حرية الصحافة على المحك :لجنة دعم الصحفيين ترفض التعديلات المقترحة على قانون الاعلام

2025-09-17 07:15

معرض الصور لبنان

 

تتابع لجنة دعم الصحفيين بقلق بالغ مسار مناقشة اقتراح قانون الإعلام أمام لجنة الإدارة والعدل النيابية، وما رافقه من إدخال تعديلات تمسّ جوهر الضمانات الدستورية والدولية للحق في حرية التعبير وحرية الصحافة في لبنان. إن هذه التعديلات، المنسوبة إلى وزارة الإعلام، لا تُشكّل فقط انتكاسة عن التقدّم الذي تضمّنته النسخة الأخيرة من اقتراح القانون، بل تهدّد بتحويل النص إلى أداة إضافية لتقييد الإعلام وملاحقة الصحافيين.

إنّ أبرز الاعتراضات على التعديلات المقترحة تتمثل في ما يلي:

  1. إعادة العمل بالتوقيف الاحتياطي

ينص قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني (المادة 107) على أن التوقيف الاحتياطي لا يُطبّق إلا في الجرائم التي تتجاوز عقوبتها السنة. كما أنّ قوانين المطبوعات النافذة تحظر صراحة التوقيف الاحتياطي في قضايا النشر. إن إعادة العمل به في اقتراح القانون، حتى لو تحت عنوان "الظروف المشددة"، يشكل مخالفة لهذه القاعدة، ويناقض مبدأ الضرورة والتناسب المنصوص عليه في المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR).

  1. الغموض التشريعي وعدم التحديد في صياغة النصوص

إدخال عبارات مثل "التعرّض لكرامة الأشخاص أو حياتهم الخاصة" دون تعريف دقيق يُخالف مبدأ الشرعية الجنائية (nullum crimen sine lege)، ويضع الأفراد في حالة من عدم اليقين القانوني. هذا الغموض يتعارض مع المادة 8 من الدستور اللبناني التي تكرّس مبدأ عدم جواز تقييد الحرية إلا بموجب قانون واضح، ومع الاجتهادات الدولية (لجنة حقوق الإنسان – التعليق العام رقم 34) التي تؤكد وجوب أن تكون القوانين التي تقيّد حرية التعبير واضحة ومحددة على نحو دقيق.

 

 

  1. فرض حظر شامل على التغطية الإعلامية أثناء النزاعات القضائية

إن منع المؤسسات الإعلامية من تناول موضوع النزاع أو الشاكي طيلة فترة المحاكمة يخالف المادة 13 من الدستور اللبناني التي تكفل حرية إبداء الرأي "قولاً وكتابةً" ضمن حدود القانون. كما يشكل هذا الحظر انتهاكًا للمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تضمن حق الجميع في "التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها".

  1. التزامات إدارية مُرهِقة وذات أثر رقابي

إلزام محطات التلفزيون بتقديم تقارير دورية مفصلة عن برامجها إلى وزارة الإعلام والمجلس الوطني للإعلام يُفضي عمليًا إلى رقابة إدارية مسبقة، في مخالفة للمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي لا تجيز فرض قيود على الإعلام إلا إذا كانت محددة بوضوح وضرورية لحماية مصالح مشروعة كالأمن القومي أو النظام العام.

  1. إخضاع الإعلام الإلكتروني لنظام الترخيص المسبق

تحويل الإعلام الإلكتروني من نظام "العلم والخبر" إلى نظام الترخيص المسبق يتعارض مع اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (قضية Autronic AG v. Switzerland، 1990) التي اعتبرت أن الترخيص المسبق للإعلام الإلكتروني يفتح الباب أمام قرارات تعسفية. كما يخالف توصيات المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الرأي والتعبير الذي أكد أن الرقابة المسبقة على المنصات الرقمية تتناقض مع حرية الإعلام.

  1. مخالفة المعايير الدولية لحقوق الإنسان

إنّ هذه التعديلات لا تتوافق مع التزامات لبنان الدولية، ولا سيما المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، اللتين تلزمان الدول بعدم فرض قيود غير ضرورية أو غير متناسبة على حرية التعبير. كما أن مبادئ جوهانسبرغ (Johannesburg Principles, 1995) تؤكد أنّ القيود على حرية التعبير يجب أن تكون محددة، واضحة، ومتناسبة، وهو ما لا يتوافر في التعديلات المطروحة.

بناءً على ما تقدّم، تطالب لجنة دعم الصحفيين:

  • برفض التعديلات المقترحة كليًا، باعتبارها تمثل انتهاكًا للدستور اللبناني وللالتزامات الدولية للبنان.
  • بالعودة إلى نص قانون إعلام أكثر انفتاحًا، يكرّس إلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر، ويعزز الضمانات لحرية التعبير والإعلام.
  • بجعل اجتماعات لجنة الإدارة والعدل علنية، ضمانًا للشفافية وإشراك الرأي العام في نقاشات مصيرية تمسّ جوهر الحريات.

إن مستقبل حرية الصحافة في لبنان على المحكّ. ونؤكد أن أي قانون جديد للإعلام يجب أن يشكّل خطوة تقدمية تعزز الحريات، لا أداة للارتداد عنها.

بيروت في 17/9/2025


لجنة دعم الصحفيين