2022-06-10 09:29
-ijnetرياض شعباني وعبدالرحمن محمود
ربما يصحّ التعبير حول وجود علاقة طردية بين الزخم الإخباري ومعدل الشائعات، مما يضع رؤساء غرف الأخبار أمام تحديات في محاربة الأخبار الزائفة والتحقق من المعلومات قبل نقلها إلى الجمهور، لا سيما مع وجود منصات التواصل الاجتماعي التي يرى البعض أنها تشكل بيئة خصبة لتداول الشائعات بسرعة وفي نطاق واسع.
وخلال العقد الأخير، ظهرت في المنطقة العربية سلسلة مبادرات تختص بدحض الشائعات وتبيان الحقائق، حيث تعدّ هيئة مكافحة الإشاعات في السعودية من أولى المنصات العربية المتخصصة في هذا المجال منذ انطلاقتها في العام 2012.
ويوضح رئيس تحرير منصة trust news التونسية صحبي بن نايلة في حديث لشبكة الصحفيين الدوليين إلى أنّ نتائج دراسة أنجزها فريق بحث تونسي أشارت إلى وجود 31 منصة قائمة بذاتها متخصصة في التدقيق والتحري من المعلومات، تنشط أغلبها بكل من تونس والأردن ومصر وليبيا.
وسجلت في تونس مبادرات جادة أثبتت وجودها مع مرور الوقت، منها منصة "تونس تتحرى "Tunifact، التي أطلقتها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين مطلع سنة 2021 في إطار مشروع مشترك مع منظمة Hivos الهولندية.
وتعمل "تونس تتحرى" حسب رئيسة التحرير أروى الكعلي على "التحري من الأخبار والصور والفيديوهات وتصريحات المسؤولين وكل ما يتعلق بالأخطاء الصحفية والمضامين الرقمية المفبركة وغيرها باستخدام وسائل تقنية دقيقة من تطبيقات وبرمجيات وكذلك الطرق الكلاسيكية".
وفي ذات السياق، يلتزم فريق تحرير منصة "تراست نيوز"، التي انطلقت عام 2019 بأخلاقيات الصحافة والمبادئ الدولية في استقاء الخبر ومعالجته ونشره، مع نشر الأخبار الزائفة والتدقيق فيها وتصنيفها بدون محاباة وتوخي الشفافية، والكشف عن مصادر الخبر ومصادر التدقيق.
وتتقاطع مختلف المبادرات في غايات مشتركة، من حيث تعزيز الثقة في الصحافة والمساهمة في إرساء صحافة الجودة ونشر مبادئ أخلاقيات النشر، وكذلك التصدي لسياسات التضليل إضافة إلى تعزيز وظيفة الرقابة والمسؤولية الاجتماعية التي تعنى بها الصحافة كـ"سلطة رابعة".
وتتشابه أساليب التحقق الإخباري بالمبادرات المتعددة، من خلال الاتصال بصاحب التصريح (فرداً أو كياناً) للتأكد من مصداقية الخبر أو عدمه، والاستعانة بمختصين في برامج تحرير الصور والفيديو لكشف التلاعب الخفي فيها، بجانب اعتماد منهجية تقاطع المصادر وغيرها من أساليب التحري المعتمدة.
وبالأراضي الفلسطينية وعلى وقع سخونة الأوضاع الميدانية من حين لآخر، برزت عدة مبادرات، مثل منصة المرصد الفلسطيني للتحقق والتربية الإعلامية "كاشف"، التي تطورت فكرتها أواخر عام 2019 بعد انتشار فيروس كورونا، وتدفق كمية هائلة من المعلومات المضللة حوله، بتوحيد جهود مبادرة "تحقق" ومركز "شاهد".
ووفق النشرة التعريفية بالمرصد، فقد جرى اعتماد الأخير من قبل نقابة الصحفيين الفلسطينيين كمرصد موثوق حول التحقق من المعلومات الزائفة، تعمل فيه مجموعة مهنية من الصحفيين والناشطين في مجال الإعلام والأخبار.
وتهدف منصة "كاشف" إلى التعاون مع وسائل الإعلام من أجل استخدام أدوات التحقق من المحتوى قبل نشره، وتدريب الشباب حول مهارات التعامل مع وسائل الإعلام والمحتوى المنشور على وسائل التواصل، فضلاً عن صون حق الجمهور في الوصول إلى المعلومات الدقيقة. وتعمل المنصة على عدة مسارات تبدأ برصد الشائعات والتحقق من الأخبار وإثباتها أو نفيها بأسلوب مهني، وفي المسار الثاني تهتم بتعزيز أخلاقيات العمل الإعلامي وأدبيات النشر خاصة المتعلقة بالمستجدات التي يجري تداولها عبر منصات التواصل الإجتماعي من دون تحقق أو بشكل مسيء لحالة أو لظرف ما، فضلًا عن تنفيذ دورات تدريبية وإصدار تقارير وإحصائيات متخصصة.
