عن الموضوعية والحياد في الصحافة

2022-03-14 12:01

التقارير

 الموضوعية والحياد في الصحافة (خالد الحلوة)

الموضوعية في الأخبار هي أساس الصحافة والإعلام الجاد القائم على مبادئ مهنية عالية. والمقصود بالموضوعية هو مجموعة الممارسات التي إذا قامت بها الوسيلة الإعلامية بالشكل الصحيح، فإنها تجعل الجمهور يثق بها ويعتمد عليها في الحصول على المعلومات التي تهمه وتلبي إحتياجاته. والموضوعية objectivity تقوم على عدة شروط من أهمها ما يلي.

أولاً، الفصل بين الحقيقة والرأي، فكل خبر يجب أن يكون مبنياً على الحقائق والمعلومات الدقيقة التي يمكن التحقق من صحتها. فمن المتعارف عليه في الصحافة الجادة أن يكون هناك فصل تام بين صفحات الأخبار وأعمدة الرأي في الجريدة. وفي الاذاعة والتلفزيون، هناك فرق بين نشرة الأخبار من جهة، والبرامج الحوارية التي تحلل ما وراء الأخبار، من جهة ثانية. وكل خبر يجب أن يحتوي على سرد واضح للوقائع التي حدثت فعلا دون الخوض في تكهنات أو تفسيرات شخصية ليس لها إثبات أو مبرر.

ومن أهم متطلبات الموضوعية أيضاً الدقة accuracy والمقصود بها جمع وتوثيق المعلومات الصادقة والصحيحة بقدر الإمكان في ظل وجود عوائق مثل الحاجة للسرعة في نشر الخبر. ومن شروط الدقة التأكد من صحة وسلامة جميع الحقائق في الخبر مثل الأرقام والتواريخ وأسماء الأشخاص المذكورين في الخبر وصحة المقولات المنسوبة لهم. ويجب أن يكون لدى الصحيفة وسيلة لتصحيح الأخبار في حالة حدوث أخطاء. وكثير من الصحف تخصص زاوية خاصة بالتصحيحات corrections تنشر فيها تصحيح لأي معلومات خاطئة وردت في الجريدة وتقدم الاعتذار للأشخاص الذين أخطأت الجريدة في حقهم.

ولا تكتمل الموضوعية إلا بعنصر ثالث وهو الحياد neutrality وهو عدم تفضيل جانب على آخر أو وجهة نظر على أخرى، وهو بذلك تحقيق لمبدأ التوازن balance وهو العدل والإنصاف عند عرض وجهات نظر مختلفة حيال قضية أو صراع أو جدل يهم المجتمع. والتوازن لا يعني بالضرورة منح مساحة أو وقت متساوي لجميع أطراف القضية، ولا يعني معاملة جميع الأطراف بالمثل. فمثلاً، في حالة وقوع جرائم أو اعتداءات على الأبرياء، ليس من المنطقي أو المقبول منح نفس الاهتمام لوجهة نظر المجرم أو المعتدي. وليس من المقبول أيضا إعطاء مساحة لأصحاب الآراء العنصرية أو التي تروج للعنف أو الكراهية.

كما أن الحياد هو عكس الإنحياز bias والانحياز هو ميل إلى طرف ضد آخر. والإنحياز قد يكون مقصودا أو غير مقصود. فالإنحياز المقصود هو عندما تكون الوسيلة الإعلامية ذات توجه سياسي أو فكري واضح وتسعى لتغليب وجهة نظرها دائما بشكل واضح وهذا ينقلب إلى دعاية (بروباجندا propaganda) والجمهور في الغالب يستطيع إكتشاف ذلك.

أما الإنحياز غير المقصود فهو أقل وضوحا ويأتي بسبب الخلفية الإجتماعية الثقافية والسياسية للمؤسسة الإعلامية، أو للصحفي نفسه، فقد يختار المواضيع التي تتوافق مع اتجاهه ويصيغها بأسلوب منحاز وبمفردات سلبية أو إيجابية منحازة حتى دون أن يدرك ذلك.

وعلى أرض الواقع، هناك صعوبات في تحقيق جميع شروط الموضوعية. لذلك يقول بعض المختصين أن الموضوعية هي مصطلح مثالي يستحيل تطبيقه على أرض الواقع، فكل وسيلة إعلامية لها ميول وتحيز خاص بها لا تستطيع التخلص منه. ولكن الحل هو في السعي نحو أكبر قدر من الموضوعية، ودعم ذلك بمزيد من الشفافية والنزاهة في العمل الصحفي.