2022-11-28 01:48
شهد عام 2022 استمرارية تفاقم أزمة الإعلام والعمل الصحافي في الدول العربية التي مازالت تجهل أهميته كسلطة رابعة ومنبر ديمقراطي، يعبر عن إرادة الشعوب العربية، ووجهة نظرها في الأحداث والتطورات التي تشهدها المنطقة.
إذ لا تزال عمليات اغتيال الصحفيين أثناء مزاولة مهنتهم في مواقع الأحداث.، كما أن الصحافيات يتعرّضن للاعتداءات اللفظية على الإنترنت، بما في ذلك التهديد بالقتل والاغتصاب. بينما يخضع الجميع لعمليات المراقبة الإلكترونية، التي ترصد كل كلمة وكل حرف تسطره أيديهم، بهدف ترهيب الصحافة الاستقصائية وإسكات صوتها.
وللأسف الشديد فإن التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم في مجال العمل الصحفي ووسائل الإعلام لم يحقق الأهداف المرجوة منه على صعيد تحريرالصحفي من قيود القوانين والتشريعات التي تحد من حريته في ممارسة عمله، وتجعل من الصحافة المهنة الأشد صعوبة؛ والأكثر تحدي، إذ غالباً ما يواجه الصحافيون انتقادات ومضايقات واعتقالات غير مشروعة وانتهاكات لا تحصى، ربما أشدها قسوة تعرضهم لعمليات القتل الممنهج والمتعمد وخصوصا في فلسطين.
تراجع الحريات في منطقة الشرق الأوسط تنعكس آثاره بصورة واضحة على القطاع الإعلامي، حيث يُعتبر أي رأي مخالف للسلطة أو للحكومات جريمة كبرى، ليتم تجريد العمل الإعلامي من مفهومه الأساسي في نقل الواقع والتعبير عن الإرادة الشعبية بكل شفافية وحرية، ومن جهة آخرى يبدو أن غياب الاستقرار السياسي والاقتصادي كان له تأثير مباشر وخطير على الأداء المهني للوسط الصحفي.
وفي هذا الإطار سعت أغلب الحكومات العربية إلى تحويل الإعلام إلى منبر الصوت الواحد، الذي يتولى مهمة تعظيم، وتمجيد، ومدح إنجازات السلطة والمسؤولين فيها، من خلال توظيف مواد القانون، ووضع سلسلة من التشريعات التي تحدد لهم إطارعملهم، وتجرم الخروج عن ذلك الإطار أي أن كان شكله، إلى جانب وضعهم في معاناة اقتصادية؛ من خلال تقليص الرواتب، والسعي للتخلص من أكبر عدد ممكن منهم، عبر إغلاق مؤسساتهم الصحفية، ومواقعهم الإخبارية، وحجب الدعم المادي عنهم.
لم تكتف السلطات في الدول العربية بذلك للحد من خطورة تعدد الأصوات الصحفية، بل استهدفت الوسط الصحفي أيضا اجتماعياً، من خلال سعيها الدائم لتشويه عملهم، و نشر أكاذيب مضلة تمس بسمعتهم وشرفهم المهني.
وبحسب مؤشر حرية الصحافة العالمي الذي يقيم ظروف ممارسة الصحافة في 180 دولة ومنطقة، شهد عام 2022 آثاراً كارثية لفوضى المعلومات التي تركّزت بشكل أساسي على انتشار المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة.
وحلت الدول العربية في غالبيتها في المراكز الأخيرة، أما من شهد منهم تقدما خجولا فسبب ذلك ليس الحريات التي تمنحها هذه الدول، ولا أجواء العمل الديمقراطية، لكن السبب يتمحور حول تطور العمل الإعلامي داخل مؤسسات هذه الدول، خلال رصدها للأخبار العالمية بطريقة مهنية ليس أكثر، بينما لاتزال القيود المفروضة عليه أثناء قيامه بمهمة تغطية الاحداث المحلية مستمرة، بل وتزداد صعوبة.
لم يجد القطاع الاعلامي بيئة مستقرة له في عام 2022 ليستمر نضاله على أرض متزعزعة قانونيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنياً، ولا تزال آثار جائحة كوفيد 19 حاضرة بقوة. ولم يعد من السهل الوصول الى المعلومات الدقيقة والتي تعد أهم حق من حقوق الصحفيين. وماتزال الرقابة المشددة على العمل الصحفي تعيق من تقدمه، بل وأصبح استخدام تقنيات المراقبة الدقيقة عليهم من قبل دولهم تهدد استقرارهم وأمانهم وحقوقهم كبشر، وتعيق عملهم كصحفيين.
لم يشهد عام 2022 أي بوادر لتحسين وتطوير العمل الصحفي بل كان نقطة انحدار كبرى لدى بعض البلدان العربية، وفي مقدمتهم تونس. وقد يؤرخ لهذا العام كبداية للكارثة الإعلامية الكبرى التي يشهدها الوطن العربي اذا ما استمرت تلك القيود عليه.
لمتابعة قراءة التقرير اضغط هنا