لجنة دعم الصحفيين: لا بد من قانون يلحظ خصوصية الصحافيات وبيئة العمل الصحفي لحمايتهن من التحرش ... 48% أكدن تعرضهن لأحد أشكاله !

2021-05-02 10:53

التقارير

قد يكون من شبه المستحيل أن نجد "انثى" لم تتعرض لأي نوع من المضايقة اللفظية أو الجسدية التي تندرج تحت مسمى "التحرش".

 مهلا، وقبل أن ندخل في متاهة "التابوهات" أو العناوين التي ادرجناها تحت خانة المحظورات في مجتمع تقاصي فيه المرأة كل أنواع الظلم والتعنيف وحتى القتل بذريعة "الشرف المزعوم".

بتاريخ 10/11/2020، أنجزت لجنة الإدارة والعدل النيابية اقتراح القانون الرّامي إلى “تجريم التحرّش الجنسي وتأهيل ضحاياه” بعد دمج عدد من الاقتراحات المقدمة في هذا الخصوص، وبخاصة اقتراحَي النائبة عناية عز الدّين والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية. وعليه، أحالت اللجنة الصيغة النهائية إلى الهيئة العامّة في مجلس النوّاب، بغية مناقشته وإقراره.

وبذلك، يُشكّل هذا الاقتراح الثالث من نوعه في سلسلة مشاريع واقتراحات قوانين رسميّة تهدف إلى معالجة إشكاليّة التحرّش في لبنان تبعاً لمشروع القانون الذي تقدّمت به وزارة الدولة لشؤون المرأة سابقاً (برئاسة الوزير السابق جان أوغاسابيان) سنة 2017 ولاقتراح القانون المُقدم من النائب السابق غسان مخيبر في السنة نفسها بصيغة المعجّل المكرّر، مع التذكير بوجود مقترح قانون آخر (غير رسمي) بشأن التحرش الجنسي والمعنوي (داخل أماكن العمل وخارجها) طُرح في إطار مشروع "مغامرات سلوى" الذي نظمته جمعية “المجموعة النسوية” سنة 2012.

وفيما يتبيّن من البيانات الرسميّة أن الاقتراح هدف إلى إجراء توليفة بين مختلف الاقتراحات ومشاريع القوانين المطروحة سابقاً في هذا الشأن، سرعان ما تُظهر قراءة أوّلية له أنه مشوب بثغرات وإشكاليات مُشابهة لإشكاليات المقترحات السابقة في هذا الإطار، والتي قد تؤدّي إلى تعطيل فعاليّته في حماية ضحايا التحرّش.

فأعتبر البعض بأن قانون المعاقبة على جريمة التحرش الجنسي، الذي تم التوصل اليه، بمثابة هدية للمرأة اللبنانية في مناسبة يومها العالمي، في خطوة سجلت تقدّما من خلال تجريم التحرّش الجنسي وإقرار الحماية للمبلّغين عنه.

وبحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش" إنّ القانون الجديد لتجريم التحرّش الجنسي في لبنان لا يستوفي المعايير الدولية، حيث يكتفي القانون بتناول التحرّش الجنسي كجريمة، ويتجاهل التدابير الوقائية، وإصلاحات قانون العمل، والرصد، وسبل الانتصاف المدني.

كما أضافت المنظمة أنه ينبغي على الحكومة اللبنانية أن تتبنى مقاربة شاملة، بما فيها المصادقة على "اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن القضاء على العنف والتحرّش" وتطبيقها.

وانهالت التعليقات من كل حدب وصوب حول ثغرات القانون الذي لا يرقى إلى مستوى اتفاقية القضاء على العنف والتحرّش، التي تنصّ على معالجة الحكومات للعنف والتحرّش خاصة في أماكن العمل من خلال "نهج شامل ومتكامل ومراعٍ لقضايا الجنسَيْن"، بما فيه من خلال القوانين المتعلقة بالعمل، والصحة والسلامة المهنيَتَيْن، والمساواة وعدم التمييز، بالإضافة إلى القانون الجنائي.

وبحسب المفكرة القانونية، فإن القانون "الهدية"يحتوي على إشكاليات عدة على رأسها أنه يقارب الموضوع من منطلق "أخلاقي يهدف إلى حماية المجتمع وليس الضحية".

وبالعودة إلى ما كان قد كتبه المحامي كريم نمور لدى المفكرة القانونية حول إشكاليات أخرى عدة بينها "أن الوسيلة الوحيدة للضحية هي اللجوء إلى القضاء الجزائي.. ما يعني أن الأمر سيكون علنيا بمرور الضحية بمخفر وقاضي تحقيق ثم قضاة، وهذا عائق كبير أمام الضحايا وليس تحفيزا لهم لرفع شكاوى".

وأشار أيضا إلى أن القانون يحتم على الضحية أن "تثبت فعل التحرش ونتائجه، وهذا عبء في ذاته"، فيما كان المطلوب أن يثبت المتحرش عدم قيامه بالفعل.

وبحسب القانون، فإن العقاب يراوح بالحبس بين شهر وعامين سجنا أو دفع غرامة مالية تراوح بين ثلاثة وعشرين ضعف الحد الأدنى للأجور الذي يساوي 675 ألف ليرة، اي 450 دولارا بحسب سعر الصرف الرسمي وأقل من مئة دولار بحسب السوق السوداء.

كما أفاد تقرير صادر في 2016 عن الدراسة الاستقصائية الدولية بشأن الرجال والمساواة بين الجنسَيْن" في لبنان و"هيئة الأمم المتحدة للمرأة" بأنّ ثلثَي المستجيبات أفدنَ عن التعرّض للتحرّش الجنسي في أماكن عامة.

 

هل هذا القانون يحمي العاملين/ات في المجال الصحفي؟

لم تحد فوانين حقوق المرأة والاتفاقيات وحتى المعاهدات الدولية من التحرش الجنسي الذي تتعرض له النساء في مختلف مواقعهن، حيث تشير أغلب الإحصائيات إلى اتساع نطاق التحرش بالنساء الصحافيات ما يجعل المؤسسات الإعلامية بيئات غير آمنة للعمل.

وبحسب دراسة عالمية نشرها موقع "الجزيرة"، تتعرض 48 في المئة من الصحافيات لأحد أشكال لتحرش. وبحسب الإستطلاع الذي أجري في 9 دول بأفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، فإنه بين 59 و64 في المئة من الصحافيات يتعرضن لتحرش لفظي، وبين 17 و24 في المئة منهن يتعرضن لتحرش جسدي، وبين 3  و10 في المئة يتعرضن لاعتداء جنسي.

وتؤكد الدراسة أيضا أن 29 في المئة من النساء اللواتي تعرضن لاعتداء جسدي بلغن عن الحادثة.

 "أنا أيضا"

وتحت العنوان المذكور نشر الموقع الالكتروني "شريكة ولكن" والذي يعنى بقضايا المرأة، عدّة شهادات حيّة لصحافيات لبنانيات، عملّن أو أردّن العمل في المجال الصحفي، إلا أن أرض الواقع كانت مليئة بالمطبات وأكثرها المطبات الجنسية، التي قد تصادف احداها دون سابق إنذار!

وفي الختام تشدد لجنة دعم الصحفيين، على ضرورة أن يلحظ أي قانون خصوصية العاملين/ات في المجال الصحفي وبيئته بشكل خاص، بالإضافة إلى أن الهدف من تطبيق القانون يجب أن يكون لأجل حماية الضحية وليس خوفا على المعايير الإجتماعية.