دراسة في جامعة كامبريدج تؤكد: التحيّز السياسي يزيد قابلية التضليل لدى جمهور الاعلام

2022-05-25 11:28

التقارير

المصدر: سارة أبو هنطش - مسبار

الانتشار الكبير للمعلومات المضللة هو أحد أبرز التحديات التي يواجهها العالم أجمع. وعدم قدرة الكثيرين على الجزم في صحة معلومة ما أو في عدم صحّتها، دفعنا إلى تشكيل قائمة من المصادر نتابعها لمعرفة الأخبار وتلقي المعلومات من خلالها. ولكن ما هو احتمال أن نجد خبرًا مضللًا أو زائفًا ضمن هذه القائمة؟

الاعتماد على صدقية المصدر لتقييم دقّة الخبر

كشفت دراسة حديثة للباحثَين في جامعة كامبريدج البريطانية، ساندر فان در ليندن (Sander van der Linden)، وسيسيل ستين باك ترابرغ (Cecilie Steenbuch Traberg)، أنّ الكثير من المتصفّحين عبر الإنترنت يعتمدون على صدقية المصدر لتقييم دقّة الخبر دون التعمق في تفاصيله، بمعنى إذا أدركوا أنّ المصدر موثوق بالنسبة لهم فمن المرجح أن يكون الخبر أيضًا ذا صدقية عالية. ويصبح الأفراد أكثر عرضة للتضليل عندما يكون هناك تطابق أيديولوجي بين المتصفح والمصدر. 

واعتمد الباحثان في دراستهما على تقييم تأثير مصادر نشر الأخبار وليس على المحتوى المعروض في الخبر نفسه، إذ عرضا أخبارًا غير سياسية مع التركيز على المصادر وأيدولوجيتها السياسية. وتلاعبا بالمصادر حتى تبدو المعلومات والأخبار الكاذبة في بعض العناوين الرئيسية منشورةً من قبل مصادر إخبارية ذات ميول ليبرالية مثل CNN، أو في بعض الأحيان مصادر ذات ميول محافظة مثل Fox News. وذلك للوصول إلى نتائج واضحة في ما يتعلق بالأثر بين توافق الأيدولوجية السياسية للأفراد مع المصادر أو ما إذا كان سيتعارض مع قدرتهم على تقييم دقة الأخبار وعناوينها.

كما اختار الباحثان مجموعة من الأخبار الحقيقية ومجموعة أخرى زائفة بلغ عددها إثنا عشر خبرًا. قُسّمت إلى نصفين موزعة حسب المصادر. ستةٌ منها تظهر على أنّها من مصدر متطابق سياسيًا مع الليبرالية، وستة تظهر على أنها من مصدر متطابق سياسيًا مع المحافظين. واحتوت كلّ مجموعة على ثلاثة أخبار زائفة، تظهرُ للمشاركين في الدراسة على أنها من إحدى المصادر المتطابقة سياسيًا مع كل جهة، وعُرضت هذه الأخبار على أنها تغريدات عبر موقع تويتر.

التطابق الأيديولوجي بين المتصفحين والمصادر التي يتابعونها

أظهرت الدراسة أنّ هناك علاقة واضحة في التطابق الأيديولوجي بين المتصفحين والمصادر التي يتابعونها. وظهر ذلك في تصنيف الأفراد المشاركين للأخبار الزائفة من المصادر المتطابقة سياسيًا على أنّها أخبار حقيقية، وأنّها أكثر دقة بكثير من الأخبار ذات المصادر غير المتطابقة مع آرائهم السياسية. 

كلّ من اليساريين واليمينين كانوا متحيّزين لمصادر الأخبار التي تتطابق مع آرائهم السياسية بغض النظر عن محتوى الخبر. كما أنّ كِلا الجانبين يميل إلى اعتبار الأخبار المتضاربة سياسيًا على أنّها غير شرعية ومزيفة، وإلى اعتبار كل طرف من الأطراف الأخبار التي يتعارض مصدرها مع سياستهم، أخبارًا زائفة. وبالتالي نزعوا الشرعية عن أيّ خبر قد يقدّمه المصدر المعارض لأفكارهم السياسية.

توصل الباحثان أيضًا إلى أنّ صدقيّة المصادر تؤثر على صدقيّة الأخبار وقيمة الحقيقة لدى المتصفحين. ولأنّ مفهومي الصدقية والحقيقة يختلف من شخص إلى آخر، فيلعب كل منهما دورًا أساسيًا في تقييمات المصادر. وبغض النظر عن الأيديولوجية السياسية، فإنّ اعتماد الأفراد على المصادر لتقييم دقة عناوين الأخبار غير كافٍ تمامًا، لأنه من الممكن أن يتم نشر معلومات زائفة بسبب خطأ بشري أو تحيّز دون نية مباشرة للخداع، أو حتى كتابة فكرة معينة دون إسهاب توضيحي للفكرة، ما يجعل منها ناقصة لتنقل القارئ إلى مسار آخر تمامًا.

وإجابًة عن السؤال الذي طُرح في بداية المقال ووفقًا لنتائج هذه الدراسة، فمن المحتمل أن تجد ضمن قائمة مصادر الأخبار الخاصة بك خبرًا زائفًا أو آخر مضلّلًا. واحتمال حدوث ذلك أعلى ممّا قد تعتقد. وعلى الأرجح أنّنا لن نشكّك في صحة المعلومات التي يقدّمها المصدر لأنّنا نثق بصدقيته العالية، ولكنّ الاعتماد فقط على صدقية المصادر يمكن أن يزيد من احتمالية الوقوع في فخ الأخبار الكاذبة. ويمكن تقليل هذا الخطر من خلال عدم الاكتفاء بمتابعة مصادر الأخبار التي تتوافق معنا فكريًا وسياسيًا  فقط، ليسهل علينا تمييز الحقيقة من الكذب والتضليل.

 

المصادر:

دراسة حول أثر مصادر الأخبار وتحيزها السياسي على قابلية التضليل