2022-01-28 09:57
INAARA GANGJI-ijnet
مع استمرار ظهور المتحورات الجديدة لفيروس كورونا، من المهم للغاية أن يُبقي الصحفيون قراءهم على اطلاع بأحدث المعلومات الدقيقة لمساعدتهم في اتخاذ القرارات الهامة.
وفي هذا السياق، أقام المركز الدولي للصحفيين (ICFJ) ويبينارًا ضمن منتدى تغطية الأزمات الصحية، وكان من بين المتحدثين بيتر فان هوسدن، مسؤول المعلوماتية الحيوية لدى المعهد الوطني للمعلوماتية الحيوية في جنوب أفريقيا. وذكر أنّ متحور "أوميكرون" الذي ظهر في أواخر العام 2021 يختلف عن باقي المتحورات، إذ ما زلنا نجهل الكثير عنه.
ولفت فان هوسدن إلى أنّ هناك العديد من الأسباب التي قد تكون وراء تطور "أوميكرون"، قائلًا إنه على الأرجح نشأ من العدوى طويلة الأمد، مما سمح للفيروس بالتحور لفترة أطول من المعتاد. وتشمل الأسباب المحتملة الأخرى لظهور "أوميكرون" الأمراض حيوانية المصدر، حيث يتحور الفيروس بعدما ينقل الإنسان العدوى الأصلية إلى الحيوانات، قبل أن ترتد العدوى إلى الإنسان مرة أخرى. كما يحتمل أن تكون هذه التحورات قد حدثت من دون أن يتم اكتشافها في المناطق ذات القيود الأقل، حيث يوجد نقص في المراقبة.
وأضاف فان هوسدن أنّ موجة "أوميكرون" تطوّرت في جنوب أفريقيا بشكل أسرع من سابقاتها، ولكن مع تراجع عدد الحالات الشديدة. ولكن الانتشار السريع يشير إلى أن المتحور أكثر ضراوة، كما أنه يصيب الأشخاص الذين سبق أن أصيبوا بفيروس كورونا. وعلى الرغم من عدم وجود معلومات كافية حتى الآن عن متحور "أوميكرون"، وأننا نتعلم عنه المزيد كل يوم، إلا أنّ التركيز لا يزال مُنصبًا على اللقاحات. وأوضح فان هوسدن أنّ "’أوميكرون‘ أصبح الآن منتشرًا في جميع أنحاء العالم".
وللأسف، واجهت جنوب أفريقيا العواقب بعدما أدى استخدامها لتقنية التسلسل الجيني المتقدمة إلى دق ناقوس الخطر بشأن "أوميكرون". فعلى سبيل المثال، فرضت الولايات المتحدة ودول أخرى حظرًا للسفر على جنوب إفريقيا وغيرها من الدول المجاورة لها، ما شكّل عقوبات على المسافرين والاقتصادات المحلية. وفي هذا الصدد، قال أويوالا توموري، أستاذ علم الفيروسات بجامعة ريديمر في نيجيريا، إنّ "اليوم الذي أعلنت فيه جنوب أفريقيا اكتشاف المتحور ليس نفس اليوم الذي ظهر فيه، ولكن الناس لم يكونوا على استعداد للاستماع".
تنتشر المتحورات بدون أن يتم اكتشافها
لقد تم توزيع اللقاحات واختبارات كوفيد-19 وتقنيات التسلسل الجيني بشكل غير عادل في أفريقيا والعالم بأسره أثناء الجائحة، وهو ما يؤدي إلى تطور المتحورات مثل "أوميكرون" و"دلتا" من قبله. وقد تنتشر هذه المتحورات من غير أن يتم اكتشافها في مرحلة مبكرة بما يكفي لمكافحتها، إضافة إلى غيرها من المتحورات التي لا تتم ملاحظتها أبدًا. وحسب فان هوسدن، فإن المتحورات ستواصل تطورها مع استمرار انتشار الفيروس.
وأكد مسؤول المعلوماتية الحيوية أنّ "هذا الأمر يمثل تحديًا للصحة العامة، فأمامنا فيروس يتطور في الأساس من خلال غزو جهاز المناعة لدينا"، مضيفًا أنّ ذلك "لا يعني أنه سيتسبب في أمراضٍ أكثر خطورة، ولكنه يعني أن حماية الناس من العدوى أصبحت أكثر صعوبة مع ظهور هذا المتحور".
ومع ذلك، تستمر اللقاحات في تأدية غرضها، وتبقى منتشرة في الأغلب بين غير المحصنين. وفي هذا الصدد، أوضح توموري أنّ "أهم شيء هو مستوى مناعة الشخص، فهذا هو ما يؤثر على ضراوة المتحور".