وخلال العام الماضي 2021، تعاون فريق "كاشف" مع مركز الأرض للدراسات والسياسات ونقابة الصحفيين، في إصدار دليل تدريبي يتناول "التحقق في زمن الانتخابات"، مستهدفًا العاملين في القطاع الإعلامي، والمواطنين المتابعين والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي. وتناول الدليل تأثير المعلومات المضللة على العملية الانتخابية، وكيفية مواجهتها من أجل حماية العملية الديمقراطية وضمان النزاهة والشفافية في ذلك، مقدمًا في ذات الوقت الآليات والمعايير المطلوب توافرها للتحقق خلال العملية، استنادًا على أخلاقيات التغطية الإعلامية في الانتخابات ومبادئ التحقق.
وبالموازاة، تنشط مبادرة تيقن التي تبلورت فكرتها لدى الشاب أنس حواري، في أثناء تحضيره لمشروع تخرجه من كلية الإعلام بجامعة النجاح نهاية 2017، ثم بدأ بتطبيقها على أرض الواقع، بمساعدة مجموعة من خريجي الصحافة، قبل أن يتطور فريق العمل لاحقاً.
ويقول حواري خلال حديثه لـ"شبكة الصحفيين الدوليين": "يعمل فريق المبادرة بمجالات متنوعة ومتكاملة، انطلاقًا من مهمة التقصي، مروراً بفريق الاتصال والاستيضاح، ثم العلاقات العامة، وصولاً إلى فريق الترجمة، فضلًا عن فريق من المحامين المختص بالدعم القانوني عند الحاجة".
ويرى حواري أنّ الهدف الأساسي لمختلف مبادرات التحقق يجب أن يكون تغيير واقع نشر المعلومات بشكل أفضل نحو الالتزام بالدقة، وعدم الاقتصار على الرصد والتعديل فقط، بالإضافة إلى اعتماد تلك المبادرات كمرجعية لرواد "السوشيال ميديا" عند تداول أخبار قد يشك في مصداقيتها للوهلة الأولى.
ويبدأ عمل فريق "تيقن" للتأكد من الخبر المتداول هنا أو هناك، بفحص مدى منطقيته وواقعيته قياسًا على المشهد العام فـ"المكتوب يتضح من عنوانه"، وفقًا لحواري الذي يضيف: "ثم قد نبدأ بعمليات التواصل المباشر مع المصادر المعنية أو الترجمة، قبل أن نلجأ إلى الوسائل التقنية كالبحث العكسي وما شابه ذلك".
وتواجه المبادرة تحديات بحسب حواري، أبرزها ضعف تعاون بعض الجهات الرسمية عند محاولة التواصل معهم لفحص مصداقية الخبر أو عدمه، وغياب قانون النفاذ إلى المعلومة في الأراضي الفلسطينية ممّا يصعب ويؤخر عمليات التحقق في بعض الأحيان، وكذلك مهاجمة المبادرة والتشهير بها لاعتبارات سياسية عند الجمهور.
وإن كانت دول عديدة تعمل على مواجهة الأخبار الكاذبة، نسجل غياباً جزئيًا لهذه المنصات في الجزائر، باستثناء مبادرة كانت قد اطلقت عام 2019 وهي هيئة مكافحة الإشاعات الالكترونية التي ما لبثت أن توقفت هي ومثيلاتها لأسباب متعلقة بالتمويل والاجراءات القانونية.
نصائح وتوجيهات
ويرى أستاذ الإعلام بجامعة كيبيك صحبي بن نايلة في حديثٍ لشبكة الصحفيين الدوليين أنّ "الطريق لا زال طويلاً أمام المهتمين في مجال التحري والتدقيق في الأخبار، وذلك لأسباب تنطلق أساساً من غياب فهم دقيق لهذا المجال"، ويُنصح بما يلي:
من جانبها، ترى أستاذة الإعلام بجامعة أم البواقي بالجزائر نوال بومشطة أنّ رصد أي معلومات مضللة أو كاذبة يتطلب امتلاك مبادئ أساسية وأدوات يتقنها فريق الأخبار من جهة والمتلقي من جهة أخرى ومن بينها:
بالنسبة لفريق الأخبار:
أما بالنسبة للأفراد فيمكنهم التحقق من الأخبار الكاذبة بالنظر إلى النقاط الآتية:
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على بيكساباي بواسطة WendyAlison