2022-04-11 12:13
تنص إحدى تعريفات حق الرد في الصحافة، باعتباره "حق المستمع والمشاهد في إيضاح حقيقة ما أُذيع حولهما، ويأتي الرد سواء بإيضاح ما تم عرضه، أو بتكذيبه، أو بإضافة بعض المعلومات على الخبر، أو طلب حذف بعضها، كما أن حقّ الردّ مقرّرٌ للنّاس كافّة بلا تمييز" (1).
من المهم هنا التمييز بين حرية رأي العموم في انتقاد ما يأتي في الأفلام الاستقصائية، أو حقهم في الردّ على ما جاء فيها، وبين حق الردّ الذي يجب أن يمنحه صناع الفيلم الاستقصائي للأطراف الواردة في الفيلم، أو أي طرف تستلزم الضرورة القانونية والمهنية أو سياق الاستقصاء أن يؤخذ تعليقه وتضمينه داخل الفيلم.
فقد يتسبّب الفيلم الاستقصائي في إحداث ضرر بسمعة شخص أو جهة ما، لذا من الضروري عرض الفيلم قبل بثه على مستشار قانوني لتقديم المشورة لتحديد ما يستلزم إضافة ردّ عليه، زيادة على ما قرره صنّاع الفيلم الاستقصائيّ سابقاً وأدرجوه بالفعل في فيلمهم.
كيفية الحصول على حق الرد
الحصول على الرد يتم إمّا عبر إجراء مقابلة بالكاميرا، أو بإرسال طلب ردّ كتابي بواسطة أيّ وسيلة كانت، أو بأبسط الصور عبر الاتصال الهاتفي. ومن الهام لدى طلب الردّ أن تُحيط الجهة الموجّه إليها الطلب بكافة نقاط الاستقصاء الهامة التي تقتضي ردّا، مع منح هذه الجهة الوقت اللازم للاستجابة (2).
ولصُنّاع الفيلم الاستقصائيّ الخيار بتحديد وقت البدء بتحصيل الردود، فقد يكون ذلك في مرحلة كتابة النسخة النهائية لسيناريو الفيلم بعد تدقيق السيناريو وتحديد الجهات أو الأفراد ممّن ورد بحقهم الاتهام ويُطلب منهم الرد (2)، وقد يكون في مرحلة البحث المعمّق للفيلم ليُدرج مباشرة في السيناريو.
وهناك بعض من صنّاع الأفلام ينتهون من إعداد الفيلم ومن ثمّ يمرّون عليه بصورته المركبة البصرية شبه النهائية ويحدّدون ما يحتاج إلى ردّ، وهذا الخيار الأخير فيه مُخاطرة؛ فالردود التي قد تصل بعد الانتهاء من إنتاج الفيلم يُحتمل أن تُحدث تغييراً جذريّاً في بنيته أو فرضية الاستقصاء، مما قد يستلزم إعادة العمل مجددا على هيكلية الفيلم، الأمر الذي يستنفد وقتاً وجهداً مُضاعفين في مقابل إهدار جهود سابقة.
طبيعة المعلومات التي تُمنح للجهة المُطالبة بالرد
عند تقديم طلب ردّ إلى جهة ما لتضمينه في فيلم استقصائيّ، من الهام مراعاة شمول الطلب معلوماتٍ تساعد الجهة المقابلة في تقييم أهمية الردّ. ومن هذه المعلومات (4):
1- ملخص تعريفي بالبرنامج الذي يندرج تحته الفيلم وعنوان البرنامج.
2- التعريف بالجهة التي ستبث الفيلم.
3- ملخص بالادعاءات أو الانتقادات أو البيانات التي ستُدرج في الفيلم وتحتاج إلى رد.
4- تقديم دعوة مباشرة وصريحة للرد بتحديد تاريخ معيّن.
وما يُعرض في الفيلم من طلب تقديم الرد هو الجزء الخاص بالرد، مع الحرص قدر الإمكان على عدم إعادة تحرير الرد أو صياغته، إلا أنّ باقي المعلومات قد تُستخدم للتوظيف المعلوماتي والفنيّ في الفيلم الاستقصائي إذا ما احتاج الأمر إلى ذلك تبعاً لتقدير صُنّاع الفيلم.
المدة الزمنية لانتظار الرد
لا توجد مدة زمنية مُحدّدة مُلزمة لقياس الفترة الزمنية التي يجب أن تُمنح للجهة صاحبة حقّ الرد، لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار العوامل أدناه في تقدير المدة الزمنية التي يمكن انتظارها (5):
1- طبيعة البرنامج من جهة كونه برنامجاً يُعدّ على مدار شهور، أو برنامجاً يومياً يتعامل مع الأحداث الراهنة والحالية.
2- طبيعة الادعاءات ودرجة تعقيدها، فكلما كانت التفاصيل المتعلقة بالادعاءات مُعقّدة، زادت مدة الانتظار الممنوحة.
3- طبيعة الجهة صاحبة حقّ الرد، عادة ما يحتاج الشخص العادي من العامّة إلى وقت أطول للرد من المنظمات والهيئات والمؤسسات.
تضمين حقّ الرد.. شكلي أم ضروري؟
نجد في الممارسة العملية لإنتاج الفيلم الاستقصائي أنّه في معظم الأحيان -سواء أحصل فريق العمل على الردّ أم لم يحصل عليه- تُعرض الادعاءات أو الانتقادات أو البيانات التي تحتاج إلى ردّ، ويكتفي فريق العمل حينها بعرض محاولات الحصول على الردّ للتأكيد على سعيه وراء الحقيقة كاملة بموضوعية خالصة، الأمر الذي قد يطرح تساؤلاً حول غايات الوصول إلى الردّ أهي شكليّة أم ضرورة مهنيّة، ومدى جدية فريق العمل واجتهاده في الوصول إلى الرد.
فعلى الأرجح حقّ الرد ضرورة مهنية تنعكس بالتأكيد على مستوى وجودة الاستقصاء موضوع الفيلم، فهذا الحق في الفيلم الاستقصائي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بفرضية الاستقصاء، إذ قد يدعّم الرد الفرضية أو يقوّضها أو يشرّع زاوية جديدة في الاستقصاء لم تكن في حسبان فريق العمل، مما يتطلّب إعادة تقييم حقيقية لجدية العزم في الوصول إلى الردّ لدى فرق العمل من صنّاع الأفلام الاستقصائية.
المراجع
(1) الطيب بلواضح، حقّ الرد والتصحيح في التشريعات الإعلامية والصحفية، ص158.
(2) دليل المنتجين في قناة Channel 4 البريطانية. https://www.channel4.com/producers-handbook/ofcom-broadcasting-code/fairness/fairness-and-non-contributors
(3) مقابلة بتصرف مع المخرج إياد الداود، 2018
(4) دليل المنتجين في قناة Channel 4 البريطانية.
(5) المصدر السابق.
المصدر: فدوى حلمي- معهد الجزيرة للاعلام