2022-02-09 01:42
إن رجعنا إلى تعريف وسائل الإعلام ودورها ووظيفتها فإنها تقوم على نقل الأحداث والأخبار التي تحصل في المجتمع والعالم كي يكون الناس على اطّلاعٍ دائم بما يحدث حوله لعدّة أسباب أهمها الاستفادة من الأخطاء، وتوخّي الحذر، ومعرفة كيفية التصرّف.
لكن، هناك جزء أساس لا بدّ أن يؤخذ بعين الاعتبار فيما يخص وسائل الإعلام وهو "رضى الجمهور". لكن وبسبب التحليل الشخصي وكثرة الأفكار والآراء، اختلف مفهوم هذا من شخص الى آخر.
كيف يترجم البعض من وسائل الإعلام والناس رضى الجمهور؟
يقول الطرف الأوّل أن الإعلام وأخباره يجب أن تكون بما يُرضي رأي الجمهور ومواقفه. أي بصورة أوضح، أن تخرج الأخبار بما يخدم مصلحة هؤلاء وبما يعبّر عن مواقفهم كي تنال الجهة رضاهم. فهؤلاء يعتبرون أن الجمهور هو الطرف الأهم في هذه العملية الإعلامية، وهذه الأهمية تظهر في إرضائهم وتقديم ما يريدون سماعه.
فهل هذا هو التعريف الحقّ لهذا التعبير؟
إن مفهوم الرضى عامّة يتفسّر في تقديم المعلومات والأفكار والتصرّفات التي ترضي طرفًا ما من أجل أن يشعر بالاكتفاء النفسي من هذه الجهة. لكن عندما نتحدّث عن الإعلام، لا بُدّ أن ننتبه لتغيّر التفاسير والتفاصيل بما يخدم الهدف الأساس لهذه الوسيلة الجماهيرية وفقًا لما يتناسب مع القوانين الدولية والأحكام الأخلاقية وغيرها.
يرى الكثيرون كما ذكرنا سابقًا أن تحقيق رضا الجمهور يتمثّل بالمواضيع السياسية، أي تغيير الوقائع السياسية بما يخدم مصالح هؤلاء ورغباتهم التأييدية. فعلى سبيل المثال، إن كان جمهور ما من أتباع أحد الأطراف السياسية، وقام هذا الطرف الأخير بالوقوع في الأخطاء عمدًا أو جهلًا، وهذا وارد دائمًا في السياسة، لا يرغب مثلًا جمهور هؤلاء في كشف هذه الأخطاء والإفصاح عنها. بل إن البعض يرغب حتّى في تغيير التفاصيل أي بصورة أوضح القيام "بتزويرها" وتبديلها كي يرضى هؤلاء.
وهذا هو الخطأ الأكبر في هذا المجال. يمكن لوسائل الإعلام تحقيق رضا الجمهور وجذبه على اختلافه من خلال مواضيعٍ عدّة بعيدًا عن السياسة. على سبيل المثال، يوجد الكثير من البرامج الثقافية والرياضية والاجتماعية والاقتصادية المتنوّعة التي يمكن أن تجذب أعدادًا كبيرة من الجمهور. فنرى مثلًا الكثير من المحطات التلفزيونية التي تخصّص نفسها بمسارٍ إعلامي واحد، مثل Bein Sports مثلًا المتخصّصة في الرياضة، أو National Geographic المتخصّصة أو المهتمة في أمور الطبيعة والحيوان. من خلال هكذا محطات وجهات، يمكن للجمهور تحديد الجهة التي يلجأ إليها وفقًا لأهوائه وطلبه.
وعليه، إنّ التعليل أو الفهم الخاطئ لرضى الجمهور جعل الكثير من وسائل الإعلام تقع في الكثير من المشاكل من الناحية القانونية والأخلاقية.
فما هي تلك المشاكل؟
إن القوانين الدولية وحقوق الإنسان والمواثيق الدولية التي تضمن تفاصيل عمل وسائل الإعلام تُحتّم على هذه الوسائل احترام الجمهور العام بشكل جامع وليس احترام أحد الأطراف دون الآخر. بالإضافة إلى ذلك، وهو الجزء الأكثر أهمية في العمل الإعلامي والصحافي، هو العمل بموضوعية تامّة لنقل الأخبار والأحداث للجمهور كما هي. فلا يجوز قانونًا وأخلاقًا تبديل المعلومات أو التفاصيل من أجل إرضاء جهةٍ ما.
إذن، كيف يجب أن تتصرّف وسائل الإعلام في هذه الحالة؟
على وسائل الإعلام أن تضع نصب أعينها أمرين أساسين، هما القوانين ورضا الجمهور شرط أن يكون رضا هذا الأخير مندرجًا تحت نطاق القانون الدولي والأخلاقي. وعليها أن تعلم أنه في حال خالف رضا الجمهور الجزء الثاني، على الوسيلة الإعلامية حينها أن تراجع ما تعرضه وتعيد النظر في محتواها وتحرص على مراعاة كل هذه التفاصيل.
لكن على المقلب الآخر، للجمهور دور كبير وفعّال أيضًا في هذا المجال حيث عليه أن يعلم أنه أي كان الطرف الذي يؤيده ويُعلن انتماءه له، لا يجب أن ينسى هدف وسائل الإعلام وألّا يلومها على أي انتقاد أو نقد بنّاء تقوم به، أو عرض الحقائق والفضائح. فالإعلام هو السلطة الرابعة المنوطة بجانب القضاء محاسبة السياسيين والفاسدين والعمل على كشف الحقائق. والهدف دائمً خدمة هدف الإعلام الأساس، ألا وهو قول كلمة الحق ومواجهة كل باطل.