في الوقت الذي أصبحت فيه الصحافة المتخصصة في تغير المناخ مهمّة وملحة بشكل متزايد، باتَ التحقيق في مصادر انبعاثات غاز الميثان أكثر إلحاحًا. فإنّ انبعاثات غاز الميثان، وهي ثاني أكثر الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بعد ثاني أكسيد الكربون، آخذة في الارتفاع بسرعة، ووصلت بالفعل إلى مستويات عالية، ووفقًا لعلماء المناخ، فإنّ الحد منها هو أسرع طريقة فردية لمكافحة تغير المناخ.
في هذا المقال، نستعين بدليل الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية حول تغطية وتعقب انبعاثات الميثان لمساعدة الصحفيين الاستقصائيين في تحديد مصادر الانبعاثات ومساءلة الشركات والبلدان.
الوصول إلى البيانات
هناك اتفاق واسع بين العلماء على أنّ انبعاثات الميثان يتم التقليل من شأنها دائمًا أو التغاضي عنها، ما يجعل تتبعها بحد ذاته موضوعًا مهمًا لإعداد التقارير وتوليد القصص.
في الغالب، تحدث أخطاء في قياس انبعاثات الميثان، لأنّ كل دولة لها الحرية في استخدام منهجيات مختلفة لعمل تقديراتها، فينتج عن ذلك بيانات غير دقيقة ومشكوك فيها. كما أن هناك عدة دول، اقتصادها قائم على النفط، وتتعمد الإبلاغ عن مستويات صغيرة جدًا من انبعاثات غاز الميثان، على عكس الحقيقة.
هناك مشكلة أساسية أخرى تتعلق ببيانات انبعاثات الميثان التي تجمعها الحكومات وهي أنها لا تستند لقياسات فعلية، بل إلى تقديرات ومعادلات، ورغم أن بعض الدول تعمل على إصدار تشريعات لحل هذه المشكلة، إلا أن معظم الدول لا تهتم.
يمكن للصحفيين توليد العديد من الأفكار لتعقب انبعاثات الميثان، في البداية ابحث عن حجم الانبعاثات في بلدك، والقطاعات أو الكيانات المسببة لها، وارصد المنهجية التي يستخدمها بلدك لتقدير انبعاثاتها، ثم حقق في دقة القياسات.
هناك العديد من المصادر الأولية التي يمكن الرجوع إليها للحصول على معلومات وبيانات عن انبعاثات غاز الميثان:
[إقرأوا المزيد: للصحفيين.. إليكم دليل للتحقيق في قضايا التلوث الضوئي]
التحقيق في تسرب غاز الميثان
تأتي مصادر انبعاثات الميثان، في الغالب، من المؤسسات والشركات العاملة في إنتاج الغاز الطبيعي والنفط، ويتطلب اكتشاف وتحديد مصدر الانبعاثات كاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء وأقمارًا صناعية، ما يعني أنّ التعاون مع الخبراء ضروري في هذه المرحلة.
حدّد الدليل مجموعتين بيئيتين لديهما كاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء وعلى استعداد للعمل مع المراسلين لإجراء تحقيقات على الأرض بشأن بواعث غاز الميثان المحتملة.
- (CATF) هو فريق عمل يوثق الانبعاثات الصادرة عن منشآت النفط والغاز في جميع أنحاء أوروبا ويتوسع في مناطق أخرى، ويمكن للصحفيين المهتمين بالعمل مع CATF التواصل مع Rowan Emslie.
- Earthworks هي منظمة غير حكومية أخرى لديها كاميرا تعمل بالأشعة تحت الحمراء ومستعدة للتعاون مع الصحفيين، وتواصلت شبكة الصحفيين الدوليين مع القائمين على المنظمة وأكدوا لنا أنهم على استعداد للتعاون مع جميع الصحفيين في كل أنحاء العالم حسب المتطلبات، فقط على الصحفيين التواصل مع Justin Wasser.
