2021-06-22 01:09
منذ العام 1990 حدثت زيادة ملفتة في عدد القوانين التي تكفل حق الحصول إلى المعلومات، ويبلغ عـدد الـدول التـي اقـرت تشريعا يضمن هذا الحق (93) دولة حتى الآن، وكانت الأردن اول دولة عربية تقر قانونا بهذا الشأن وذلك عام 2007. أما على الصعيد اللبناني فقد قدّم في عام 2009 إلى المجلس النيابي اللبناني مسوّدة لمشروع قانون حول "الحق في الوصول إلى المعلومات وحماية كاشفي الفساد".
سجل اقتراح القانون في مجلس النواب في العام 2009، ووضع على جدول اعمال لجنة الإدارة والعدل النيابية ابتداء من العام 2012 حیث بدأت مناقشته في لجنة فرعیة خاصة، ومن ثم أحیل إلى الھیئة العامة لمجلس النواب التي اقرته بموجب القانون رقم 28 تاريخ 10/2/2017.
شكّل اقرار قانون الحق في الوصول إلى المعلومات في لبنان عام 2017 خطوة كبيرة على صعيد تطوير القوانين اللبنانية من أجل تعزيز دولة القانون واعتماد مبادئ الشفافية في إدارة الشأن العام ومواكبة طروحات الاصلاح ومكافحة الفساد، وذلك من خلال تمكين المواطنين والجمعيات والصحافيين من الوصول إلى مصادر المعلومات والزام الادارات العامة بالعلنية في كل انشطتها وقراراتها. غير أنه حتى الان لا يبدو أن هذا القانون قد حقّق النتائج المرجوة منه.
كما أعدت مؤسسة "مهارات" دراسة حول قانون الحق في الوصول إلى المعلومات تهدف إلى الاضاءة على بنود هذا القانون ومعرفة مفاعيل اقراره، والبحث عن المعوقات التي تعترض تطبيقه، وعرض مدى تجاوب المؤسسات والادارات العامة مع أحكامه، فضلا عن تقصّي استخدام الصحافيين لهذا القانون اذ أنه يزوّدهم بسلاح هام في ممارسة دورهم النقدي والرقابي للعب دور السلطة الرابعة المطلوب منهم.
أشارت الدراسة إلى ان اقرار القانون هذا لم تستتبعه خطوات اجرائية لوضعه موضع التنفيذ الفعلي، كما أن الادارات العامة المشمولة بأحكامه ما تزال تتجاهله، فضلا عن أنه لم يدخل بعد في عادات الاعلاميين والمجتمع المدني لاستخدامه في آليات عملهم. وقد أظهر مسح المواقع الالكترونية للادارات العامة تجاهلها لما ينص عليه القانون حول ضرورة نشر بياناتها.
تسعى قوانين الحق في الوصول إلى المعلومات في القانون اللبناني والمقارن عبر الأدوات القانونية والادارية التي ترفع من مستوى شفافية عمل الادارة، إلى تحقيق عدد من الأهداف العامة التي ينطلق غالبيتها من التزامات الدولة مبوجب احكام الدستور والمعاهدات الدولية التي ابرمها لبنان، أبرزها ما يلي:
تأمين الحق بالتعبير والاعلام المتضمن "الحرية في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الاخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها"، وفق المادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
المساهمة في تطوير مؤسسات فعالة، شفافة وخاضعة للمساءلة على جميع االمستويات، وفق الهدف 16 من أهداف الامم المتحدة للتنمية المستدامة المتعلق بالسلام، العدالة المؤسسة القوية – لا سيما الفقرة 6 والفقرة 10 التي تعني الحق في الوصول إلى المعلومات مباشرة.
تنفيذ أعلى معايير الشفافية التي هي ركن أساسي وشرط من شروط "شراكة الحكومة المفتوحة" التي يعمل لبنان لالنخراط فيها، وهي حركة عالمية للاصلاحيين في القطاعين العام والخاص من مختلف أنحاء العالم.
الوقاية من الفساد والمساهمة في مكافحته وفق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي ابرمها لبنان في 2009/4/22 والتي تتخذ من تحقيق الشفافية مبدأ عاما للوقاية من الفساد ومكافحته ووسيلة رئيسية لتأمين حسن الادارة العامة؛ كما تتضمن احكام تفصيلية تتعلق بحق الوصول إلى المعلومات، وذلك في المادة 10 وعنوانها "ابلاغ الناس" والمادة ١٣ وعنوانها "مشاركة المجتمع."
رفع مستوى ثقة المواطن بالدولة التي تعتبر ركن من اركان الديمقراطية الفاعلة ودولة القانون.
جذب الاستثمارات وزيادة مستوى التنافسية للدولة اللبنانية ولاشخاص القانون العام والخاص المعنية بتنفيذ موجبات الشفافية وحق الوصول إلى المعلومات.
واستكمالا للعمل على تنفيذ قانون حق الوصول إلى المعلومات، عقد في وزارة الإعلام في حزيران أي الشهر الفائت من العام الحالي، اجتماع بين وزيرة الإعلام في حكومة تصريف الأعمال الدكتورة منال عبد الصمد والنائب السابق غسان مخيبر، ومدير المشروع الإقليمي لمكافحة الفساد في الدول العربية التابع للأمم المتحدة أركان سبليني، ومديرة مشروع مكافحة الفساد في البرنامج ناتاشا سركيس، وفريق عمل وزارة الإعلام، وذلك في إطار استكمال العمل على وضع قانون الحق في الوصول إلى المعلومات موضع التنفيذ.
وتم خلال الاجتماع الاتفاق على سلسلة خطوات بعضها قريب المدى وبعضها الآخر متوسط المدى، وستعقد لهذه الغاية سلسلة اجتماعات مع إعلاميين ومع الجهات المعنية بقانون الحق في الوصول إلى المعلومات.
وقد سبق لوزارة الإعلام أن وضعت خطة استراتيجية حول القانون، وناقشتها في اجتماعات عقدت مع وزارة التنمية الإدارية وال UNDP، كما نظمت Webinar على "تلفزيون لبنان" حول قانون الحق في الوصول إلى المعلومات، استضافت فيه ممثلين عن ال UNDPوال UNICEF، أضافة إلى لقاء افتراضي مع منظمات المجتمع المدني المعنية بمكافحة الفساد.
إن الوصول إلى المعلومات حق للجميع، للمواطن والصحافي على السواء. من شأن إقرار هذا الحق تشجيع الشفافية في عمل الإدارات العامة وحماية كاشفي الفساد والصحافيين الذين ينشرون معلومات سرّية تساهم في محاربة الفساد وخدمة المصلحة العامة. يتيح حق الوصول إلى المعلومات للمواطن الوصول الى أي معلومة واستخدامها في تقييم مستقل لأداء الحكومة والمسؤولين الرسميين من دون التعرّض للملاحقة القضائية.