ساهمت طبيعة الإنسان هذه في أن يسعى دائمًا للقيام بعلاقاتٍ جديدة تفتح له الكثير من الفرص في مختلف المجالات سواء الحياتية أو الاجتماعية أو الشخصية أو الاقتصادية أو غيرها. لكن، معظمنا يهاب الخطوة الأولى في سبيل هذا وخاصة الصحفيين المبتدئين.
إن الصحفيين هم الطرف المعني بالدرجة الأولي في المجتمع بخلق العلاقات الاجتماعية مع الناس، والتقرّب منهم ومعرفة كيفية التحدث معهم خاصة إن كنت جديدًا في مجال الصحافة أو الإعلام وتشعر أن قربك من الجمهور ليس بالمدى المطلوب.
والفكرة تقول، حتّى وإن كان الصحفي أو الإعلامي الجديد يمتلك من الثقة بنفسه ما يمكّنه أن يدخل هذا المجال بقوّة، سوف يشعر بالقليل من الغربة المهنية في البداية والخجل أحيانًا لبدء الخطوة الأولى.
لو افترضنا أن العلاقات هي بمثابة رابط بسيط، وفي كلّ مرّة تتحدّث فيها مع أحدهم ينشأ خط معدني جديد ويصبح أكثر صلابةً، سيساهم تقربك من الناس في فهم الأخر ومعرفة احتياجاته وفتح أبواب معرفة جديدة تساهم في زيادة الوعي المجتمعي للصحفي والناس.
فعمل الصحفي لا يقتصر في ميدان المقابلات واللقاءات التلفزيونية أو مكتبه، بل إن حياته في الواقع يجب أن تكون قريبة من الآخرين أيضًا ، الأمر الذي سيساهم في حل قضايا المجتمع بدءًا من أصحابها.
لذلك، تاليا بعض النصائح التي يمكن للصحفي اتّباعها للبدء بحديث مع الآخرين وفهم معاناتهم وما يضمرون، لكن كإنسان عاديّ قريب منهم وليس كصحفي، لكن لخدمة الهدف والرسالة ذاتها.
- الكلمة الأولى هي باب الطوفان: جميعنا مررنا في مواقف عدّة حيث تواجدنا في أماكن عامة أو غرف مغلقة حيث لا نستطيع أن نقول ما يدور في أذهاننا أو الأحرى قوله هو أننا لا نجرؤ على ذلك خوفًا من ردة فعل الطرف الآخر. لكن، ما من سبب للخوف، ربما الآخر تدور في ذهنه الأفكار ذاتها التي تعيشها بينك وبين نفسك لذلك ابدأ بالخطوة الأولى. احمل نفسك بكل ما فيك من حماس وإيجابية وشغف، مع ابتسامةٍ عريضة وقُل "مرحبًا"! حتى لو كان الرد هو الصمت وعدم استكمال الحديث، ستكون قد كسبت شرف المحاولة وحقّقت ما يدور في داخلك. وفي هذا المجال، ولو عمل الصحفي على إجراء محادثة كفرد طبيعي، سيساهم وجهه الإعلامي في مخاطبة الناس معه كصحفي والإفصاح عن همومهم والاستفادة بالتالي لتصحيح الأمور وعرض أوجاع الناس.
- تجنّب الحوارات السطحية: عادةً ما لا يسمح الوقت كثيرًا بالقيام بمحدثة مع شخصٍ غريب لوقتٍ طويل، الأمر الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار من أجل القيام بدردشة سريعة لكن ذات أثر. من أكثر الأسئلة التي يجب تجنبها هي: كيف الحال؟ ما الأخبار؟ ما الجديد؟ كيف تجري أيامك؟ وكا ما شابهها لأن الجواب سيكون بطريقة مقتضبة جدًا. لذلك ابحث دائمًا عما يجعل في قلب من تخاطبه أثرًا كي يتحوّل جديثًا بسيطًا إلى ذكرى قيّمة. بل يجب فتح الأحاديث التي تفتح المجال للكلام عن الأوضاع المعيشية مثلًا والحياتية، كيف يعاني الأفراد مع ذكر التفاصيل، من أجل الاستفادة مجدّدًا.
- ابحث عن النقاط المشتركة: من أكثر الأمور التي يجب على الفرد الانتباه منها جيّدً في خلال القيام بحوارٍ ما هو عدم الرد بطريقة تظهر العنف اللّفظي والعدوانية فيما تقوله. فإن قال الطرف الآخر أن من المدينة X لكنك لا تحبها، عليك بعدم التعبير عن ذلك أو الإفصاح عنه وذلك لأن الطريقة التي تُظهر لو حتى القليل من السلبية تؤدي إلى إفشال الحديث مباشرةً. وكذلك لا يجب التصرّف من مبدأ الفوقية، بل يجب أن ينسى الصحفي أنه في موقع الصحافة والإعلام والتكلّم براحة تامة كي يشعر الآخر أيضًا بالراحة نفسها.
- السؤال عن الرأي: إن سؤال أحدهم عن رأيه يُعتبر من أهم الخطوات التي تساهم في فتح باب العلاقات مع الآخرين وذلك لأنه ما من أحدٍ لا يملك رأيًا يقوله مهما كان الموضوع. لكن يجب أن نسعى دائمًا لعدم طرح الأسئلة الغريبة أو الصعبة، ولا بأس من طرح الأسئلة الشخصية، مثلًا: ما هو آخر فيلم شاهدته؟ هل تفضّل السفر صيفًا أم شتاءً؟ أيّ بلد زرته من قبل؟ والنقطة الأهم هي الاستماع إلى ما يقوله الآخر والأهم أن يكون سؤالك من أجل الاستماع إليه وليس من أجل الإجابة عليه. وعندما يسأل الصحفي خاصة عن رأي الناس، هذا يسهم في زرع الاهتمام في داخلهم بحيث سيرون أن الصحفيين يهتمون لما يقولونه لأنهم الطرف الأساس في المعادلة.
- كُن حاضرًا: في موضع الاستماع مع الآخر والجلوس معه، لا يمكن للفرد أن يتظاهر بقدرته على القيام بعدّة أعمال في الوقت ذاته. وكذلك يجب التركيز على النظر إلى العينين والاتّصال المباشر، فالنظر إلى وجه الشخص الآخر مباشرةً يساهم في تقريب المسافات والاندماج بالحديث بشكلٍ أفضل وأسرع.
إن كلّ إنسان يؤدي دور كتاب هنا، في هذه الحياة. وبالتالي أي محادثة تجريها مع الطرف الآخر هي بمثابة قراءة لكتاب ما. يمكنك إذن اختيار الصفحة التي تريدها والاستمرار إلى وقتما تشاء والاستكشاف والاستفادة، في ظلّ عالم كبير نسمّيه مكتبة، من دون التقليل من قيمة الحياة الاجتماعية والحديث مع الناس، الأقرباء منهم والغرباء. أما الصحفي، فهو يؤدي الدور الأبرز في مختلف الساحات في المجال الاجتماعي والتقرّب من الناس وسماع شكواهم وآلامهم ومعاناتهم. وما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار هو أن عمله أو دوره المهني لا يقتصر على مكان العمل، بل هو معني بالناس أينما كان ووّجد، فمن الناحية الأولى سيساهم ذلك في مساعدة الناس وبالتالي مساعدته في العمل من خلال استنباط المشاكل وعرضها للمعنيين.
Tedx, 7 ways to make a conversation with anyone, 2016
https://youtu.be/F4Zu5ZZAG7I