هنا أيضًا مجموعة من المصادر التجارية التي تقدم معلومات مجانية محدودة عن الانبعاثات بالاعتماد على صور الأقمار الصناعية:
هذه المصادر ستوفر قريبًا جدًا معلومات تعتمد على صور الأقمار الصناعية لمراقبة مصادر انبعاثات الميثان، تابعها:
- Carbon Mapper هو تعاون أميركي غير ربحي يستخدم التكنولوجيا التي طورتها وكالة الفضاء الأميركية NASA وبيانات من أقمارها الصناعية الخاصة باستشعار الميثان، ومن المقرر إطلاق أداته في عام 2023.
- MethaneSAT تطوّره شركة تابعة لصندوق الدفاع البيئي (EDF) ومن المقرر إطلاقه في خريف عام 2022.
- تمّ إنشاء المرصد الدولي لانبعاثات الميثان (IMEO) من قبل الاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لمراقبة الانبعاثات باستخدام بيانات الشركات وتكنولوجيا الأقمار الصناعية والدراسات العلمية.
- مستكشف حرق الغاز العالمي هو تطبيق جديد ومحسّن تابع إلى الشراكة العالمية للحد من حرق الغاز سيوفر بيانات حرق الغاز العالمية وسيكون متاحًا للجمهور خلال العام 2022.
صور الأقمار الصناعية ليست هي المصادر المحتملة الوحيدة للحصول على معلومات حول الانبعاثات، فيما يلي بعض النصائح الأخرى:
- ابحث عن الوثائق العامة التي تحتفظ بها الجهات التنظيمية.
- كوّن صداقات مع العلماء المحليين والمنظمات غير الحكومية العاملة في هذا المجال، هناك الكثير من الأبحاث الجارية، اطلب الاطلاع عليها.
- تحدث مع العمال في منشآت النفط والغاز ومواقع الانبعاثات المحتملة الأخرى.
التحقيق في انبعاثات الشركات والوعود الكاذبة
صناعة النفط والغاز، هي المسؤولة عن ما يقرب من ثلث انبعاثات الميثان في العالم، وهي أهم قطاع يجب تركيز الانتباه عليه من قبل الصحفيين.
العديد من الشركات بعيدة تمامًا عن الشفافية فيما يتعلق بانبعاثات غاز الميثان، لكنها تتعرض لضغوط متزايدة للإعلان عن قياساتها وخفض الانبعاثات، وهناك جهود جارية بالفعل لتسهيل إصدار تقارير الشركات في قطاع النفط والغاز بشكل أفضل، لكن حتى الآن لا تزال الطريقة التي تبلغ بها بعض الشركات عن هذه الانبعاثات معقدة بعض الشيء.
هذا التعقيد يتطلب مجهودًا من الصحفي لفك خيوطه، لذا من الأفضل استشارة الأكاديميين وخبراء المنظمات غير الحكومية المتخصصة في تغير المناخ، وربما الهيئات الرقابية.
- عادةً ستجد إفصاحات الشركات حول قياسات الميثان على الموقع الرسمي للشركة في تقارير "الاستدامة"، كما أنّ منظمة CDP غير الربحية، توفر بعض الإفصاحات الخاصة بالشركات، بتنسيق موحد، على موقعها.
- أحد مصادر الانبعاث هو حرق الغازات العادمة القابلة للاشتعال، لذا تحث مبادرة البنك الدولي Zero Routine Flaring الحكومات وشركات النفط للإبلاغ علنًا عن إحراقها، وتنشر بيانات الحرق التي أبلغت عنها البلدان والشركات ذاتيًا على موقعها الرسمي.
- شراكة النفط والغاز والميثان (OGMP) هي مبادرة تضمّ 74 شركة كبيرة، تمثل 30٪ من إنتاج النفط والغاز في العالم، وتشارك فيها وكالات الأمم المتحدة ومنتدى التنمية الأوروبية، وهنا تجد تقرير البيانات الأول الصادر عنها في تشرين الثاني/نوفمبر 2021.
- مبادرة مناخ النفط والغاز (OGCI) هي مبادرة صناعية أنشأت إطار عمل لإعداد التقارير، كما قام تعاون من بعض شركات النفط والغاز بإنشاء مبادئ توجيهية بشأن الميثان، والتي تحدد أفضل الممارسات.
