العلاقة بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد

2022-04-20 12:09

التقارير

كثيراً ما يثار هذه الأيام العلاقة بين الاعلام التقليدي والإعلام الجديد وعلاقة كل منهما بالآخر، كما تثار التساؤلات حول جدوى الإعلام التقليدي في ظل نمو الإعلام الجديد، فما هو الإعلام التقليدي؟ وما هو الإعلام الجديد؟ وما هي أهم سماته؟

في هذا المقال نحاول الإجابة على هذه الأسئلة.

 يعرف الإعلام التقليدي بأنه "وسائل الاتصال التقليدية من التلفزيون، والإذاعة، وقنوات الكابل، والسينما، واستوديوهات الموسيقى، والصحف والمجلات الورقية، والكتب والنشرات المطبوعة".

(تعريف الإعلام التقليدي كما جاء في رسالة الماستر للطالبة صاحبي صبيحة: اتجاهات الشباب الجزائري نحو مصادر الأخبار بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد) تخصص اتصال وعلاقات عامة، الجزائر، 2017، ص 28.

والعامل المشترك بين هذه الوسائل هي أن ملكيتها تابعة للدولة أو المؤسسات الإعلامية الخاصة والأفراد؛ لذلك هي تحت سلطة مقص الرقيب، وعرضه للقيود والاستغلال والتوجيه، إلى كل ما يخدم السلطة السياسية، أو يخدم مصالح أخرى شخصية وخاصة.

 ويعرف الإعلام الجديد بأنه "إعلام متعدد الوسائط حيث يتم عرض المعلومات في شكل مزيج من الصوت والصورة والفيديو مما يجعل المعلومة أكثر قوة تأثيرا، وهذه المعلومات هي معلومات رقمية يتم إعدادها وتخزينها وتعديلها ونقلها بشكل الكتروني".

(تعريف الإعلام الجديد كما جاء في مجلة جامعة دمشق، المجلد 26، العدد 1 ـ 2، قسم الإعلام، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 2010، ص 443) بقلم: شيخاني سميرة، الإعلام الجديد فى عصر المعلومات.

 كما أن الإعلام الجديد ملكيته عامة، لكل من يملك هاتف ذكي ويجيد استخدامه، وتتوفر لديه خدمة الانترنت، واشترك في واحدة أو أكثر من مواقع التواصل الاجتماعي، فيستطيع الاستفادة منها ونشر الأفكار التي يؤمن بها عليها، والتعبير عن أرائه بحرية كاملة دون رقيب؛ وذلك أدى إلى إنهاء الاحتكار، فالإعلام الجديد يتمتع بحرية قد تصل إلى الفوضى، ولا يخضع لرقابة من أحد سوى من المستخدم نفسه وما يتمتع به من حرية ومسئولية.

فالإعلام الجديد أتاح للإنسان العادي بكاميرته الصغيرة وهاتفه الذكي أن يقوم بدور "المخبر الصحفي"

وأستطاع كل شخص أن يكون قادرا على نقل الخبر ونشره وتوثيقه بالصورة والفيديو والكتابة؛ وهذا ما دفع القنوات الفضائية ووسائل الإعلام بمختلف أنواعها للنقل عنه باعتباره أحد مصادر الأخبار، وهذا مما يقلل من دور الإعلام التقليدي.

كما أن الإعلام الجديد استطاع توفير خصائص لم يوفرها الإعلام التقليدي، منها القدرة على التفاعل والاستجابة بين الوسيلة الإعلامية الجديدة والمستخدم، كما مكن للمستخدم عملية الانتقاء والتفضيل باختيار مواضيع أو خدمات معينة، بالإضافة إلى السرعة والانتشار والنفاذ، والدخول إلى المنازل، والوصول إلى كافة الأوساط، وعبور القارات بسهولة ودون عوائق.

وقد تباينت وجهات النظر في هذا الصدد فمنها من يرى أن الإعلام التقليدي يعاني من أزمة في التوزيع والإعلان، وعليه مواجهة الحقائق والمتغيرات التي فرضها الإعلام الجديد، ودراستها وتحليلها للخروج بأنسب الحلول العلمية ليبقى وينافس، ولإنقاذ نفسه من خطر الإفلاس والاندثار لصالح الإعلام الجديد السريع، والأقل كلفة، فقد استطاع الإعلام الجديد الاستحواذ على حصة كبيرة من ميزانية الإعلان؛ لأنه استطاع إقناع المعلنين أنه الأقدر والأكثر والأسرع انتشارا، ووصولا إلى الجماهير.

ومن ناحية أخرى يرى البعض أن الإعلام التقليدي يستطيع المنافسة، ومازال يستحوذ على حصة كبيرة من ميزانية الإعلان، ويملك القدرة والشهرة والثقة من متابعيه، كما ترى وجهة النظر هذه أن الإعلام التقليدي يملك "الخبرة" وهي ما تميزه ولا يتمتع بها الإعلام الجديد، فالإعلام التقليدي له مكانته لأنه يستقي الأخبار من مصادر موثوقة، بينما يعتمد الكثير في الإعلام الجديد على الرأي الشخصي والشائعات، فالإعلام الجديد اخذ أكبر من حجمه نظرا لكثرة متابعيه وخاصة الشباب، ولكنه ليس مقياسا لتفوقه، وأيضا لا ينكر عاقل انه استطاع إيجاد مكانا على الساحة، استطاع من خلالها منافسة الإعلام التقليدي وبشراسة.

ويرى البعض الآخر أن بعض وسائل الإعلام التقليدي أعادت بناء ذاتها، واندمجت وتكاملت مع الإعلام الجديد، وأنشأت مواقع الكترونية وحسابات على منصات التواصل الاجتماعي تابعة لها، وبات الإعلام التقليدي يتناول الكثير من القضايا التي يتناولها الإعلام الجديد ويأخذ منه باعتباره مصدراً للأخبار، كما يقوم الإعلام الجديد بتناول القضايا المطروحة في وسائل الإعلام التقليدي.

وبعيداً عن الصراع والتنافس بين الإعلام التقليدي والجديد، فضرورات العصر الآن تفرض وجوب التعاون والتكامل بين الوسيلة الإعلامية التقليدية وبين التكنولوجيا الحديثة، والاستفادة من الأدوات التي تتيحها هذه التكنولوجيا، وهكذا يتجدد الإعلام التقليدي ويتميز ويتفرد، فالإعلام التقليدي يملك العراقة والموضوعية والخبرة المتراكمة، لذا يجب تطوير المحتوى الإعلامي من حيث النص والسياسة التحريرية والصورة والشكل والمضمون.

كما يجب أيضا على الإعلام الجديد تطوير نفسه واكتساب الخبرة، وتحسين مضمونه، والبحث عن أفضل الطرق للتسويق، والعمل على التخلص من العيوب التي تتمثل في عدم البحث عن مصادر المواد المنشورة، فإذا كان الإعلام الجديد يتمتع بالحرية، فهذا لا يعفى صاحبه من المسئولية من أن يتقن المهارات الأساسية التي يتمتع بها الإعلام عموماً.

المصدر:   - MENAeditors