كيف تستقصي عن عقود لقاح كوفيد-19؟

2022-01-18 05:53

التقارير

كيف تستقصي عن عقود لقاح كوفيد-19؟

اعداد:  -GIJN

For English Version

 

الإبلاغ عن تطوير لقاحات كوفيد-19 وإيصالها أمرٌ صعب، ولا يُعزى هذا إلى تعقيد الموضوع فحسب، ولكن إلى السرّيّة الحكوميّة على المستويين الدّولي والوطني كذلك.

تبقى عقود شراء لقاحات كوفيد-19 سرّيّةً بشكلٍ كامل أو إلى حدٍّ كبير، من قِبَل جهة الشّراء العالميّ التي أسستها منظّمة الصحّة العالميّة والحكومات .

وعلى الرغم من هذه الحواجز، يجدُ الصّحفيون سُبلاً للحصول على معلوماتٍ عن العقود وكتابة قصصٍ لا تفصّلُ سعرَ الجرعة والالتزام بالتسليم فحسب، بل يتوصّلون أيضاً إلى أحكام العقود المهمّة والخفيّة المتعلّقة بالتّرخيص والمسؤولية القانونية.

شركات الأدوية الكبرى، التي سبق وأن كسبت مليارات الدّولارات في جميع أنحاء العالم من الكوفيد، تتوقّع تحصيل مكاسب ضخمة مفاجئة. ذكرت وكالة رويترز في 2 فبراير أن شركة “فايزر” تتوقّع مبيعاتٍ بقيمة 15 مليار دولار، في سنة 2021 وحدها. وقد جمعتْ شبكةُ GIJN مصادرَ لمعلوماتٍ ستساعد الصّحفيين على تتبُّع الأموال الخاصة بتوزيع وشراء اللقاحات.

خلف ستارة الكوفيد

ينبغي ألا يشغلنا التّركيز على عقود اللقاحات عن احتمالات الفساد والمحسوبيّة في إيصالها.

في أوائل عام 2020، نشرت GIJN مادةً تحت عنوان “البحث في العقود الحكومية للإنفاق على كوفيد-19″. وركزت على كيفيّة البحث في إنفاق الهيئات الدّولية والحكومات الوطنيّة على إجراءات التّخفيف من وطأة الوباء، مع التّركيز على طرقٍ لمراقبة الفساد.

منْ أبرز دواعي القلق هو انعدام الشّفافيّة بشأن عقود اللقاحات. وفي حال تمّ الكشف عن العقود، غالبًا ما يتمّ حجب المعلومات المهمّة. عادةً ما تُحذف كلفة الجرعة الواحدة، وشروط التّسليم، والبنود الخاصّة بمنْ تعود إليه الملكيّة الفكريّة المعنيّة.

وتطرح هذه الثّغرات مشكلة، وفقاً لـ”شراكة التعاقدات المفتوحة” (OCP)، وهي منظّمة غير حكوميّة مقرّها في واشنطن العاصمة.

وقالت المنظّمة في 29 كانون الثاني/يناير” عندما لا يتمّ نشر العقود والأسعار بشكل روتينيّ، تصبح الشّركات قادرةً على إملاء الشّروط. يمكن فقط لعمليّةٍ مفتوحةٍ وشفّافة  أن تضمن التّوصُّل إلى اتفاقٍ عادلٍ لكلّ بلد، وأن تتيح المجال أمام التّعاون للوصول إلى حلٍّ لمشكلةٍ عالميّة.”

كتبت “ناتالي رودس”، مسؤولة السّياسات في “مبادرة الشّفافيّة الدّوليّة للصحة”، في مقال نُشر في 19 كانون الثاني/يناير: “ينبغي أن تكون الشّفافية قاعدةً راسخة، وألّا تكون استثناءً يتحقّقُ بالتّسريبات العرضيّة”.

معلومات شراءٍ دوليّةٍ محدودة

يمكن ملاحظة انعدام الشفافيّة في COVAX Facilityوهي الآليّة العالميّة للشراء والتوزيع المشترك للقاحات كوفيد-19. بدعم من منظّمة الصحّة العالميّة ومنظّمتين دوليتين تضمّ شركاء عدّة تعملان على اللقاحات، وهما “Gafi” و”تحالف ابتكارات الاستعداد للأوبئة”، تفتخر “كوفاكس” بأنها تمتلك “أكبر مجموعةٍ في العالم وأكثرها تنوعاً من لقاحات كوفيد-19”.

