التغطيات الإخبارية المباشرة: بين ميزاتها ومخاطرها ونصائح للتغلب على صعوباتها

2021-10-14 09:56

التقارير

رغم تضافر جهود العديد من المنظمات والجمعيات والمؤسسات المحلية والدولية، الحكومية وغير الحكومية، في مختلف الدول، ما زال الصحفيون يواجهون الكثير من الاعتداءات والانتهاكات بشكلٍ مستمر وشبه يومي خلال قيامهم بمهامهم الصحفية.

وبينما يؤكد الجميع على حق الصحفيين في الحماية من مثل هذه الانتهاكات، يتوجب على الصحفيين أيضاً الالتزام بميثاق شرف الصحفيين وأخلاقيات المهنة لفرض احترامها أيضاً.

ولأننا في عصر الكلمة فيه سلاح أكثر فتكًا من البندقية وتتردد وتنتشر بسرعة صادمة، أصبح المجال المكتوب (كتابة وتحريراً في الصحافة) من أقل الأعمال خطورةً للصحفي، حيث يمكنه تعديل المعلومة أو نسخها أو حتى الاعتذارعما قد يكتبه سهواً، لتكون المسؤولية الكبرى خلال التغطيات المباشرة على الأرض، وفي الميدان ومع الناس وبينهم: فما يقال أو يُفعل لا يمكن محوه أو شطبه من أذهان المتلقين.

فما هي الضوابط التي يجب أن يلتزم بها الصحفي في مجال عمله؟ ما هي سلبيات هذا الشق من العمل عمن سواه؟ وما هي النصائح المقترحة في هذا المجال؟

أورد موقع الجزيرة (2020) بعض المبادئ الأخلاقية والمعايير التحريرية التي يجب أن يستعين بها الصحفيون بحسب ما يشير الدكتور حسن المجمر، ومنها:

  • ميثاق الشرف المهني على المستوى الدولي والإقليمي (الاتحاد الدولي للصحفيين، اتحاد الصحفيين العرب، اتحاد صحفيي افريقيا)
  • ميثاق الشرف المهني الخاص بنقابة أو جمعية أو اتحاد الصحفيين في كل بلد.
  • ميثاق الشرف المهني الخاص لدى المؤسسة الإعلامية المعنية.
  • دليل السلوك المهني للصحفيين العاملين لدى المؤسسة الإعلامية المعنية.
  • المعايير التحريرية الخاصة بإنتاج ونشر المحتوى الإعلامي لدى المؤسسة الإعلامية المعنية.

وأشار المجمر أيضًا إلى بعض أهم المبادئ الأخلاقية التي يجب أن تحكم سلوك الصحفيين والمؤسسة الإعلامية، مثل:

  • الدقة في نقل المعلومات الإخبارية، واللغة المباشرة والواضحة
  • اعتماد الدقة والوضوح في نقل المعلومات للعلن
  •  الحياد والتجرد من الانحياز أو تأثير الأفكار المسبقة
  • النزاهة واحترام الاستقلالية وعدم التحيز في نقل المعلومات وعرضها
  • الموضوعية: الالتزام بالموضوع، والوزن السليم للأدلة والوقائع والفرص المتكافئة للأطراف
  • مبدأ عدم التمييز الذي مراعاته بصفة دائمة لأن الإنسان كونه إنسان يظل هو المحور بغض النظر عن دينه أو لونه أو لغته أو عرقه أو جنسه او رأيه السياسي أو غير السياسي أو أصله الاجتماعي أو وطنه، أو مركز والديه
  • التوازن في تقديم وعرض المحتوى بما يكفل الحق للرأي والرأي المخالف

لكن ما يجب ذكره هو أن التطور المستمر الذي يلحظه العالم ويعيشه يجعل الصحفي أمام تحديات دائمة لمواكبة العصر وإعانة نفسه ليكون قادرًا على تخطي جميع الصعوبات وتقديم أفضل ما لديه دائمًا في سبيل خدمة مهنته ومن يثقون به من مشاهدين ومتابعين من خلف الشاشة. تزداد مسؤولية الصحفي في حال كان عمله يتضمن أيضًا التغطية الصحفية المباشرة حيث تزداد المسؤوليات على كاهله، وكذلك نسبة الخطر المحيطة به.

