دليل السلامة الجسدية: كيف يحمي الفريق الصحفي نفسه في التقارير التعاونية؟

2022-02-24 04:05

التقارير

دليل السلامة الجسدية: كيف يحمي الفريق الصحفي نفسه في التقارير التعاونية؟ 

(محمد مكاوي-ijnet)

مع استمرار الصراعات والنزاعات، يشهد العالم المزيد من الحوادث الأليمة التي تؤثّر على الصحفيين والصحفيات أثناء مزاولتهم المهنة؛ وإذا كان الخطر يبدأ منذ اللحظة الأولى، فإنّ الاستعداد للتجنب والمواجهة هو أسلم تصرّف وأهم خطوة في عمليات التغطية في أي مكان في العالم. وشهدت السنوات المنصرمة اعتداءات جسيمة مباشرة وغير مباشرة على المراسلين والمصورين الصحفيين في عدد من الدول. ولذلك، كان لا بد لشبكة الصحفيين الدوليين إعداد هذا الدليل الذي يتناول إعداد خطة السلامة وتحضير حقيبة السلامة التي لا بد منها عند التواجد في الأماكن الخطرة.

السلامة أولاً؛ لقد قرأتم هذه العبارة آلاف المرات في الكثير من المواقع ومراكز العمل. وبالنسبة للعمل الصحفي خصوصاً في مناطق الصراع أو في المجتمعات الحسّاسة، فإنّ هذه العبارة هي الخطوة الأولى في إعداد أي تقرير أو أثناء القيام بأي تغطية ميدانية، فكيف إذا كان الحال هنا في إعداد التقارير التعاونية.

يكمن التحدي الأبرز أثناء إعداد تقارير تعاونية بتحوّل ذهنية الصحفي من المنافسة إلى التعاون. وبحسب الصحفية برناديت غايير، فإنّ التقارير التعاونية لها قيمة مضافة يمكننا تلخيصها بما يلي:

  • إنها أداة لتجاوز الإنحياز والأحكام المسبقة.
  • تؤمن تغطية أفضل لبعض القضايا وتساهم في خلق مجتمع مطّلع أكثر.
  • تأمين التعددية بالنسبة لمن تتم تغطية قضاياهم.
  • إنحياز أقل في الأخبار.
  • تحسن الثقة في الصحافة.

وعندما يقرر أي صحفي أو صحفية القيام بتقارير تعاونية، وبعد القيام بعدد من الخطوات الأساسية والاتفاق على كافة جوانب التغطيات وحدود العمل الخاصة بكل طرف، يجب التحضير للعمل الميداني عبر إعداد خطة وحقيبة السلامة.

فما هي حقيبة السلامة الجسدية وماذا تتضمن؟ إضافة إلى ذلك، نضع بين يدي الصحفيين مجموعة واسعة من الأدلة الإرشادية والأدوات التي تسهّل مهامهم وتحميهم في حال الخطر.

أولاً، مراجعة الأدلة الإرشادية المتوفرة حول سلامة الصحفيين

يوجد العديد من الأدلة الإرشادية التي تساعد الصحفيين العاملين في مناطق النزاع أو الراغبين بإجراء تغطيات في مناطق عدم الاستقرار أو تلك التي تشهد أحداثاً آنية على المستوى الأمني. ولعلّ أبرز هذه الأدلة هو دليل حماية الصحفيين، المتوفر بلغات عدة منها العربية.

إضافة إلى ذلك، نشر الاتحاد الدولي للصحفيين في العام ٢٠٠٣ دليلاً كاملاً حول سلامة الصحفيين في الميدان، وهو كتاب كامل تحت عنوان: دليل نجاة الصحفيين.

كما يجب على الصحفيين الراغبين بالعمل في أي تغطية تعاونية أو تغطية ميدانية الاطلاع على مبادئ الإسعافات الأولية. وتقدّم مؤسسة "مراسلون متمرسون لإنقاذ الزملاء" تدريبات معمّقة في الإسعافات الأولية في مناطق النزاع.

وبإمكان الصحفيين متابعة أخبار الزملاء الذين يتعرّضون لأي أعمال تُهدد عملهم أو حياتهم من خلال منصة "INSI". كما تتيح مؤسسة "روري بيك" للصحفيين المستقلين العاملين في مناطق النزاع التقدّم للحصول على تمويل للتدريب على السلامة أثناء العمل.