وتقول “كوفاكس” التي تهدف إلى الحصول على ملياري جرعة بحلول نهاية عام 2021 إنّها “تمثّل أفضل أملٍ في العالم لإنهاء المرحلة الحادّة من هذا الوباء بسرعة”. ولكن لا تطلب من “كوفاكس” معلوماتٍ مفصّلة عن صفقاتها أو عن نصوص الاتفاقيّات. ويقول المسؤولون هناك إن الحفاظ على سرّيّة العقود يخدمُ أهدافَ تحصيلِ صفقاتٍ جيّدة.

أفضل تجميعٍ عامّ للمعلومات حول المشتريات من “كوفاكس” والحكومات الوطنية هو “لوحة معلومات سوق لقاح كوفيد-19“، التي أنشأتها منظّمة اليونيسف. تعتمد اللوحة على مصادر عامّة، كالتّقارير الإخباريّة. وعادةً ما يظهر عدد الجرعات التي تمّ شراؤها، وأحيانًا سعر العقد. الوصلات تأخذنا إلى مصادر الأخبار ، ولكن لا تأخذنا إلى العقود نفسها.

ومع ذلك  فإن معلومات اللوحة مُحدَّثة ويمكن استخدام فلاتر لتصفية المعلومات حسب البلد والشركة المصنّعة. وبحسب اليونيسيف، تتفاوت تكلفة الجرعة الواحدة تفاوتًا كبيراً، من 2.19 إلى 44 دولاراً.

تهدف “كوفاكس” إلى توظيف مساهمات البلدان المتقدّمة والمنظّمات الخيريّة لشراء مليارات الجرعات لأكثر من 90 دولة من ذوات الاقتصادات المنخفضة ومتوسطة الدّخل.

لقطة شاشة: متعقِّب التّمويل الصحي لكوفيد – 19 من مجلة الإيكونوميست. انقر على الصّورة لمشاهدة الرسم الأصلي.

يجمع متعقِّب التّمويل الصّحّي التّابع لوحدة الاستخبارات الاقتصادية لكوفيد-19  التّعهدات المقدَّمة إلى “كوفاكس” (13.8 مليار دولار حتى 3 فبراير) والمدفوعات (2.7 مليار دولار حتى 3 فبراير). تنشر بلومبرغ متعقِّبًا لصفقات كوفيد-19.

ويفيد متعقِّب مسارع الالتزام ACT التّابع لمنظّمة الصحّة العالمية عن التزامات التّمويل التي تم التعهّد بها لصندوق مكافحة الجائحة الجامع، وهو صندوق ACT ،الذي تشكّل “كوفاكس” جزءاً منه.

ولم تكشف “كوفاكس” ولا اليونيسيف عن نصوص العقود. وقال مسؤول في اليونيسف إن المنظّمة “ستنشر التّفاصيل المرتبطة” بالعقود “بموافقة المورّدين”. وقد تخضع العقود التي تتعامل معها اليونيسيف لسياسة الإفصاح التي تتبّعهاالمنظمة، ولكن توجد عدة استثناءات للحماية.

العقود الوطنية

ظهرتْ في الولايات المتّحدة والاتّحاد الأوروبي نسخٌ من العقود الوطنيّة المبرمة مع شركات تصنيع الأدوية أُفرط في تنقيحها ، وذلك في بعض الأحيان بسبب طلبات الحصول على المعلومات.

في الاتّحاد الأوروبي، جاءت المعلومات الأوليّة عن تكلفة اللقاحات عبر تسريب. نشرَه وزيرٌ في الحكومة البلجيكيّة، ثمّ حذف منشورعلى تويتر يحتوي على أسعار تفاوضتْ عليها المفوضيّة الأوروبية.

يُجري ديوان المظالم في الاتّحاد الأوروبي تحقيقًا سريعًا وغير عادي، بعد الشكاوى التي قدّمتها مجموعة “مرصد أوروبا المؤسسي” البحثيّة، بشأن رفضِ العديد من طلبات الحصول على المعلومات. وضغط أعضاء البرلمان الأوروبي من أجل مزيد من الشفافيّة. تمّ نشر عقدين من عقود اللقاحات ، مع CureVac و AstraZeneca ، بإذنٍ من الشركتين ، وكلا العقدين منقّحان بشكلٍ كبير.