"وباء معلوماتي" ضمن الجائحة
قال فان هوسدن إن تغطية المتحورات وطرق مكافحتها تمثل تحديًا هائلًا. فعلى سبيل المثال، أصبحت تغطية أخبار "أوميكرون" في المملكة المتحدة إثارية وتفتقر إلى السياق الهام في أغلب الأحيان. وأضاف أنّ "الارتباك حول ’أوميكرون‘ قد يفاقم من ’الوباء المعلوماتي‘ الناجم عن نشر المعلومات المضللة بشأن تدخلات الصحة العامة. وفي وسط كل ذلك، يمثل التواصل تحديًا كبيرًا".
وعلاوة على ذلك، فإن الصحة العامة مبنية جزئيًا على السياسة. ولكن من المهم أن يتجنب مسؤولو الصحة أي تأثيرات سياسية على عملهم. وفي هذا السياق، قال توموري إنه "إذا كان الأمر متروكًا للسياسيين، لم نكن لنحصل على أي تغطية بعد الآن. لذا لا ينبغي أن ننخرط في السياسة".
من جهته، أشار فان هوسدن إلى أن طبيعة أزمة الصحة العامة المتطورة باستمرار تجعل التواصل مع الحكومات والجمهور صعبًا، قائلًا إن "الحكومات تريد الإجابات، ولكننا لسنا في حالة فراغ. فما نحتاج إلى إبلاغ الناس به هو أن هذا فيروس جديد، وأن ما نعرفه اليوم قد يتغير، وكذلك الأدوات التي بحوزتنا، لذا ينبغي أن نكون على استعداد لمواجهة التغيرات".
التعاون بوصفه حلًا
تفتقر القارة الأفريقية إلى نظام مراقبة منسق، وهو ما قد تكون له عواقب. فعلى سبيل المثال، هناك أماكن يسهل فيها انتشار المتحورات من دون أن يتم اكتشافها. وفي هذا الإطار، أوضح توموري أن "ما يبدأ في جنوب أفريقيا أو نيجيريا سيصبح في النهاية مشكلة تواجه القارة بأكملها، لذا علينا أن نعمل معًا ونتعاون مع العلماء الأفارقة".
كما أكد توموري على حاجة الحكومات الأفريقية إلى إعطاء الأولوية إلى الصحة العامة والتدخلات غير الدوائية أيضًا، قائلًا إنه "من المهم أن نواصل ما نفعله، فنحن بحاجة إلى تمكين العلماء الأفارقة"، مضيفًا: "مهما كانت المعلومات المتوفرة لدينا، علينا أن نجعلها متاحة للجميع ونعلن للناس أننا لسنا معصومين من الخطأ، وأن هذه هي المعلومات التي يحتاجون إلى الاطلاع عليها".
هذا الفيروس سوف يستمر، ويجب أن تعكس الحلول ذلك. وأوضح فان هوسدن أنه "نظرًا لعدم نجاح أنظمة الصحة الأفريقية، وفشل التضامن العالمي، لن نقضي على هذا الفيروس مرة أخرى. فهناك خصائص لهذا الفيروس تجعل الأمر صعبًا للغاية. وسوف نستمر في مكافحته لسنوات عديدة، لذا علينا أن نتواضع، وأن نجد أفضل حلّ متاح". وأضاف أن الحصول على الكمامات والتحاليل والإجازات المرضية واللقاحات كلها أمور أساسية.
وأكد أنّ "علينا إقناع الناس بتلقي اللقاحات، ولكن هناك مشكلة في ذلك، إذ نجد أنه من الصعب الحصول عليها. لذا علينا أن نجد طريقة فعالة لإيصال اللقاحات إلى الأبواب. وقد اطلعت العديد من الجهات على المعلومات المتعلقة بمدى فعالية اللقاحات، إذًا فالدليل موجود، ولكننا نسينا شكل حملات التطعيم".
وأضاف أن اللقاحات لا تزال ذات أولوية، وأنه بحسب الأدلة المقدمة من جنوب أفريقيا، فإن هؤلاء الحاصلين على الجرعتين وسبق أن أصيبوا بالفيروس لديهم أفضل حماية من المتحور الجديد. وأوضح أن "مستوى حمايتك من الإصابة بالعدوى قد يكون منخفضًا [مقارنة بالسلالات السابقة]، ولكن العديد من الخبراء يعتقدون أن اللقاحات لا تزال قادرة على الحماية من المرض الشديد، وأنا أتفق معهم".