2021-11-19 12:25
"لطالما أن العراق مكانا خطيرا للعمل الصحفي، خاصة وأنه يفضح فساد السلطة والسلوك الاجرامي. تأتي الاتجاهات الصحفية الجديدة لتكشف عن المخاطر والعوامل التي تساهم في تراجع الصحافة.
لا تقتصر المخاطر على القتل والاعتقال أو الاعتداء الجسدي، إنما في حالات كثيرة. يسيطر السياسيين على المنافذ الاعلامية أيضا، فتارة عن طريق التوظيف، وعن طريق التسقيط تجاه المعارضين وكشف المعلومات الشخصية والمضايقات تارة أخرى كما هو الحال الآن في العراق الذي احتل المرتبة الثالثة في قائمة الدول التي قتل فيها أكبر عد من الصحفيين، وفقا للإحصاء السنوي للاتحاد الدولي للصحفيين، وأن "عدد قتلى الصحافة العراقية منذ عام 2003 حتى الآن بلغ 475 صحفيا"، وهو "رقم كبير لم يحصل في الحرب العالمية ولا حتى في حرب فيتنام".
من جهة أخرى تأتي بعض القوانين والأساليب لتعيق العمل الصحفي بذريعة أو أخرى للحد من الحريات تحت ستار حماية المعلومات. ومن خلال عمل بعض المراسلين الميدانيين وحتى على مستوى إدارة وسائل الاعلام هناك مضايقات تتكرر وهذا ما أكدته منظمة مراسلون بلا حدود عندما وجدت تدابير تحد من حرية الصحافة في العراق.
لقد تدهورت حرية وسائل الإعلام، مع انتشار أشكالا جديدة من القمع، وخلال عام 2020 انخفض ترتيب البلاد، وتضع مراسلون بلا حدود العراق في المرتبة 163 في ترتيب حرية الصحافة، بالقرب من سوريا (173)، واليمن (169)- من أصل 180 دولة. الأمر الأكثر إحباطا هو أن العراق تراجع في التصنيف العالمي كل عام: في عام 2013، كان في المركز 150. وعندما احتل العراق هذه المرتبة تم تصنيف ذلك على انه "إشكالية".
بصرف النظر عن ازدراء القضاء وتصريحات رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي وعد بالدفاع عن حرية الصحافة من خلال تغريدة على توتير بتاريخ 15 شباط 2021 "بالقصاص من القتلة وكل المغدورين وأن العدالة لن تنام"، هناك زيادة في أعمال العنف والمضايقات. لجأ بعض الصحفيين إلى طلب الهجرة، بينما أُجبرت وسائل الاعلام على مراجعة إجراءاتها الأمنية في ضوء ما يحدث من صراعات والمضايقات الأخرى.
علاوة على كل هذه التحديات، يواجه العراق انهيارا شبه كامل في الأساس المالي والأمني خاصة لوسائل الإعلام، وتكافح بعض وسائل الاعلام للبقاء بينما تتدفق عائداتها المالية على ترويج المحتوى من خلال فيسبوك Facebook وتويتر وع Twitter وعلى أجور العمل والخدمات.
على الرغم من النكسات، إلا أننا يجب أن نجد قوانين وبيئة قوية وحماية قانونية لحرية التعبير، ويجب أن تستمر في أن تكون رائدة ضد كل انواع التعسف والمضايقات.
تشمل التوصيات العشرة لصانع القرار العراقي من أجل ايجاد معالجات للاشكاليات ومعالجتها وفق ما يلي:
1. استعادة احترام حرية الصحافة على الصعيدين التشريعي والتنفيذي وعبر القول والفعل.
2. دعم اقتصاديات الاعلام عبر الاستثمارات التي تصب في مصلحة وسائل الإعلام للصالح العام.
3. إنشاء ومساندة وسائل الإعلام المحايدة والمستقلة في تحديد طرق تعزيز قدراتها المالية بشكل يديم حياديتها واستقلاليتها.
4. تشريع قانون يحمي سرية مصادر الصحفي.
5.انشاء وتعزيز ودعم ما تقوم به المنظمات والمؤسسات من تدريب وتأهيل على كيفية مواجهة التهديدات والاعتداءات على الصحفيين.
6. دعم المبادرات التي تعزز الثقة في الصحافة، والتي تهدف إلى تطوير الصحفيين المحترفين ومعايير الصحافة.
7. ضمان آليات شفافة لشركات الإنترنت والاتصالات.
8. تمكين المواطنين من التعرف على دور وسائل الاعلام وأهميتها واحترامها والدفاع عنها على اعتبارها جزء حيوي من توفير المعلومات وأنها نفع عام.
9. يجب أن يكون هناك التزام بالمعايير الدولية التي وقع عليها العراق، والتي تتعلق بالحقوق المدنية والسياسية والالتزام بالاتفاقية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري والإفراج الفوري عن النشطاء المحتجزين.
10. يعاني العراق لدرجة انعدام الصحافة الاستقصائية، خشية من الاستهداف المباشر، وأن التحقيقات في الفساد أو الجريمة تعرض حياة الصحفيين للخطر، لذا يستوجب معالجة هذه الاشكالية المعقدة.
المصدر: مقتطفات من مقال تحت عنوان "تحديات العمل الصحفي: ماذا أنجز عام يلملم أوراقه وما الذي نتطلع اليه في 2022؟" لعلي الطالقاني.