يجري حاليًا تفحُّص تفاصيلِ هذه العقود عن كثب. وكان عقد CureVac  موضوع مقال  EURACTIV الذي كشف أن “قرابة ربع” نصّ العقد تمّ تنقيحه. اطّلع أيضا على تحليل CEO. درست شركة Civio الإسبانية  عقد AstraZeneca . كما درستْ منصّة Voxeurope العقود وكتبت: “عقود لقاح كوفيد: الاتحاد الأوروبي مكتوف اليدين، بحسب الخبراء.

ماذا يحتوي العقد؟

رغم أن المعلومات عن سعر الجرعة الواحدة قد تتصدر عناوين الصحف، إلا أن خبراء سياسات الرعاية الصحية يقولون إن هنالك عناصر أخرى من العقود لا تقلّ أهمية عن السعر.

من هذه البنود:

– الحدّ من المخاطر الماليّة للشركة المصنِّعة.

– تصف مسؤوليّة الشركة المصنِّعة.

– تمنع المشتري من إرسال اللقاحات إلى بلدان أخرى.

– توضح منْ يملك حقوق اللقاح.

– تصف من يملك الدراية العمليّة في عمليات صنع اللقاح.

– تذكُر ما إذا كانت الحكومة تتمتع بما يسمّى “حقوق الهيمنة” التي تسمح للحكومة، في ظروفٍ محددة، مثل حالات التّلاعب بالأسعار، بأن تطالب المتعاقِد بترخيص المنتَج للآخرين.

– تغطي ما إذا كان بإمكان الحكومة الوصول إلى البيانات التي طورّها المتعاقد عن اللقاح.

– تعطي جداول زمنيّة للتّسليم.

– تنص على العقوبات في حال عدم الالتزام بمتطلبات العقد.

– توضح بالتفصيل منْ يتحكّم بمعلومات العقد.

أتت تقارير إضافية من صحيفة نيويورك تايمز، مع قصة نشرت في 28 يناير تحت عنوان، “الحكومات توقّع صفقات لقاحات سرّيّة: هذا ما تخفيه“. اطّلع أيضًا على المقال المنشور في Eye on Global Transparency:  “باتت الشفافيّة ضحيّةً لعقودِ شراءِ لقاحات كوفيد-19“.

تنقيح عقود اللقاحات الأمريكية

في الولايات المتحدة، كانت عقود اللقاحات التي أُفصح عنها منقحةً إلى حدّ بعيد، كما جاء في تقرير NPR في سبتمبر 2020 من قبل المراسلة الصيدلانية “سيدني لوبكين”.

منظّمةKnowledge Ecology International  غير الحكومية التي تتّخذ من واشنطن العاصمة مقراً لها، جمعت الكثير من المعلومات، عن عقود اللقاحات الأمريكية بالتحديد. اطّلع على قاعدة بيانات عقود KEI  وجداول بيانات عقود كوفيد-19 الأمريكية التي تتعقّب تفاصيل الاتّفاقيات قدر الإمكان.

ومن المثير للاهتمام، تم العثور على العقود المبرمة مع حكومة الولايات المتّحدة في ايداعات من قبل صانعي اللقاح مع لجنة الأوراق المالية والبورصات (راجع EDGAR).

استمرّت “لوبكين” في توثيق ما ينشر من تفاصيل العقد المحدودة، وتوصّلت إلى تفاصيل مهمّة للعمل الصحفي بالرغم من المقاطع الكثيرة المحجوبة من نصّ العقد.

عندما صدرتْ نسخةٌ منقّحة من عقدٍ مع شركة فايزر في نوفمبر، أظهر تحليل “لوبكين”  أن الاتّفاق “لم يتضمّن حقوق الحكومة في الملكية الفكرية التي توجد عادةً في العقود الفيدرالية”. وفي يناير، ذكرت أن عقداً مع شركة “Emergent BioSolutions” يتضمّن بنداً “يمكن أن نضع موظّفي الشركة وأسرهم في مقدّمة طابور التّطعيم”.