الصواريخ الإسرائيلية في مواجهة الكلمة… استهداف الصحفيين لقتلهم أو إخراسهم

2021-05-24 11:59

التقارير

"نشرت ميرفت صادق في موقع الجزيرة

بعد قصف عدة أبراج وبنايات تجارية وسكنية تضم مكاتب مؤسسات ووكالات إعلامية فلسطينية ودولية وسط مدينة غزة؛ جاء قتل الصحفي في إذاعة صوت الأقصى يوسف أبو حسين بقصف منزله فجر الأربعاء 19 مايو/أيار الجاري، ليضيف علامة فارقة في الاستهداف الإسرائيلي للصحفيين خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.

وبعد إعلان وقف إطلاق النار وتعليق العدوان -أول أمس الجمعة- وثقت نقابة الصحفيين الفلسطينيين تدمير أكثر من 33 مؤسسة إعلامية خلال 10 أيام من القصف الإسرائيلي.

 

وحسب بيان للنقابة، ارتكبت إسرائيل مجازر بحق الصحفيين في بيوتهم الآمنة أو خلال تغطياتهم الميدانية، إذ أدى القصف إلى إصابات وأضرار لحقت بأكثر من 70 صحفيا في قطاع غزة، بالإضافة إلى تسجيل نحو 100 انتهاك بحق الصحفيين الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس خلال تغطيتهم المواجهات والاعتداءات الإسرائيلية في الشهرين الأخيرين.

استهداف متكرر

الجزيرة نت قابلت المصور الغزّي مؤمن قريقع الذي عاش يوم عيد الفطر 13 مايو/أيار نكبةً جديدة في عمله الصحفي عندما تعرضت مؤسسة "آيديا" للإنتاج الإعلامي -التي أسسها منذ شهور قليلة- للتدمير إثر قصف عمارة الوليد غربي مدينة غزة.

ويعمل قريقع مع 6 صحفيين، جميعهم فقدوا عملهم ومعداتهم بسبب القصف. وكان قريقع قد أصيب بجروح صعبة خلال تغطيته العدوان الإسرائيلي الأول على غزة عام 2009، ومرة أخرى في عدوان 2012، الأمر الذي تسبب بفقدان ساقيه. وقال قريقع إن استهداف إسرائيل للصحفيين ومقارهم هدفه تغييب صورة الآثار المدمرة للعدوان عن الإعلام الدولي.

ومن بين عشرات الصحفيين المصابين، نجا مصور وكالة الأناضول التركية محمد العالول من الموت، بعد أن سقط صاروخ إسرائيلي قرب سيارة وكالته التي كانت تحمل شارة الصحافة. واستقلها العالول مع 3 من زملائه خلال تغطيتهم قصف قرية أم النصر شمال القطاع.

وقال العالول للجزيرة نت، إنه أصيب بشظايا مختلفة في أنحاء جسده وخضع لعمليات جراحية، وأدت إصابته إلى توقف عمله.

تدمير مقرات الصحافة

ووثقت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان استهداف البنية التحتية ومن ضمنها الأبراج السكنية والتجارية، والتي ضمت عددا كبيرا من مكاتب المؤسسات الصحفية المحلية والدولية، أولها برج الجوهرة في اليوم الثاني للعدوان، مما أدى إلى تدمير 12 مقرا إعلاميا، منها مكاتب صحيفتي فلسطين والعربي الجديد وقنوات العربي والمملكة ووكالة "إيه بي إيه" (APA).

وفي اليوم ذاته، قصف الاحتلال برج الشروق الذي ضم 6 مؤسسات إعلامية، منها مقر فضائية وإذاعة الأقصى وقناة فلسطين اليوم.

وكان قصف برج الجلاء وانهياره أمام عدسات الصحافة العالمية؛ يُعدُّ الاستهدافَ الأبرز للمقرات الإعلامية، إذ ضم البرج 8 مؤسسات إعلامية؛ منها مكاتب واستوديوهات قناة الجزيرة ومقر وكالة الصحافة الأميركية "أسوشيتد برس" (Associated Press).

يقول مراسل قناة الجزيرة بغزة هشام زقوت إن استهداف برج الجلاء ومكتب قناة الجزيرة تحديدا "كان متعمدا"، وإنه لا مبرر لتدمير برج كامل بهذا الحجم سوى محاولة طمس صوت الإعلام الذي يبث منه.

ويضيف زقوت إن تغطية الجزيرة للعدوان على غزة جاءت بعد أسابيع من التغطية المكثفة لأحداث القدس وحي الشيخ جراح، ورافق ذلك تحريضا مستمرا على القناة وصولا إلى استهداف مكاتبها في غزة.

"إنها فعلا محاولة لإسكات الشهود" يقول زقوت، "وقد ألحق ذلك ضررا بعمل الطواقم الصحفية، ولكنه لم يؤثر على التغطية الصحفية التي لم تنقطع حتى خلال تدمير برج الجلاء؛ حيث كان فريق القناة منتشرا في أكثر من مكان بالقطاع كي يستمر بث الصورة".

وفي اليوم ذاته، غطت القناة ووسائل الإعلام -التي تعرضت للقصف- مجزرة شارع الوحدة وسط غزة، والتي راح ضحيتها أكثر من 45 فلسطينيا، ونقلت انتشال الجثامين من تحت الأنقاض.

ويعمل في مقر الجزيرة بغزة -والذي تأسس بهذا الحجم منذ عام 2009- ما لا يقل عن 20 صحفيا وتقنيا فقدوا معداتهم كاملة، بعد أن رفض الاحتلال منحهم مهلة لإخراجها.

وإلى جانب الصحفي يوسف أبو حسين وناشطين إعلاميين سُجّل استشهادهم في العدوان الأخير على قطاع غزة؛ يوثق مركز المعلومات الفلسطيني استشهاد ما لا يقل عن 45 صحفيا فلسطينيا منذ انتفاضة عام 2000، منهم الصحفيان ياسر مرتجي وأحمد أبو حسين الذين قُتلا بالرصاص والقنابل الإسرائيلية خلال تغطيتهما مسيرات العودة على حدود قطاع غزة عام 2018، والتي أصيب خلالها أكثر من 400 صحفي.

وفي العدوان الإسرائيلي على غزة -الذي استمر 50 يوما صيف 2014- قتل القصف الإسرائيلي 16 صحفيا فلسطينيا أيضا.

جرائم لإخراس الصحافة

يقول منسق لجنة دعم الصحفيين في فلسطين صالح المصري إن إسرائيل ارتكبت في العدوان الأخير جرائم حرب استهدفت المدنيين والصحفيين، ويتبين ذلك من خلال استهداف متعمد للأبراج المدنية رغم علمها بوجود مقار إعلامية بها.

وبحسب المصري، كان الهدف "إخراس الصحافة، حتى تمارس إسرائيل جرائمها بصمت وبعيدا عن أنظار العالم.. ورغم ذلك، ظلت صورة العدوان على الهواء مباشرة".

وفي السياق، أشار المصري أيضا إلى منع الاحتلال الإسرائيلي دخول طواقم الصحافة الأجنبية لقطاع غزة طيلة العدوان.

وطالب المصري الحكومة الفلسطينية باعتبارها صاحبة الولاية القانونية على قطاع غزة، بإدراج جرائم الحرب بحق الصحفيين في ملفات التحقيق لدى المحكمة الجنائية الدولية، كي لا يفلت الاحتلال من العقاب.