كذّبت المنظمات الحقوقية، الرواية الاسرائيلية، ووضعت تل أبيب في ورطة أمام العالم، بعدما أكدت منظمة "بيتسيلم" الحقوقية الاسرائيلية زيف فيديو زعمت فيه اسرائيل احتمالية أن تكون شيرين استشهدت نتيجة رصاصة فلسطينية، فيما أثارت المزاعم الاسرائيلية لتحقيق مشترك سخرية القيادة الفلسطينية.
وكشفت منظمة "بيتسيلم" غير الحكومية (المركز الإسرائيلي للمعلومات عن حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة) أن الفيديو الذي نشره الجيش الإسرائيلي، وادعى أنه لإطلاق نار من طرف فلسطيني، لا يمكن أن يكون سبب مقتل مراسلة "الجزيرة".
ووثق باحث إسرائيلي بالفيديو، المكان الذي تم فيه تصوير المقطع الذي بثه الجيش الإسرائيلي وأعاد نشره رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت مدعياً أنه قد يكون الرصاص الذي قتل مراسلة "الجزيرة". فتبين أن ذلك الموقع يبعد أكثر من 300 متر عن المكان الذي أصيبت فيه الزميلة شيرين أبو عاقلة في مخيم جنين المزدحم بالمباني المتلاصقة، ولا يمكن من ذلك الموقع الوارد في الفيديو رؤية المكان الذي قتلت فيه أبو عاقلة ما لم يتمكن الرصاص الفلسطيني (المزعوم) من الالتفاف حول المنعطفات والمباني وتسلق السلالم.
وقال مدير البحث الميداني في منظمة "بيتسليم"، العربي كريم جبران، لمراسل "المدن" في الأراضي المحتلة أدهم مناصرة، إن تحقيق المنظمة يكذب فيديو يدلي فيه جيش الاحتلال باحتمالية استشهاد شرين برصاص مسلحين فلسطينيين. وأكد أن "تحقيق المنظمة بيّن أن زاوية اطلاق النار التي تحدث عنها جيش الاحتلال مختلفة عن زاوية إصابة الزميلة ابو عاقلة"، وهو ما دفع رئيس اركان جيش الاحتلال الى التراجع والقول إن مصدر اطلاق النار لم يُحدد بعد. وأوضح جبران أن هذا تحقيق أوليّ، وأن المنظمة "بصدد إجراء تحقيق ميداني، كتوطئة لإصدار تقريرها النهائي".
وخلص تحقيق المنظمة الموثق بالفيديو والموقع الدقيق، أن الفيديو الذي نشرته السلطات الإسرائيلية لا يمكن أن تكون له علاقة بمقتلها، ما يؤكد زيف الرواية التي حاول بها رئيس الوزراء الإسرائيلي تبرئة قواته من المسؤولية عن مقتل أبو عاقلة.
وحددت المنظمة مكان الفيديو الذي نشره الجيش الإسرائيلي وادعى أنه قد يفسر مقتل أبو عاقلة. وزار باحث المنظمة، الموقعَين، وحدد أيضاً مكان مقتل الزميلة أبو عاقلة الذي يبعد عن المكان الأول بمسافة كبيرة، فضلاً عن وجود مبان حاجزة وسلالم ملتفة تفصل بين الموقعين.
ارتباك إسرائيلي
وفي سياق الارتباك الاسرائيلي، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت، إن السلطة الفلسطينية ترفض عرضاً إسرائيلياً لإجراء تحقيق مشترك بعد قتل أبو عاقلة.
لكن مسؤولاً في السلطة الفلسطينية نفى تلقي عرض من إسرائيل بشأن إجراء تحقيق مشترك في مقتل مراسلة "الجزيرة". وقال وزير الشؤون المدنية الفلسطينية عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حسين الشيخ: "نحمّل حكومة الاحتلال مسؤولية اغتيال الصحافية شيرين أبو عاقلة وننفي ما أعلنه رئيس حكومة الاحتلال عن توجههم للسلطة الفلسطينية بإجراء تحقيق في اغتيالها". وأضاف الشيخ، في بيان عبر حسابه في "تويتر": "نؤكد أن السلطة الفلسطينية ستحول هذا الملف (مقتل أبو عاقلة) إلى محكمة الجنايات الدولية".
بدورها اعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، أن دعوات المسؤولين الإسرائيليين بشأن إجراء تحقيق في مقتل أبو عاقلة "يثير السخرية، وهو امتداد لارتكابهم الجريمة بأشكال مختلفة". واتهمت الوزارة، إسرائيل، بأنها "تمارس التضليل لطمس الحقيقية بروايات كاذبة بحثاً عن أبواب للهروب من تحمل المسؤولية".
في هذه الأثناء قال مدير المعهد العدلي في جامعة النجاح الفلسطينية، ريان العلي، إن الرصاصة التي أصابت أبو عاقلة كانت قاتلة مباشرة. وذكر العلي، خلال مؤتمر صحافي بعد الانتهاء من المرحلة الأولى من تشريح جثمان أبو عاقلة، أن الرصاصة تسببت بتهتك واسع للدماغ والجمجمة، والسلاح المستخدم من نوع سريع جداً، وتم التحفظ على مقذوف مشوه تتم دراسته حالياً.