2022-01-15 07:34
يخرج أحدنا من عالمه الواقعي، داخلًا عالمًا افتراضيًّا مليئًا بالناس المعروفين ب "أكاونتاتهم" أي حساباتهم الالكترونية المعرّفة إمّا باسمٍ حقيقي أو مُستعار لينشروا عبرها ما يجول في مخيّلتهم من مواقف وعبارات وصور. لكن لبرهةٍ، تظنّ أحدهم شاهرًا سيفه في ساحة حربٍ لا يبغى منها سوى تسليط سيف مواقفه على رقاب المعارضين من عربٍ وعجم.
فهل هكذا تُكون المشاركة على هذا المنصات؟
شبّه أحدهم روّاد مواقع التواصل الاجتماعي بأصحاب محال الخضار الذين ينقسمون إلى نوعين اثنين.
يقف بائع الخضار الأول عارضًا منتجاته الزراعية من خضار وفاكهة، نظيفة مهفهفة، وهو جالسٌ على كرسيّه بصمتٍ أمام محلّه التجاري من دون النطق ببنت شفة.
لكن، وعلى الطرف المقابل له مباشرةً، يقوم بائع خضار آخر بسحب المارّة إكراهًا إلى محلّه، مُجبرًا إياهم على الدخول وشراء ما لديه من بضاعة حتى لو لم يبدوا الرغبة في ذلك، أو يجادلهم من أجل الإقناع.
ما ينطبق على حال الفاكهة والخضار ينطبق أيضًا على الأفكار. فعلى منصات التواصل الاجتماعي، يعرض الجميع أفكارهم. فإن قمت بجولة، سترى الجميع عارضين أفكارهم، بل يخوضون معارك طاحنة ضدّ بعضهم البعض من أجل إقناع أحدهم للآخر برأيه ووجهة نظره.
وهنا يُطرَح سؤالً هو في حد ذاته جواب "هل يفرض علينا تواجدنا في هذه الساحة الافتراضية الانخراط في كل فكرة أو قضيّة تُطرَح؟"
والجواب هنا، والأمر الصادم دائمًا رغم أننا اعتدنا عليه منذ زمن هو عدم اقتناع أحد من روّاد التواصل الاجتماعي برأي الآخر. وهذا يعود إلى أسبابٍ عدّة.
إن أحدنا ومن دون أن يشعر، يتحوّل إلى وضعية المدافع عن نفسه عند دخوله أي نقاش أو تعبير عن رأي في أحد "البوستات" والكومنتات" على مواقع التواصل" وهدفه الأوّل هو الخروج منتصرًا وإقناع الآخرين.
أما في حال طرح أحدهم فكرة مستفزّة وبألفاظ نابية، قد يسأل أحد الغيّورين كيف لنا أن نصمت عنه وألّا نعترض على المحتوى؟ والحل هنا عدم الاكتراث، وبالتالي عرض الفكرة المضادّة بطريقة لبقة ومحترمة ومنظّمة… حينها سيلجأ الجميع إلى رؤية الفكرة بالطريقة المُثلى. فإيّاك والانجرار لأيّ نوع من المواجهة الحادّة إلّا إن أردت الإجابة عن سؤالٍ ما أو استفسار.
ففي هذه المعركة، أي معركة طرح الأفكار، البقاء دائمًا "للأصلح". فمهما انهال روّاد مواقع التواصل على أفكارك المعارضة لهم بالشتم والذم والسخرية، ستظهر الفكرة الأصحّ يومًا للجميع وسيعرف كلُّ امرءٍ قدرَه. فالأفكار الجيّدة ستجذب الناس حتمًا لأنها عُرضت بطريقة حسنة، فلا تلجأ للطرق السيئة أو المبتذلة عن طرح أفكارك ولا تُجبر أحدهم على الاقتناع بها، بل واجه بالطرق الأفضل والأكثر جذبًا وستلقى النتيجة حتمًا… ولو بعد حين.