دور الإعلام في الحفاظ على نزاهة العملية الانتخابية

2021-11-15 10:53

التقارير

تعتبر الانتخابات من أهم الوسائل التي يعبّر الفرد من خلالها عن مواقفه السياسية العامة من خلال الإدلاء بصوته الانتخابي لأحدهم أو حتى وضع ورقة بيضاء تستثني جميع الأسماء المذكورة على اللوائح الانتخابية. بذلك، يصل إلى السلطة أولئك الذين قد اختارهم الشعب لبرامجهم الانتخابية وأهدافهم المستقبلية التي يتوجب أن تكون في سبيل الوطن والشعب.

 تلعب وسائل الإعلام الدور الأبرز والأكثر تأثيرًا في إظهار هذه المشاريع للعلن حيث باتت الانتخابات تعتمد اليوم بجزئها الأكبر على قوة ظهورها على القنوات ومنصات التواصل الاجتماعي. فدفع الأموال الطائلة لم يعد كما في السابق يقوم بشكل كامل على تعليق اليافطات والصور والإعلانات وإرسال من يدعو الناس إلى انتخاب أحد المرشّحين أو حتى حضور المرشح شخصيًا إلى الأحياء وبين الناس. فاليوم، فلا يحتاج المرشح إلى كل هذا المجهود بعد ظهور وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي  فبات من السهل دفع تلك الأموال مقابل الخدمات التي تقدمها هذه المنصات، بالإضافة إلى صفحات التواصل الخاصة به.

لكن، وبعد بروز هذا الدور الكبير والمُسيطر لشبكات التواصل والإعلام، ظهرت معها مباشرة ظاهرة خطيرة جدًّا وهي انقسام وسائل الإعلام وفقًا لتوجهات أصحابها السياسية. ففي حين تُعتبر وسائل الإعلام أحد سبل إظهار الحقائق والمعلومات بموضوعية وشفافية، غابت هذه الخصائص من وسائل إعلامنا هنا وخاصة في الدول العربية التي تخضع فيها هذه المنصات إلى أصحاب المال تارةً وإلى السياسيين تارةً أُخرى… أو حتى إلى الاثنين معًا فالسياسة هنا يشغّلها أصحاب الأموال وفقًا لأهوائهم فيستغلون أموالهم من أجل خلق النفوذ والمراكز المزيفة.

لذلك، وُجب تسليط الضوء على بعض الممارسات الخاطئة التي تقوم بها وسائل الإعلام في خلال مرحلة الانتخابات وما قبلها من حيث التوجّه نحو عرض البرامج الانتخابية للمرشّح صاحب الأموال أكثر، بالإضافة إلى تسييس المحتوى بما يخدم مصلحة هؤلاء وسيطرة خطاب الكراهية وغياب النزاهة والشفافية عن العملية كاملةً.

لا شك أن القنوات الإعلامية تهتم اليوم بجني الأموال حيث يُعتبر هذه السبب الأول والأساس لمعظم المحطات التلفزيونية اليوم، لكن  لا بُدّ من ترك مساحة ولو ضئلية جدًّا للحفاظ من خلالها على الهدف الأساس للإعلام وهو نشر الحقائق وتزويد الجمهور بالمعلومات بأفضل الطرق وأسهلها وأكثرها سلاسةً.

بين وسائل التواصل الاجتماعي، ومحاسبة المسؤولين، والضغوط التي يتعرض لها المسؤولون في غرفة الأخبار، من الواضح أن تغطية الانتخابات هي واحدة من أصعب المواقف في الصحافة. لذلك، سألت مؤسسة طومسون Thomson Foundation عددًا من العاملين في مجال الإعلام عما يعتقدون أنها التحديات الرئيسة التي تواجه الصحفيين الذين يقومون بتغطية الانتخابات وكيف يجب التعامل معها، وكانت ردودهم كالآتي:

  • أجابت شيرين جورج من جامعة نانيانغ للتكنولوجيا أنه لا يمكننا أن نمنع رجال الأعمال والمال من خوض العملية الانتخابية والمشاركة فيها، لكن على الأقل يمكننا توفير الأجواء والعوامل التي تحافظ على سير العملية بالشفافية الكافية.
  • ردّت ميلينا دي جيسوس من مركز حرية الإعلام ومسؤوليته بقولها أنه لا بد وسائل الإعلام أن تميّز فئة من السياسيين الذين يدعمون وسائل الإعلام لإضافة نكهتهم الخاصة عليه أي الخط السياسي والتوجّه. لذلك، لا بد لهذه العملية أن تتمتع بالمراقبة من قبل الدولة لحفظ سير عملياتها.
  • ذكر توم كنت أحد صحفيي وكالة الأنباء أن العملية الانتخابية لا تقوم على شخص المرشّح بل على برنامجه الانتخابي والأهداف التي انضم لأجلها إلى معترك السياسة. على وسائل الإعلام أن تسعى إلى إيصال وجهات نظر وأهداف جميع المرشحين للعملية الانتخابية وذلك من أجل ضمان حيادية وسائل الإعلام ونقلها للأحداث شفافية بالإضافة إلى ضرورة أخذ مواقف الأفراد بعين الاعتبار، فهم يشكلون الفئة المستهدفة.
  •  قام ايدين وايت من شبكة الصحافة الإخبارية بذكر مجموعة من الخطوات التي يجب اتّباعها في خلال هذه العملية الانتخابية وما قبلها من أجل تحقيق أهدافها الأساس. على وسائل الإعلام والناخبين أن يقوموا معًا بعدة خطوات تُسهم في تقريب الناس نحو بعضهم البعض وبالتالي تقريبهم من المرشحين. فتلك الأصوات المؤثرة يجب أن تُسمَع وأن يؤدي صداها دورًا مهمًا في المجتمع. على المرشح أن يترك الغرف المغلقة المليئة بالحواسيب وأن يتوجّه نحو الناس باختلاف توجهاتهم وأطباعهم ومواقفهم السياسية والاستماع إليهم وتوفير الفرص الملائمة لهم للتعبير عن أنفسهم.
  • قال مرتجزا غولام سولانكي من شبكة الأخبار الإذاعية بأن تحقيق المساواة ليس الهدف، بل هو تحقيق العدل في التغطية لجميع المرشحين من أفراد وأحزاب سياسية. 
  • أجابت بيتّين بيترز من مؤسسة طومسون على السؤال بقولها أنه ليس من الكافي الاستماع إلى المؤتمرات وحسب بل يجب الاستماع إلى مختلف الأفراد ذوي الأفكار والأوضاع الاجتماعية المختلفة.

نعم، إن إجراء الانتخابات في دولة ما وإعطاء الشعب الحق في تقرير مصيرهم واختيار حكّامهم يدلّ على ديمقراطية الدولة واحترامها لحريّات الأفراد. لكنّ، إن كان سير هذه العملية الدمقراطية يخضع لحكم أصحاب المال والسياسة حيث يصل إلى السلطة الرجل الأقوى سياسيًّا أو الأكثر امتلاكًا للمال والنفوذ في ظل غياب الرقابة والشفافية وليس من يختارهم الشعب، فهل هذه هي بالدمقراطية إذن؟

لا يكفي من الدمقراطية إدلاء الصوت الانتخابي في المربّع الخاص بالأوراق وحسب، لكن الدمقراطية حقًّا تكمن في احترام هذه الخيارات واتّسام  العملية بالنزاهة والشفافية لوصول من يستحق ذلك حقًّا.