كيف يمكنكم الاستفادة من تقنية "سكامبر" في عملكم الصحفي؟

2022-04-25 12:45

التقارير

المصدر: مصطفى فتحي-ijnet

في العام 2013، قرّرت مجموعة من الصحفيين الاستقصائيين التعامل مع قضية التحرش بشكل إبداعي، عن طريق تكليف ممثل شاب يدعي وليد حماد بالتنكر في زي فتاة، في محاولة لاختبار ما تواجهه الفتيات المصريات من تحرش إذا ما نزلن للشوارع.

وحين أراد الصحفي كيلسي تيمرمان أن يكتب قصة صحفية عن الملابس وصناعتها، فتح خزانة ملابسه ليعرف بنفسه أين تم صُنعها، وكانت النتيجة أنه بدأَ رِحلةً صحفية مثيرة زار خلالها أماكن عدة، مثل هندوراس وكمبوديا والصين؛ ليُسلط الضوء على حكايات عمال المصانع وأسرهم وظروف معيشتهم والمصانع التي تستغلّ العمال وعمالة الأطفال، وغيرها من القضايا، ووثق كل ذلك في كتاب بعنوان "أين تصنع ملابسنا؟" (يمكن قراءته مجانًا من هنا).

وفي عام 2010، ارتدت الصحفية شمس العياري  النقاب ليوم واحد، وتجولت في شوارع مدينة كولونيا الألمانية، لتوثق انطباعاتها وترى ردود الأفعال المختلفة، في ظلّ جدل واسع يتسبب به النقاب في دول أوروبية عدة.

ما سبق هو مجرد نماذج لأفكار صحفية يمكن اعتبارها أقرب لنماذج عملية توضح كيف يمكن للأفكار الإبداعية أن تضيف الكثير للصحافة وتجعلها حية أكثر، من خلال تقديم محتوى مبتكر وغير تقليدي.

قد لا يكون التفكير الإبداعي في الصحافة عملية سهلة، إذ أنه يحتاج في الأساس لعقول مؤمنة بالابتكار وكسر الحواجز وعدم التقيد بالقواعد، وفي نفس الوقت يحتاج لمؤسسات تقبل المغامرة وتشجع صحفييها على عدم الجلوس فقط أمام مكاتبهم لكتابة قصص تقليدية خالية من أي إبداع.

هناك تقنيات عدة تحفز الناس وتدربهم على التفكير الإبداعي، منها تقنية SCAMPER التي تعد واحدة من أسهل الطرق وأكثرها مباشرة حين يتعلق الأمر بالإبداع. وتعتمد هذه التقنية ببساطة شديدة على مبدأ يرى أن أي فكرة إبداعية جديدة، يمكن أن تكون في الواقع تعديلًا لأفكار قديمة أو أشياء موجودة من حولنا.

الأمر أقرب للقاعدة التي يدرسها صناع السينما في عالمنا، والتي تقول "إنّ عدد الـ "ثيمات" السينمائية محدود جدًا، لكنّ صناع الفن يطورونها ويعرضونها برؤية مختلفة".

معنى كلمة SCAMPER

حتى تتعرفون أكثر على تقنية "سكامبر"، من الضروري أن تعرفوا ما تعنيه هذه الكلمة الإنجليزية المكونة من سبعة أحرف، فكل حرف من الكلمة هو اختصار لكلمة مستقلة: حرف الـS هو أول حروف كلمة Substitute التي تعني "بدّل"، أما حرف C فهو أول حروف كلمة Combine التي تعني "أضف"، وحرف A هو الأول من كلمة Adapt أي "وفّق"، وحرف M مأخوذ من كلمة Magnify بمعنى "كبّر"، وحرف P مأخوذ من جملة Put to Other Uses والتي يمكننا أن نترجمها "أعد استخدام"، وحرف E مأخوذ من كلمة Eliminate بمعنى "أزل"، أما حرف R فهو الأول في كلمتي Rearrange  أو  Reverse بمعنى "أعد ترتيب".

كيف تستخدمون تقنية سكامبر في عملكم الصحفي؟

الأمر سهل، كلّ ما عليكم فعله هو أن تحددوا أولًا ما هي المشكلة أو القضية التي ترغبون في الكتابة عنها، وبعدها تستخدمون تقنية SCAMPER للوصول لأفضل شكل لتنفيذ هذه الفكرة، معتمدين في ذلك على إعادة تطوير الأفكار القديمة، فكما أخبرناكم تطلب كلمة "سكامبر" منكم أن "تبدلوا" الأفكار و"تضيفوا" لها زاويتكم، و"توفقوها" كي تناسب قضيتكم، و"تزيدون" لها بعض الإبداع، و"تعيدون استخدام" بعض الأفكار القديمة لكن بشكل مطور، و"تزيلون" من هذا القديم ما لا يتوافق وفكرتكم، ثم "تعيدون ترتيب" هذه الأفكار كي تكون النتيجة النهائية عملًا إبداعيًا جديدًا ومبتكرًا يثير إعجاب الناس.

