تقرير جديد حول الاتجاهات العالميّة في حرية التعبير وتنمية الإعلام ...اليونسكو: انهيار نموذج أداء عمل وسائل الإعلام وتقويض حقنا الأساسي في الحصول على المعلومات

2022-03-15 09:31

التقارير

اليونسكو: انهيار نموذج أداء عمل وسائل الإعلام وتقويض حقنا الأساسي في الحصول على المعلومات

يتناول تقرير جديد لليونسكو الاتجاهات العالميّة في حرية التعبير وتنمية وسائل الإعلام في الفترة 2016-2021، ويميط اللثام عن خطر وسائل التواصل الاجتماعي والتهديد الوجودي الذي تفرضه بزوال وسائل الإعلام المهنية. وشهدت السنوات الخمس الماضية إقبال أعداد ضخمة من الجماهير المتلقية للأخبار وتحويل إيرادات الإعلانات إلى منصات الإنترنت.

2022 10 مارس

ويخلص التقرير إلى أن جوجل وميتا/فيسبوك يستحوذان اليوم على ما يقرب من نصف إجمالي الإنفاق العالمي على الإعلانات الرقميّة، بيد أنّ إيرادات إعلانات الصحف العالميّة قد انخفضت بمقدار النصف في السنوات الخمس الماضية.

تفاقم أزمة وسائل الإعلام بفعل جائحة "كوفيد"

كثّفت الجائحة الاتجاهات القائمة في انخفاض ريع الإعلانات، والخسائر في الوظائف، وإغلاق غرف الأخبار. ويورد تقرير اليونسكو بيانات صادرة عن المركز الدولي للصحفيين تظهر أن ثلثي الصحفيّين يشعرون بقدر أقل من الأمان في وظائفهم من جرّاء الضغوطات الاقتصادية الناجمة عن الجائحة.

تُعتبر الصحافة، لا سيما الصحافة الاستقصائية، خدمة أساسية لإنقاذ الأرواح في خضم تفشي الأوبئة. وفي ظل المحتوى الكاذب الذي انتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم بشأن جائحة "كوفيد-19"، أسفر إغلاق غرف الأخبار وتقليل عدد الوظائف عن إيجاد فراغ كبير في المشهد الإعلامي، ولا سيما في بلدان الجنوب. وأفاد مرصد الوباء المعلوماتي، وهو مبادرة تابعة لمؤسسة برونو كيسلر، أنّ شهر أيلول/سبتمبر 2020 شهد تداول أكثر من مليون منشور عبر تويتر بمعلومات غير دقيقة وغير موثوقة، أو مضللة بما يتعلق بالجائحة. 

الصحفيون في مهبّ الهجمات

تأتي هذه الأزمة الاقتصادية أيضاً في وقت تتعاظم فيه التهديدات المحدقة بسلامة الصحفيين، ليس فقط من الحكومات والجماعات الإجرامية، بل كذلك من جماعات الضغط الخاصة ومن بعض أفراد المجتمع الذين تزداد جرأتهم على نشر الافتراءات وشنّ الهجمات عبر الإنترنت.

  • الإفلات من العقاب على عمليات القتل: سجلت اليونسكو، في الفترة الممتدة من عام 2016 إلى نهاية عام 2021، مقتل 455 صحفياً، منهم من لقي حتفه بسبب وظيفته، ومنهم من استُهدف وهو على رأس عمله. ولا يزال زهاء 9 من كل 10 عمليات قتل دون حل. ويؤدي المعدل العالمي للإفلات من العقاب على قتل الصحفيين إلى تأجيج دائرة من العنف، ويترك تأثيراً أليماً على الصحفيين كافة.
  • يُمثّل العنف الواسع النطاق ضد الصحفيين عبر الإنترنت أحد التوجهات الجديدة والمتنامية، ويؤثر في الصحفيات بصورة متفاوتة في شتّى بقاع الأرض. إذ تبين ورقة أعدّتها اليونسكو في عام 2021 أن أكثر من 7 من أصل 10 صحفيات شملهن الاستطلاع، تعرضن للعنف عبر الإنترنت. وأفاد خمس عدد الصحفيّات أنهنّ تعرضن لأعمال عنف خارج الإنترنت فيما يتعلق بالتهديدات عبر الإنترنت.
  • إنّ الهجمات ضد الصحفيين الذين يغطون الاحتجاجات والمظاهرات وأعمال الشغب شائعة أيضاً على نحو مثير للجزع: رصدت اليونسكو وقوع هذا النوع من الهجمات في 60 بلداً على الأقل في الفترة الممتدة بين شهرَي كانون الأول/يناير وآب/أغسطس في عام 2021. وشهدنا منذ عام 2015 مقتل ما لا يقل عن 13 صحفياً في أثناء تغطيتهم للاحتجاجات.

لا تحمي قوانين العديد من البلدان الصحفيين بصورة كافية من هذه التهديدات. ويعرّضهم الإطار القانوني في الحقيقة إلى خطر أكبر في بعض الأحيان. تبنّت 44 دولة منذ عام 2016 أو عدّلت قوانين جديدة تحتوي على لغة مُبطّنة أو تهدد بفرض عقوبات متفاوتة على أفعال تنطوي على نشر "الأخبار الكاذبة" أو "الشائعات" أو "التشهير الإلكتروني"، الأمر الذي يؤدي إلى فرض رقابة ذاتية.

لا يزال التشهير يُعتبر جريمةً جنائيةً في 160 بلداً. عندما يكون قانون التشهير قانوناً جنائياً وليس مدنياً، يمكن الاستناد إليه كأساس للاعتقال أو الاحتجاز، وهو ما يؤدي فعلياً إلى تكميم أفواه الصحفيين. وتُظهر بيانات صادرة عن لجنة حماية الصحفيين أن 293 صحفياً سُجنوا في عام 2021، وهو أعلى مجموع سنوي في ثلاثة عقود.

تحث اليونسكو الحكومات على اتخاذ إجراءات سياسية في ثلاث مجالات رئيسية لحماية وسائل الإعلام المستقلّة والذّود عن سلامة الصحفيين:

  1. دعم الجدوى الاقتصادية لوسائل الإعلام المستقلة مع احترام الاستقلالية المهنيّة للصحفيين. وتستطيع الحكومات على سبيل المثال تقديم امتيازات ضريبية للمؤسسات الإعلاميّة المستقلة على نحو يتسم بالعدل والشفافية ولا يُخل باستقلالية التحرير.
  1. الارتقاء بالدراية الإعلامية والمعلوماتية لتوعية المواطنين كافة بشأن الفرق بين المعلومات الموثوقة والمتحقق من صحتها وبين المعلومات غير المؤكدة، وتشجيع العامة على استقاء المعلومات من وسائل الإعلام المستقلة.
  1. سن قانون إعلامي أو إدخال إصلاحات على القوانين القائمة لدعم الإنتاج الإعلامي الحر والمتعدّد الجوانب، بما يتماشى مع المعايير الدولية لحرية التعبير، وفي مقدّمتها المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة.