دراسة لتغطية قناة "العربية" لمجريات وأحداث العدوان الإسرائيلي

2021-05-24 01:47

التقارير

تم تأسيس قناة العربية قبل فترة من الغزو الأمريكي للعراق وبتمويل سعودي. قامت القناة بالترويج لوجهة النظر الأمريكية، فضلًا عن مواقفها من الحرب على غزة وعلى لبنان وفي سوريا والعراق واليمن.
أما بالنسبة لأحداث فلسطين الأخيرة في العام 2021 فإن تغطية وسائل الإعلام العربية لها ليست أحادية الجانب تماماً كما كانت في الصدامات العربية الإسرائيلية السابقة. فقد ركزت تغطية قناة العربية التلفزيونية المحسوبة على السعودية على الضربات الجوية الإسرائيلية في غزة لتظهر إسرائيل بمظهر القوة والقدرة على الدفاع عن نفسها، لكنها عرضت أيضًا لقطات من البلدات الإسرائيلية حيث فر مدنيون للاحتماء من صواريخ حماس وصفارات الإنذار وذلك بهدف تعزيز فكرة "الصراع" القائم بين الفلسطينيين والإسرائليين على مبدأ أن الأعمال الإجرامية متبادلة بين الطرفيين وليست من قبل الإسرائليين فقط.

فيما يتعلق بالتطبيع العلني مؤخرًا فقد ذكر وزير الخارجية السعودي في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" إن التطبيع مع "إسرائيل" فوائده هائلة للمنطقة على جميع الأصعدة وتحديداً الأمنية منها. وقال إن "تطبيع مكانة "إسرائيل" داخل المنطقة سيحقق فوائد هائلة للمنطقة ككل، وسيكون مفيدا للغاية من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية وكذلك من المنظور الأمني".  وهذا خير دليل على حمل هذه القناة "السعودية" أجندة "إسرائيلية وأمريكية" بعد إعلان الدولة بشكلٍ واضحٍ وصريح عن اتفاقيات ومصالحات مع إسرائيل فمن الطبيعي أن تحمل القناة التابعة "للملك" أجندات سياسية تخدم حلفائها.

واجهت قناة العربية انتقادات واسعة لسياستها الصحفية في تغطية أحداث فلسطين وهاجمها نشطاء وصحفيين على مواقع التواصل الاجتماعي وطالبوا بمقاطعتها. بعض هذه الانتقادات أشارت إلى أن قناة "العربية" غير محايدة في تغطيتها للأحداث وأنها لا تنحاز إلى القضية الفلسطينية، وأنها تقصي الآخر الذي لا يتماشى مع سياسة المملكة العربية السعودية في التطبيع مع الاحتلال. كما أن "العربية" تتابع أحداث فلسطين وكأنها حدث عادي ولا تفرد له مساحة من الوقت والتغطية مثلما أفردت للصاروخ الصيني على سبيل المثال، ولا تغطي لحظيًا ما يتعرض له الفلسطينييون من اعتداءات وحشية على أيدي جيش الاحتلال وتنشغل بملاحقة أخبار هامشية بدلًا من متابعة ما يهم الشارع العربي المتفاعل مع أحداث فلسطين، وأنها تجاوزت الصمت عما يحدث في فلسطين والذي يعد خيانة وتأييد للمحتل بأساليب ملتوية أو صريحة. ثمة انتقادات طالت أيضًا المسميات والمصطلحات المخففة والحيادية أو المضللة التي تطلقها القناة على وصف أحداث فلسطين، مثل "الجيش الإسرائيلي بدلا من قوات الاحتلال، والقتلى الفلسطينيين بدلا من الشهداء الفلسطينيين" و"سلاح غزة" في إشارة إلى المقاومة، وهو مصطلح تجاهل لسياقات الدور الهام الذي تقوم به حركة المقاومة الإسلامية "حماس" دفاعاً عن نفسها وشعبها ومقدسات الأمة الإسلامية أمام هجمة إسرائيلية شرسة، وأيضاً يعتبر مصطلحاً مضللاً، لأنه يضفي صفة "التسليح" على شعب غزة بأكمله، في تجاهل لمئات الآلاف من المدنيين العزّل. كما وصفت ما جرى في باب العمود على أنه "اشتباكات" بين طرفين بسبب "خلاف على التجمع وقت الإفطار" دون أي إشارة إلى انتهاكات المستوطنين واعتداءات قوات الاحتلال على الفلسطينيين في الأقصى. بالإضافة إلى أنها لا تستضيف ضيوفًا من كل التيارات السياسية المؤيدة والمعارضة لتوسيع دائرة النقاشات. إن من يتابع طريقة سرد الأخبار في القناة يعتقد أنها قناة تابعة للاحتلال الصهيوني وليست تابعة للسعودية إذ تعتمد في كل أخبارها على مصادر إسرائيلية وليست فلسطينية، مركزة فقط على نقل وجهة النظر الإسرائيلية، مثل أن "الجيش الإسرائيلي يؤكد تركيز هجماته على أنفاق حماس"، في تجاهل لمئات القتلى من الأطفال والنساء، وإبادة عائلات بأكملها، مثل قصف مخيم الشاطئ الذي أسفر عن مقتل أسرتين، تتكونان من أم وأربعة أبناء. وفي هذا السياق، عرضت قناة العربية تقريراً منقولاً عن وزير الدفاع الإسرائيلي، يُصوّر قطاع غزة وكأنه بأكمله يرقد فوق شبكة من الأنفاق التابعة لحماس، في تبرير خفي للقصف الذي طال أحياء سكنية وحولّها إلى ركام، واستهداف أبراج تتضمن مكاتب مؤسسات صحفية ووكالات أنباء عربية وعالمية.

كما قام النشطاء بإعادة نشر تغريدات تنتقد قناة "العربية" لعدد من الدعاة السعوديين ممن تم اعتقالهم أو إيقافهم، أكدوا فيها انزعاجهم الشديد هم وعدد من علماء المسلمين والسياسيين الحريصين على الأمة الإسلامية، لما وصفوه "هدم قناة العربية للأمة وأنها وجه أسود لبلادنا" "أينما تجد تبرير الأعمال الإجرامية للصهاينة والأمريكان تجد قناة العربية".

عملت "العربية" على تنفيذ أجندة سياسية، حيث وصفت ما يحصل بـ "التصعيد" بدل العدوان ووضعت "حماس" و"إسرائيل" على قدم المساواة في إطلاق الصواريخ، من دون أي اعتبار لمحتلّ أو حتى لقدرات جيش مقابل فصيل فلسطيني. المحطة السعودية التي لم تعر الحدث الفلسطيني اهتماماً في الأيام الأولى للعدوان، ركّزت لاحقاً على تنفيذ أجندة سياسية، تتعلق بإيران، التي تدعم "حماس"، وتمدّها بتكنولوجيا الصواريخ. ففي تقرير بثّته المحطة، لم تدن العدوان الإسرائيلي على غزة. بدلاً من ذلك، أوردت بأنّ "حماس" كانت مستعدة لهذه الجولة، وبأنّ ايران لم تكن متفاجئة بل أفادت من هذه الحرب. وفي تغطية أخرى، تباهت الشبكة بتدمير قوات الاحتلال منازل قياديين من الفصائل الفلسطينية، وتغنّت بإشراف وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس على العملية، وتدميرها أنفاق المقاومة الفلسطينية. أضف إلى ذلك أنّ المحطة أعادت نشر صور 30 قيادياً ادّعت إسرائيل بأنها قامت باغتيالهم من فصائل المقاومة الفلسطينية، ونشرتهم على منصات إعلامها.

لعل أبرز ما قامت به القناة واستدعى هجومًا واسعًا عليها هو قيامها بترويج شائعة تفيد بخروج عوائل قادة بالفصائل الفلسطينية وأبنائهم إلى مصر خلال العدوان الإسرائيلي الجاري على قطاع غزة. وردًا على ذلك، قامت وزارة الداخلية الفلسطينية في قطاع غزة بنفي ما أعلنته هذه القناة، وقالت في بيان: "ننفي بشكل قاطع ما تروّجه قناة "العربية" من شائعات مغرضة بحق شعبنا الفلسطيني الصامد ومقاومته الباسلة، التي كان آخر مزاعمها بخروج عدد من قادة فصائل المقاومة وعائلاتهم إلى مصر في ظل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة".  كما أضافت: "نؤكد أن قناة العربية كانت ولا تزال تمارس دورا مشبوها، وتعمل وفق أجندة تتقاطع مع أجندة الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة مخابراته في استهداف شعبنا ومقاومته". وتابعت: "وفي هذا الصدد، نؤكد على جميع الصحفيين والمؤسسات والشركات الإعلامية في غزة باستمرار قرار عدم التعامل مع هذه القناة بأي شكل كان". في نهاية البيان دعت الشخصيات والكتاب والمحللين إلى مقاطعتها، وعدم التعاطي معها أو الظهور على شاشتها؛ لدورها المشبوه في الإساءة للشعب الفلسطيني، ومحاولة المسّ بصموده ونضاله ضد الاحتلال.

وتأكيدًا على ذلك، اعتبر عضو مكتب العلاقات العربية والإسلامية في حركة حماس، أن قناة "العربية" السعودية تتساوى مع الموقف الصهيوني المعادي لفلسطين والأمتين العربية والإسلامية، حيث قال في حديث لـ"العهد نيوز"، "ننفي بشكل تام ما تروجه قناة العربية حول خروج قيادات المقاومة الإسلامية حماس وعائلاتهم إلى مصر هرباً من الحرب الدائرة في فلسطين، ونؤكد أن أبناء حماس صامدون في غزة يواجهون الاحتلال الصهيون." وأضاف، "أن قناة العربية السعودية وبدلاً من الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ومقاومته، ذهبت إلى الترويج لأكاذيب يريدها العدو الصهيوني وتخدم الصهاينة في هذه المرحلة". كما أشار إلى أن الهدف من بث هكذا أخبار هو ضرب الجبهة الداخلية الفلسطينية، مطالباً وسائل الإعلام بان لا تنقل عن قناة العربية السعودية لأنها تتساوق مع الموقف الصهيوني المعادي للشعب الفلسطيني وللأمتين العربية والإسلامية.

أدى نشر هذا الخبر المضلل لقناة العربية لقيام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بدعوة الشعب الفلسطيني وأبناء العالم العربي إلى مقاطعة قناة العربية الفضائية، وعدم السماح لها بالعمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة لكونها "أحد أبواق الفتنة والأدوات الإعلامية التي تحمل أجندات مشبوهة تخدم بالأساس الاحتلال". واعتبرت الجبهة أن هذه القناة المشبوهة دأبت منذ تأسيسها على نشر الأكاذيب وتبني وجهات النظر المعادية للشعب الفلسطيني ولمقاومته الباسلة والترويج للبروباغندا الصهيونية التي قلبت الحقيقة إلى أكاذيب والعكس وحَولّت من النضال العادل للشعب الفلسطيني ارهاباً والعدو الصهيونيّ المجرم ضحية.

إحصاءت لتغطية قناة العربية:

كشف موقع "إيكاد" عن تمكن فريق تحليل الخطاب الإعلامي الخاص به بتحليل تقني دقيق لحساب "العربية عاجل" عبر تويتر وتحلبل اتجاهات السردية الإعلامية التي تقدمها قناة "العربية" للحدث الفلسطيني. تم تحليل التغريدات التي نُشرت أول 4 أيام من التصعيد، والتي بدأت في 10 أيار/ مايو وحتى 14 من الشهر عينه.

 

عبر تحليل تقني دقيق لحساب "العربية عاجل" على تويتر تمكن فريق تحليل الخطاب الإعلامي بإيكاد بتحليل اتجاهات السردية...

Posted by ‎Eekad - إيكاد‎ on Thursday, May 20, 2021