ثانياً، إعداد خطة السلامة العامة

تبدأ الخطوة الأولى بالقيام بعملية تقييم المخاطر. عندما نتوجه إلى الميدان لكي نقوم بالتغطية، يجب علينا أولاً معرفة المكان معرفة تامّة، ووضع سلّم تقييم للمخاطر التي يمكن أن تحدث مع اتخاذ إجراءات تحمينا أثناء العمل. وهنا تجدون استمارة نشرتها لجنة حماية الصحفيين، وهي مؤسسة دولية تُعنى بالدفاع عن الصحفيين في ميادين شتى. هذا النموذج يساعدكم في تقييم المخاطر وإعداد خطة المواجهة. يجب على الصحفي معرفة أطراف النزاع بشكل جيد، دراسة خرائط منطقة التغطية، الأزياء العسكرية التي يرتديها أطراف النزاع، معرفة أنواع الأسلحة المستخدمة للتعرّف على أي خطر كامن كالقنابل البيولوجية أو الكيميائية، دراسة مواقيت القصف أو إذا كان هناك قصف عشوائي، والأهم هو معرفة تواجد مراكز الأمان أو قوات الحماية الدولية إن وُجدت وكيفية الوصول اليها.

بعد الانتهاء من تقييم المخاطر توصي اللجنة باطلاع من يجب على خطواتكم التالية، وما هي الخطوات التي ستقومون بها في حال وجود خطر حقيقي وداهم. فإذا كان الصحفي يعمل في مؤسسة لها تراتبية هرمية يجب إطلاع رئيسه والمعنيين على خطة تقييم المخاطر، لكي يعلم المسؤولون كيف سيتحركون في حال وقوع أي حادث إصابة أو خطف أو اختراق معلوماتي. وإذا كان الصحفي يعمل بشكل مستقلّ، يجب عليه إطلاع زملاء له عن خطة التقييم، أو إخبار المقربين منه بخطة عمله.

وبعد القيام بعملية تقييم المخاطر والتأكد من الخضوع لدورات تدريبية في الإسعافات الأولية والأمن الرقمي، يجب إعداد خطة للتواصل، بحيث يكون هناك اتصال آمن بين الصحفي والمؤسسة التي يعمل معها وبشكل دائم ومستمرّ. ومن المفيد أيضاً عمل تأمين صحي للصحفيين للتغطية في حال وقوع أي حادث.

ثالثاً، إعداد حقيبة السلامة وماذا تتضمن

تأتي هذه الخطوة قبيل المغادرة إلى الميدان، وهي أساسية بقدر الخطوات السابقة. وبعد التأكد من المعدات الخاصة بالعمل، يأتي دور حقيبة السلامة والطوارئ.

تتألف الحقيبة من معدات الحماية الشخصية وبعض الأدوات الأساسية للإسعافات الأولية. وبعد إجراء عملية تقييم المخاطر التي تحدثنا عنها، يستنبط كل صحفيّ لائحة بأدوات الحماية الشخصية الأساسية التي يجب أن تتوفر في الحقيبة. وتأتي أدوات الحماية على درجات متفاوتة، كل منها بحسب ميدان التغطية. فالسترة الواقية من الرصاص ثقيلة الوزن مثلاً وقد لا تكون مناسبة أثناء تغطية الاحتجاجات حيث لا يوجد أي قصف أو استخدام للرصاص الحيّ.

نصائح عامة عند اختيار أدوات الحماية الشخصية

  • يجب على الصحفي أن يتقن استخدام الأدوات أو الخضوع لدورات تؤهله لذلك.
  • يجب التأكد من صلاحية عمل الأدوات وعدم وجود أي كسور أو خدوش من شأنها أن تعطلها. عند الشكّ، استبدل الأدوات فوراً.
  • يجب مراعاة ألا تكون مظاهر الأدوات عسكرية.
  • يجب اختيار ألوان مناسبة للأدوات، فاللون الأزرق يُفضّل غالباً على الأسود أو الكاكي، أما في حال أراد الصحفي أن يكون مدمجاً مع فرقة عسكرية، فاللون الأسود أو الأزرق يُسهّل استهدافه. كما يجب تقييم عملية وضع كلمة "صحافة" على الدروع الواقية حسب الوضع الميداني.
  • الانتباه إلى أنّ بعض الأدوات مثل الدروع الواقية والخوذات قد تكون بحاجة لرخص في المطارات والمعابر.

