الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين ليس قدراً محتوماً.... فكيف يمكن مكافحة هذه الظاهرة وحماية الصحفيين لحماية الحقيقة؟

2021-11-01 01:19

التقارير

بالعودة إلى التعريف الأساسي للصحافة، فإنها تقوم على جمع الأخبار وتحليلها والتحقّق من مصداقيتها ونقلها إلى الجمهور. عادةً ما تكون هذه الأخبار محلية أو إقليمية أو دولية تتعلّق بالشأن السياسي أو الرياضي أو الثقافي أو غيره.

فهل ما تزال الصحافة اليوم تحمل ميزات وتفاصيل هذا التعريف؟

يتقدم العالم اليوم ويتطوّر بوتيرة لم نشهدها من قبل، حيث بتنا نشهد يوميًا تبدلات وتغيرات واضحة على مختلف الصعد، ليست المادية والملموسة منها فقط، بل حتى المبادئ والمفاهيم وخاصة تلك المرتبطة بالصحافة والصحفيين.

ووفقًا لتقرير الفيديو المرفق الصادر عن اليونسكو (2020)، فمنذ عام 1993، قُتل 1438 صحفيًّا. لكن النقطة الأكثر مدعاة للصدمة أنه من بين 10 حالات قتل لصحفيين، تنتهي قصّة واحدة فقط بتحقيق يضمن محاسبة الجاني والقاتل.

تختلف أشكال الحوادث التي يواجهها الصحفيون اليوم. اعتدنا مسبقًا أن نسمع أخبار موت الصحفيين في خلال التغطيات المباشرة نظرًا لخطورة هذه المواقف. أما اليوم، ومع تبدّل المبادئ وسيطرة المال على مختلف جوانب الحياة إن لم يكن جميعها، بات الحكم في أيدي هؤلاء الذين يملكون الحصة الأكبر من المال. فيُقتل الصحفيون اليوم على يد هؤلاء الذين يرغبون في إخفاء إحدى الحقائق ويرفضون إظهارها للعلن. يدفع صحفيون لا ذنب لهم سوى ممارسة مهنتهم بنزاهة ثمن خطاياهم وجرائمهم وفسادهم.

فهل تتحقّق العدالة؟

إن المشكلة الأكثر خطورة هي عدم القدرة على إدانة المجرمين ومقاضاتهم والنيل منهم في مختلف الدول وذلك لأسبابٍ عدّة، أبرزها  نقص الموارد المالية، الفساد وغياب الشفافية، ونقص المعرفة بالممارسات الصحيحة للتحقيق في هذه الجرائم.

هل هناك من حلول قد تساهم في تحقيق العدالة والاقتصاص من الداني؟ أم أن الإفلات من العقاب سيبقى الطريق الوحيد؟

تتمحور الفكرة الأساس، والتي تُعتبر إحدى الطرق الأساس لمحاسبة المجرمين بحق الصحفيين، حول طريقة وآلية إظهار الجريمة للعلن والمحتوى الخاص بها. إن فكرة عرض الجريمة على أنها جريمة فردية ستؤدي حتمًا إلى إفلات المجرم أو القاتل من العقاب، فالطريقة الصحيحة بل الأصح تتمثل في إظهار وإعلان الحدث كاعتداء على صحفيين يستهدف حرية الرأي والتعبير والحق في الوصول إلى المعلومات.

إضافة على ذلك، يلعب الجسم القضائي الدور الأهم في هذا المجال.  فتعيين قُضاة يتمتعون بالاستقلالية السياسية والنزاهة والشفافية في التحقيق سيؤدي دورًا مهمًا جدًا في تسريع عملية البحث عن الحقائق والعثور عليها، وكذلك ضمان عدم الانجرار وراء التبعيات السياسية والطائفية أو الرغبة بالنفوذ والمال.

بالتوازي، تلعب منظمات المجتمع المدني، محاكم حقوق الإنسان الإقليمية، والجهات القضائية الفاعلة، بالإضافة إلى المنظمات الدولية، دورًا بالغ الأهمية في هذا المجال. فتوعية الناس على فكرة الصحافة ومفهومها وحساسية دورها في المجتمع وتأثيرها على مجريات أحداث حياة الناس سوف يسهم حتمًا في زيادة نسبة مطالبة الناس بحقوق هؤلاء الصحفيين، انطلاقًا من فهمهم الصحيح والعميق لدور هؤلاء.

لذلك، ومع حلول اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين في الثاني من شهر تشرين الثاني- نوفمبر، تجدد الدعوة للجهات المختصة إلى العمل الدؤوب لملاحقة هؤلاء المجرمين بشتى الطرق الممكنة للحفاظ على حقوق الصحفيين وضمان سلامتهم.