[إقرأوا المزيد: دليل شامل للصحفيين للتحقيق بقضايا النفط وتعقب خطوط الغاز]
عليك التركيز على بعض النقاط الرئيسة وطرح عدد من الأسئلة لكشف الحقائق بشأن انبعاثات غاز الميثان في الشركات:
- اسأل المسؤولين عن الشركة: ما هي مستويات انبعاث غاز الميثان لديك؟ هل ترتفع أم تنخفض وبأي درجة؟ كيف تحسب أرقامك؟
- توجد أيضًا أنظمة حديثة مصممة للتحقق والمصادقة على أن عمليات الشركة تفي بالمعايير، تحقق من وجود هذه الأنظمة في الشركات أو اسأل عن الخطط لتوفير هذه الأنظمة مستقبلًا.
- قد يكون سؤال الشركات عن مواقفها من السياسات الحكومية المقترحة فيما يتعلق بتنظيم الميثان أمرًا كاشفاً.
- هناك ارتفاع ملحوظ في عدد الشركات التي قدمت وعودًا لخفض انبعاثات الميثان، لكن تفاصيل هذه الالتزامات ليست واضحة بشكل كافٍ، لذا تحقق من تفاصيل وآليات الالتزامات ومدى كفاية التعهدات.
- نظرًا لأنّ أهداف التخفيض المعلنة غالبًا ما تكون لفترات طويلة، مثل 10 أو 20 عامًا، اسأل عن الأهداف قصيرة المدى والمتوسطة، واستفسر عن كيفية تنفيذ الخطط بالضبط وتحقق من طرق تحقيق التخفيضات.
اتبع هذه النصائح بشكل عام:
- ننصح باختيار أكبر مصادر لانبعاثات الميثان كأهداف أولية، سيكون عليك التركيز بشكل خاص على شركات النفط الكبيرة محليًا.
- تذكر أنّ انبعاثات الميثان لا تحدث فقط عند نقطة الاستخراج، بل على طول سلسلة التوريد.
- تصدر انبعاثات الميثان أيضًا من الزراعة والطيران والشحن البحري ومدافن النفايات وقطاعات أخرى ويعتبر الإنتاج الزراعي، على وجه الخصوص، مصدرًا مهمًا للميثان، تحديدًا زراعة الأرز وتربية الماشية.
- خلال التحقيق في انبعاثات الزراعة، لا تطرح الأسئلة على مستوى المزرعة فقط، فالشركات التي تستخدم المواد الخام لها دور لا يمكن تجاهله، تحقق من جهود هذه الشركات في تخفيف الانبعاثات.
- من المهم الوصول إلى أحدث الأبحاث حول الحلول والاستعانة بها في تقريرك.
محاسبة الدول على انبعاثات غاز الميثان
قبل قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP26) في جلاسكو، في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، قدمت العديد من الدول وعودًا للحد من انبعاثات غاز الميثان.
- يمكن العثور على معلومات حول التزامات الانبعاثات المماثلة في تقارير المساهمة المحددة وطنياً للأمم المتحدة (NDCs) المقدمة من الحكومات الوطنية الفردية.
- يتم نشر المساهمات المحددة وطنيًا في سجل تابع للأمم المتحدة.
- كما تعد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تقارير تجميعية للمساهمات المحددة وطنيًا حيث تكشف بعض البلدان عن بيانات الانبعاثات الوطنية في هذه التقارير، انظر إلى نسخة تشرين الأول/أكتوبر 2021 هنا.
- وافقت 111 دولة على التعهد العالمي بشأن الميثان بهدف خفض مستويات الانبعاثات في 2020 بنسبة 30٪ بحلول عام 2030، ومع ذلك، فإن توقيع التعهد لا يلزم البلدان الفردية بأهداف محددة.
- أفضل المصادر التي تحصل منها على نقد سليم لهذه الخطط هم العلماء والمنظمات البيئية المحلية/ الإقليمية ومجتمع الأعمال والفاعلين السياسيين.
- نظرًا لأنّ قياس الانبعاثات يمثل نقطة انطلاق حرجة، يمكن للصحفيين تدقيق المنهجية المستخدمة لتقدير الانبعاثات.
الصورة الرئيسية تحمل رخصة المشاع الإبداعي
المصدر: أحمد شوقي العطار- ijnet