هو أنهــن نســاء. فالصحفيين يُقتَلون وهم يعدّون تقاريرهم الإخبارية. والصحافيات يتعرّضن للاعتداءات على الإنترنت، بما في ذلك التهديد بالقتل والاغتصاب. والمراقبة الإلكترونية تستهدف ترهيب الصحافة الاستقصائية وإسكاتها.
تعتبر التشريعات الوطنية هي العقبة الأكبر أمام الإعلام وسبب أساسي في تراجع الحريات في الوطن العربي، فعلى الرغم بأن دساتير الدول العربية تنص على أن حرية الرأي والتعبير مقدسة وهي حق للجميع إلا أن الحكومات والسلطات التشريعية قيدت هذا الحق بقوانين مخالفة للدساتير والمواثييق الدولية. القوانيين التي فرضت على المؤسسات الإعلامية والعاملين في المجال الإعلامي رقابة ذاتية مشددة لأن العقوبات الناتجة عن مخالفة تلك القوانين قاسية جداً وتلك هي السمة التي تجمع بين أغلب التشريعات العربية فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير.
شهدت الأغلبية من الدول العربية تقدم خجول على مؤشر حرية الصحافة العالمي حسب تقرير مراسلون بلا حدودو لعام 2023. إلا أن التدهور التي شهدته بقية الدول يشير بأن الحريات الإعلامية تحتضر في حضرة التشريعات الصارمة كما هو الوضع في تونس التي تراجعت 27 نقطة كنتيجة واضحة لاستيلاء الرئيس على سلطات استثنائية في عام 2021، تواترت مع تلك التدابير الاستثنائية الإيقافات والمضايقات بحق الصحفيين الذين واجهوا ضغوطًا وترهيبًا متزايدًا من المسؤولين الحكوميين فيما يتعلق بعملهم ، بما في ذلك عقوبات جنائية للتشهير وغيرها من الجرائم المزعومة. وفي الأردن التي تراجعت 26 نقطة عن العام الماضي كنتيجة للعديد من القوانين التي تعاقب على التشهير، وانتقاد الملك أو مؤسسات الدولة، أوالإضرار بعلاقات الأردن مع الدول الأجنبية، حيث يتم اعتقال الصحفيين بشكل روتيني لانتهاكهم مثل هذه الأوامر. تواجه المواقع الإخبارية متطلبات تسجيل مرهقة، والتي إذا لم يتم الوفاء بها ، يمكن أن تكون بمثابة مبرر للحجب.
الوضع السياسي والأمني والاقتصادي كان حاضراً تأثيره بشكل واضح على الحريات الإعلامية من حيث الوصول إلى المعلومات وتسييس الأخبار وتحويل المؤسسات الإعلامية إلى منابر مدح وتمجيد بأشخاص ذات نفوذ. إضافة إلى خوف الصحفيين من تبعات ممارسة المهنة في تلك المناطق كالتعذيب والقتل والخطف والتهديد والسجن وتهديد أسرهم وغيرها من الانتهاكات المهينة بحقهم مما دفع بالعديد للابتعاد عن تلك المهنة.
وبحسب مؤشر حرية الصحافة العالمي الذي يقيم ظروف ممارسة الصحافة في 180 دولة ومنطقة، شهد عام 2023 آثاراً كارثية لفوضى المعلومات التي تركّزت بشكل أساسي على انتشار المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة. وحلت الدول العربية في غالبيتها في المراكز الأخيرة، أما الدول التي شهدت تقدم خجول فذلك بسبب تطور العمل الإعلامي من خلال رصده للأخبار العالمية بطريقة مهنية ولكن القيود المفروضة عليه لازالت مستمرة في تغطية الاحداث المحلية.
لم يجد القطاع الاعلامي بيئة مستقرة له في عام 2023 ليستمر نضاله على أرض متزعزعة قانونيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنياً. ولم يعد من السهل الوصول الى المعلومات الدقيقة والتي هي حق من حقوق الصحفيين. وماتزال الرقابة المشددة على العمل الصحفي تعيق من تقدمه وأصبح استخدام تقنيات المراقبة من قبل الدول تهدد حقوقهم كبشر وكصحفيين. ولم يشهد عام 2023 أي بوادر لتحسين وتطوير العمل الصحفي بل كان نقطة انحدار كبرى لدى بعض البلدان العربية وفي مقدمتهم تونس والأردن وسوريا والبحرين والسعودية.