وتتألف أدوات الحماية الشخصية من:

  • سترة واقية: وهي ثلاثة أنواع: سترة واقية ضد الرصاص وتسمى بالستية، وهي ثقيلة الوزن بشكل عام. سترة واقية ضد الرصاص الخفيف والطعن وهي أخف وزناً. سترة واقية ضد أدوات الشك مثل الإبر والمخارز.
  • خوذات الرأس: النوع الأول هو ضد الشظايا والرصاص، حيث يسمح تصميمها بحرف الرصاصة وحماية الرأس. النوع الثاني هو الخوذات الأخف وزناً ولكنها غير مقاومة للرصاص بل تحمي من الهراوات والعصي والحجارة. النوع الثالث هو الخوذ الرياضية التي يمكن استخدامها للحماية من العُصي والحجارة.
  • النظارات الواقية: وهي على نوعين، الأوّل للحماية من الشظايا والدخان الناجم عن التفجير أو القصف. النوع الثاني هو المستخدم في بعض أنواع الرياضات، حيث يحمي من الغبار والحجارة.
  • حماية الأذنين: النوع الأول هو المستخدم في ميادين النزاعات حيث أنه يحمي حاسة السمع والأذن بشكل كامل. النوع الثاني هو سدادات الأذن المصنوعة من البوليريتان، وهي خفيفة الوزن وغير مرئية. أما النوع الثالث فهو فلتر الأذن المصنوع من البلاستيك المقوى حيث أنه يمنع أصوات الانفجارات والأسلحة الآلية ويمكن قولبته على شكل الأذن.
  • أما بالنسبة لحماية الجهاز التنفسي، فلدينا أولاً القناع المضاد للغازات المسيلة للدموع، وهو قناع يغطي كامل الوجه، ويحتوي على فلتر. يمكن استخدام هذا النوع من الأقنعة في مناطق الاشتباكات، الاحتجاجات وغيرها. تجدر الإشارة هنا إلى أنّ هذا النوع من الأقنعة يخضع للمراقبة ويجب التأكد من القوانين في كل دولة. ويوجد نوع ثانٍ من الأقنعة وهو مضاد للغبار والجزيئيات الصغيرة بما فيها الفيروسات (كفيروس كوفيد-١٩) مثلاً.
  • واقيات الكتف والركبتين: ليست أساسية لكنها تساعد في حماية الصحفيين في حال السقوط أو التعرّض للضرب المباشر خصوصاً عنف القوى الأمنية أثناء تغطية الاحتجاجات وهي مصنوعة من البلاستيك المقوّى والمطاط.
  • سترة ذات لون فاقع: وهي أساسية في حال الكوارث الطبيعية حيث تُصبح الرؤية صعبة أو شبه منعدمة، يُساعد اللون الفاقع في تجنب حوادث الدهس.
  • حقيبة الإسعافات الأولية: يجب أن تحتوي حقيبة السلامة على عدة إسعافات أولية تتضمن التالي:
  • ضمادات لإيقاف النزيف.
  • شريط طبي لاصق.
  • قفازات طبية.
  • سائل السالين.
  • معقمات.
  • ثلج فوري في حالة الكسور.
  • شريط للحماية من الحريق/البرد.
  • بعض الأدوية الأساسية ضد الألم أو المسكنات.

يجب التأكد من صلاحية كل ما سبق وبشكل دوري لتجنب الفشل في حال وقوع حادث.

وبشكل عامّ، يجب على الصحفي تجنّب ارتداء ملابس سوداء أو مرقّطة، عدم ارتداء ملابس عليها شعارات، وانتعال حذاء يغطي الكاحل وفيه شرائط لمزيد من الحماية. كما يجب وجود بعض الأمور الأساسية كمصباح كهربائي، وشواحن للهواتف النقالة.

تتمنّى شبكة الصحفيين الدوليين السلامة لجميع العاملين في الميدان!

الصورة الرئيسية من إعداد الكاتب.