نعرض هنا بعض المشاكل التي قد يعانيها الصحفي خلال مواكبته المباشرة للحدث وفقًا لما جاء في دراسة أعدتها كلية دلهي للفنون والتجارة:

  1. التأكد من كونك الناقل الأول للخبر
  2. معرفة أن المعلومات التي نشاركها مع العلن لم نتحقق من صحتها سلفًا لأنها معلومات اللحظة
  3.  المساومة على سلامة المصدر
  4. المساومة على عمل الأجهزة الأمنية أو إفشاء معلومات حساسة وغيرها مما ورد في المصدر

 يُنظر إلى التقارير المباشرة على أنها مثال للربط بين الجماهير والأحداث في الوقت الفعلي للحدث فلا قدرة على التنبؤ ببث الأحداث خارج غرفة الأخبار. لذا تمثل التقارير المباشرة أيضا تحديًا لوجستيًا، مما يمنح الصحفي القدرة على إثبات رقي التكنولوجيا الخاصة به. فتُنتقد التقارير المباشرة نظرًا لعدم وجود الكثير من التفسيرات للأحداث أو ما تعنيه، ليصبح العمل الصحفي معها عبارة عن نقل معلومات بلا توقف من دون تفسير وأحيانًا نقل تفسيرات بلا توقف من دون معلومات. لذلك، على المراسل الصحفي أن يأخذ بعض النقاط بعين الاعتبار قبل التوجه إلى موقع نقل الخبر وإعداد التقارير المباشرة:

  •  لا يوجد نص مُتداوَل يمكّنك كصحفي الاستعانة به؛ لذلك عليك استخدام النقاط والعناوين لتوجيه تدفق المعلومات التي تريد نقلها للمستمعين.
  • تمرن قبل بدء البث المباشر.
  • ضع خطة مسبقة لمواكبة الأخبار المباشرة: هل ستتحرك من مكان لآخر لنقل صورة الحدث، أم أن عملك سيكون مقتصرًا على الوقوف أمام الكاميرا ونقل معلومات الحدث شفويًا؟
  •  "من الجيد أن تذكر خلال مواكبة الحدث أنك لا تعرف شيئًا وأن تقول،" هذا ما سنقوم به، لنرى، لنكتشف..."  بدلًا من التكهن أو اختلاق المعلومات.

قد يبدو الأمر مريحًا لك خلال النقل الميداني المباشر لغياب الحاجة إلى إعادة تعديل الفيديو أو التقرير، لكن هذا قد يعتبر أيضًا خطوة إلى الوراء من الناحية الأخلاقية. فالنقل المباشر للأحداث يحرمك من فرصة إعادة النظر في الأخبار وتقييمها وتعديلها إن اقتضت الحاجة إلى ذلك، بينما ينشر العمل التحريري عادة بعد مواكبته من قبل مجموعة من الباحثين والمدققين والخبراء التقنيين. ومن السلبيات الأخرى للنقل المباشر، وخاصة في الأزمات والحوادث، أن الصورة التي تُبث لا يمكن حذفها. وكذلك بالنسبة لوجوه الناس وهوياتهم وخصوصيتهم حيث لا يمكن تمويه صورهم وخاصة صور الضحايا، وهذا يُعتبر خرقًا للمعايير الأخلاقية. وكذلك  قد تواجه بعض المشكلات التقنية، كانقطاع البث بسبب ضعف شبكة الانترنت وخاصة في المشكلات الحيوية والوعكات البيئية حيث ينقطع البث بشكل كامل، ما سيتطلب إشارات دقيقة ومستمرة لتوجيه المستمع إلى النقاط الرئيسة للحدث.

يختبر كل من يخوض تجربة النقل المباشر للأحداث هذه العيوب تقريباً، مع احتمالية حدوث ارتباك ومواجهة صعوبة في استمرارية التغطية في لحظات الفاجعة. ولكن يبقى الأهم دائمًا أن يتم نقل الأحداث بطريقة موضوعية وبشكل واضح، وأن يراعي الصحفي أخلاقيات العمل وأسسه في مختلف مواقف عمله والصعوبات المهنية.