فإذا كنا ـ على سبيل المثال ـ سنفكر بنفس الطريقة التي فكر بها فريق العمل الذي نفذ فكرة تنكر شاب في زي فتاة لاختبار ما تواجهه الفتيات في شوارع مصر، ففي البداية سنحدد القضية، وهي هنا قضية التحرش بأشكاله المختلفة بالفتيات، ثم سنطرح أسئلة عن السبب في أن العديد من القصص الصحفية التي تتناول تلك القضية لم تعد تؤثر في الناس أو تجعلهم يتخذون مواقف حازمة تجاه هذه القضية.

بدّل: ما الذي يمكنني استبداله خلال تنفيذي للقصة حتى تكون مؤثرة أكثر ومختلفة عن زوايا التناول السابقة؟ هل من سبقوني تناولوا الأمر من خلال إحصاءات جامدة خالية من الإبداع؟ ماذا لو قررت أنا أن أتنكر في زي فتاة لأوثق بنفسي التجربة؟

أضف: ما الذي يمكنني أن أضيفه للمحتوى لتحسينه؟ من سبقوني استخدموا الكتابة بالقلم فقط عن قضية التحرش، فماذا لو قررت أنا أن أستخدم الوسائط المتعددة لجعل الأمر أكثر إنسانية وتأثيرًا في الناس؟ إذًا، لأوثق الأمر بالفيديو وليس فقط بالصور الفوتوغرافية الثابتة.

وفّق: هل يمكنني أن أنسخ فكرة ما للمحتوى الذي سأقدمه صحفيًا من وسيط آخر لا ينتمي –بشكل مباشر- للصناعة التي أعمل بها؟ في فيلم "هستيريا" المصري الذي قام ببطولته الممثل المصري الراحل أحمد زكي (إنتاج عام 1998) قدم الممثل المصري شريف منير دور شاب يتنكر في زي فتاة ويسير في الشوارع ليتعرف على الرجال. يمكن هنا أن أنسخ الفكرة في عملي الصحفي لكن لقضية مختلفة، وغرض مختلف بالطبع.

كّبّر: ما الذي يمكنني تكبيره في المحتوى الصحفي الذي سأقدّمه؟ حين أجعل تنكر شاب في زي فتاة هو البطل الرئيس في قصتي الصحفية، وليس الأرقام والإحصاءات والكلمات الجامدة مثلما يفعل الجميع، فأنا هنا أفعل أمرًا مختلفًا، يجعل المحتوى أكثر صدقًا.

أعد استخدام: هل يمكنني استخدام مهارات التمثيل والتنكر لغرض آخر؟ المهارتان تُستخدمان بشكل واسع في مجال التمثيل، ماذا لو قررت إعادة استخدامهما في العمل الصحفي لإنجاز فكرة مختلفة؟ بالتأكيد النتيجة ستكون رائعة!

أزل: ما الذي يمكنني استبعاده من خصائص المنتج لجعله يصل لأكبر عدد من الناس؟ في قصة الشاب الذي تنكر في زي فتاة، تم الالتزام بكل مواثيق العمل الصحفي، تم التشويش على وجوه الرجال الذين تحرشوا بالممثل (في صورة الفتاة) وبالتأكيد تم حذف بعض المشاهد الباردة وغير المؤثرة عن طريق برامج التحرير. لنزل كل ما لن يضيف للفكرة حتى تخرج شيقة ومثيرة ومؤثرة.

أعد ترتيب: هل هناك أي شيء يمكنني عكسه أو قلبه أو عمله بترتيب مختلف؟ يقوم موقع فيسبوك كل فترة بإعادة ترتيب الخصائص في شكل الصفحة الرئيسي والطريقة التي يعرض بها المنشورات والأخبار للمستخدم، فلماذا لا أقدم فكرتي بشكل يلتزم بالمواثيق الصحفية لكن في نفس الوقت يكسر الحواجز ولا يقدس القواعد؟

ما سبق هو بالضبط تقنية "سكامبر"، وحين تنفذون ما سبق على الورق فستكون الخطوة التالية هي أن تروا أفضل طريقة لتنفيذ ما توصلتم إليه من أفكار، مع الالتزام بقواعد السلامة الشخصية للفريق الصحفي، ومع التعامل بذكاء مع كل قوانين التصوير في شوارع البلد التي يتواجد بها الصحفيون لتجنّب الوقوع في أي مشكلات قانونية.

في النهاية، ستجدون أنفسكم تنظرون للإجابات التي كتبتوها. هل يبدو أي منها كاختيار صالح للتطوير؟ هل يمكنكم استخدام أي من هذه الأفكار لتطوير محتوى صحفي جديد أو تحسين قصصكم الصحفية التي تعملون عليها حاليًا؟ وإذا وجدتم أيًا من هذه الأفكار صالحًا للعمل فعلًا فيمكنكم أن تناقشوها مع فريقكم.. ثم تنطلقون فورًا في التنفيذ.

ولا تنسوا أنّ المكتبات العربية تتضمّن بعض الكتب العربية عن تقنية "سكامبر"، قد يكون أفضلها كتاب "برنامج سكامبر لتنمية التفكير الإبداعي: النظرية و التطبيق"، وهو من إعداد مصطفى الهيلات، ويتضمن عرضًا شيقًا وواضحًا لهذه التقنية إضافة إلى العشرات من الأمثلة العملية.

الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة وكالة "يوهانس بلينيو".