لجنة دعم الصحفيين - دراسة حول واقع الصحافة في السودان

2022-09-06 10:58

معرض الصور السودان

الصَّحافة في السّودان
تُعد حرية الصّحافة إحدى أهم مُكونات الدّيمقراطية والإصلاح السّياسي في المجتمعات المختلفة حيث لا يوجد ديمقراطية بدون وجود إعلام حر.
هذا كان طموح الصّحفيين في السّودان بعد الإطاحة بالرئيس السّوداني السّابق عمر البشير وقد تحقق ذلك نسبيًا بعد تقدّم الحُريات الصحافية في المرحلة الإنتقالية لكن الآمال الكبيرة سُرعان ما تراجعت بعد إستلاء الجيش على السلطة في أكتوبر  عام 2021.
لم يكن كل شيء على ما يُرام في السّودان طوال عهد الأنظمة الإستبدادية السّابقة، فقد كانت مساحة حرية الرأي والتعبير محدودة ولم يخل الوضع من توتر بين الصحفيين والحكومات المُتتالية حيث صنّفت منظمة هيومن رايتس واتش السّودان كمكان خطر على الصحافيين إذ تعرّض المِئات منهم للإعتقال والتضييق الأمني على مدى ثلاثين عاماً من حكم البشير. 
بعد سقوط البشير في نيسان/أبريل عام 2019 ,عملت السلطة الإنتقالية على وضع أسس لتنظيم 
أوضاع المؤسسات الإعلامية  والصحفية من أجل توفير بيئة مهنية تُراعي حقوق الصحفيين.
ووفقًا للتصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2021 تحسّن موقع السّودان في المرحلة الإنتقالية ليصل إلى المرتبة 159 من مُجمل 180 دولة في العالم متقدماً 16 مرتبة عما كان عليه في فترة حكم الرئيس السّابق عمر البشير، والذي جعل السّودان إحدى أكثر دول العالم قمعاً لحرية الصحافة، حيث كانت أجهزة الأمن اللبنة الأساسية في آلية الرقابة التابعة لذلك النظام.
هذا التّقدم لم يدم طويلاً بعد إستيلاء الجيش على السّلطة في الخامس والعشرين من شهر تشرين أول/أكتوبر 2021 مما أدى الى إضطراب سياسي واحتجاجات مستمرة مما انعكس سلباً على الحريات الصحفية.
ومنذ بداية هذا العام تم احتجاز العديد من الصحفيين وأغلقت بعض الصُّحف فضلاً عن فرض قيود على وسائل الإعلام مما أثار مخاوف لدى صحفيين حول مستقبل الصحافة في البلاد.
وفي تلك الفترة اعتقلت السلطات الأمنية بولاية جنوب دارفور الصحفي عبد المنعم مادبو ومدير مكتب الجزيرة بالسودان المسلمي الكباشي كما وتعرض مراسلها الطاهر المرضي إلى مُضايقات أمنية أثناء تغطية مليونية الثلاثين من أكتوبر.
وأغلقت القوات العسكرية وكالة السودان للأنباء صبيحة الإنقلاب وأمرت الصحفيين بالمغادرة فورا
ووضعت قوة من الجيش قرب المبنى وسجلت القوات العسكرية اعتداءات على الصحفيين أثناء تغطية مليونية الثالث عشر من نوفمبر في مدينة أم درمان غربي العاصمة السودانية  تعرَّض من خلالها الصحفي حمد سليمان إلى إصابة في رجله.
ولقد تعرض مراسل قناة الجزيرة أسامة سيد أحمد بمدينة القضارف لتحقيق أمني شرق السودان وطلب منه مغادرة الولاية وذلك بالتزامن أيضًا مع مليونية الثالث عشر من نوفمبر. 
من جهته أكّد عضو اللجنة المشتركة للأجسام الصحفي ماجد محمد علي أنّ السلطات الأمنية  اعتقلت الصحفي اباذر محمود بمدينة نيالا بولاية جنوب دارفور في الخامس والعشرين من  أكتوبر.
وفي الخرطوم اعتقلت السلطات الصحافي علي فارساب في السابع عشر من أكتوبر الجاري من منطقة بحري. وقد أفاد صحفيون ان فارساب قد اقتيد إلى السجن وهو مصاب بكسور ولم يُسمح له بتلقي العلاج.
فيما اعتقلت الإستخبارات العسكرية الصحفي في مكتب قناة الجزيرة الخرطوم عبد الرؤوف طه، والصحفي شوقي عبد العظيم وأجرت معهم تحقيقاً دام   لساعات قبل أن يتم الإفراج عنهم.
وأدى حظر شبكة الإنترنت في السودان منذ صبيحة وقوع الإنقلاب في الخامس والعشرين من  أكتوبر إلى صعوبات واجهت الصحفيين في الحصول على المعلومات الكافية وتوثيق الإنتهاكات فيما أمرت محكمة سودانية بإعادة خدمة الإنترنت وذلك بحكم قضائي قد أصدرته بحسب ما أكد الأمين العام لجمعية حماية المستهلك ياسر ميرغني
للصحفيين في مؤتمر صحفي بالعاصمة السودانية قائلا: ”ان الجهات التي أوقفت خدمة الإنترنت يجب ان تنفذ الأمر القضائي فوراً“.
ووفق للمرصد الأوروبي للإعلام، استهدف الأنقلاب  55 صحفيا ومؤسسة إعلامية في الفترة التي تتراوح بين أكتوبر عام 2021 ومارس عام 2022 وتخللت هذه الممارسات اعتقالات تعسفية ومضايقات وإغلاق مكاتب واعتداءات
جسدية ونفسية.
وفي 31 من شهر آب/أغسطس 2022 رحبت منظمة "مراسلون بلا حدود" بتأسيس أول نقابة مستقلة للصحفيين في السودان، بعد 33 عاما على قرار الرئيس المعزول عمر البشير بحل النقابات عقب استيلائه على السلطة  عام 1989.
وقد شارك أكثر من 1400 صحفي داخل السودان وخارجها في انتخابات تأسيس النقابة، وأسفرت عن فوز  عبد المنعم أبو إدريس علي، برئاسة مجلس النقابة المؤلف من 39 عضوا. 
هذا وتعرضت النَّقابة الجديدة  لهجوم من إتحاد الصحفيين الذي كان موالياً للبشير وتم تشكيله أثناء حكمه، إذ قال الإتحاد في بيان له أنَّ النَّقابة الجديدة شكلت بطريقة غير قانونية وبعمل سياسي وتحدث عن شُبهات في تمويلها وعن وقوف كوادر سياسية من وراءها.
واليوم وعلى الرغم من زوال النِّظام السَّابق، فإنَّ السّياسة السّالبة للحُريّة لم تتغير بتاتاً، إذ لا تزال معظم الصّحف التي تُغطي الأحداث السّياسية تابعة للنظام القديم أو مقربةً من مؤيديه.