تجربة "فرونت لاين": رواية القصص والتقارير باستخدام تقنية الواقع الافتراضي

2022-06-08 08:49

التقارير

المصدر: هديل عرجة-ijnet

في يوليو/تموز 2021، بدأنا في منصة Frontline in focus  وtinyhand المتخصصة بقضايا الأطفال في مناطق الحروب والفائزة في الدورة السابعة من برنامج مركز التوجيه للمبادرات الإعلامية التابع لشبكة الصحفيين الدوليين، بخطة عمل جديدة ركزت على إنتاج تقارير صحفية من مناطق الحروب باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز.

بعد قرابة 10 أشهر من العمل أطلقنا المنصة الإعلامية Frontline in focus XR التي تستخدم تقنية الواقع الافتراضي والواقع المعزز، بالاستعانة بأكثر الأدوات تقدماً، والاعتماد على فريق من المراسلين المحليين الذين تمّ تدريبهم على استخدام معدات متخصصة بأفضل طريقة ممكنة، لتقديم قصص وتقارير من الخطوط الأمامية، علمًا أنّ المشروع حاز في عام 2021 على جائزة "تحدي الابتكار" من جوجل.

باستخدام تقنية الواقع الافتراضي، ستنقلك منصة فرونت لاين إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها، لا سيما تلك التي تعاني من نزاعات وحروب، وتساعدك في بناء قصتك، وإجراء مقابلات مع الأشخاص المناسبين. ستتمكن من طرح الأسئلة التي تريدها والحصول على ترجمة فورية إذا لزم الأمر. والـXR هو مصطلح يرمز إلى الواقع الافتراضي والواقع المعزز معاً.

فيما يلي، سأقدّم مجموعة خطوات تساعد الصحفيين/ات في إنتاج قصص وتقارير بالاعتماد على تقنية الواقع الافتراضي. والسؤال المطروح هنا ليس فقط من أين ستبدأ؟ بل من المهم أيضاً أن تدرك لماذا يجب أن تبدأ بإنتاج قصص صحفية باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي وتقنيات فيديو 360 درجة، في عالمنا الذي ينمو فيه الطلب على المهارات الرقمية.

فاليوم تتجه الكثير من الشركات إلى إنشاء تطبيقات الـميتافيرس (metaverse) وهي شبكة من العالم الافتراضي ثلاثية الأبعاد تركز على الاتصال الاجتماعي والتفاعل المباشر من خلال "الأفاتار" الخاص لكل مستخدم، وهي الحلقة الرئيسية التي تربط العالم المادي والرقمي معًا، كان قد أعلن عنها في وقت سابق مارك زوكربيرج مدير شركة ميتا "فيسبوك".

زوكربيرج قال إنّ شركته خلال السنوات الخمس إلى العشر القادمة ستطوّر بيئات افتراضية غامرة تسمح بالتفاعل مع الأصوات والعطور وحتى اللمس في عوالمهم الافتراضية. 

إذًا، كل ذلك سيؤثر على كيفية استهلاك الجمهور للأخبار وكذلك على كيفية جمع التقارير ونشرها، فالقضية هنا كلها حول خلق تفاعل أكبر وواقعي أكثر مع الجمهور، وهذا التفاعل الذي بدوره سوف ينتج تأثيراً أكبر على جمهورك المستهدف، وهي الغاية التي نسعى إليها كصحفيين في موادنا الإعلامية.
 

ماذا يعني إنتاج قصة صحفية بتقنية الواقع الافتراضي؟

الواقع الافتراضي (Virtual Reality) هو استخدام التكنولوجيا لإنشاء بيئة ثلاثية الأبعاد فيها محاكاة للواقع الحقيقي بشكل تسمح للجمهور التفاعل مع هذا العالم بطرق يشعرون كما لو أنهم هناك، وبالتالي لم يعد يختبر هذا الجمهور القصة من الخارج فقط بل يصبح جزءاً من القصة وذلك يتم بطرق عديدة أهمها نظارات الواقع الافتراضي التي يضعها المتابعون داخل الحدث وتمكنهم من مشاهدة الفيديو من جميع الزوايا.

 

      الخطوة الأولى لتجربة الواقع الافتراضيالخطوة الأولى لتجربة الواقع الافتراضي. صورة توضيحية من قناة يوتيوب الخاصة بـfrontline in focus

الخطوة الثانية لتجربة الواقع الافتراضيالخطوة الثانية لتجربة الواقع الافتراضي. صورة توضيحية من قناة يوتيوب الخاصة بـfrontline in focus

الخطوة الثالثة لتجربة الواقع الافتراضيالخطوة الثالثة لتجربة الواقع الافتراضي. صورة توضيحية من قناة يوتيوب الخاصة بـfrontline in focus

وتتيح منصة يوتيوب عرض القصص بتقنية الواقع الافتراضي، كل ما تحتاجه هو الضغط على علامة نظارة الواقع الافتراضي ووضع هاتفك داخل النظارة لتجد نفسك داخل الحدث، على سبيل المثال هذه القصة التي تنقلك مباشرة إلى الخطوط الأمامية في سوريا، وتتيح لك التجول مع نازح سوري يعيش بعيداً عن منزله 300 متراً في مدينة تادف السورية التي تقع شرقي مدينة حلب. ويروي هذا النازح كيف حالت الحرب دون عودته إلى منزله الذي نزح منه  ليعيش في منزل مدمر لصديقه.

لإنتاج قصة شبيهة بقصة النازح السوري أبو إبراهيم كل ما تحتاجه هو "كاميرا 360 درجة، وميكروفون".

عندما اخترنا في منصة frontline in focus الانتقال في عملنا إلى إنتاج قصص صحفية باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي، كان علينا أن نجيب على الأسئلة التالية والتي ساعدتنا في وقت لاحق في إنجاز المشروع الحائز على جائزة جوجل للابتكار لعام 2021.

1- ما هي المنصات التي ستعرض هذه التجربة؟

2- من هو الجمهور المستهدف؟ وما هو حجم هذه الجمهور؟ ما هي الأجهزة التي يستخدمونها؟

3- ما هي المواضيع التي تهمهم؟

4- كيف سنبني هذه التجربة من النواحي التقنية؟ 

5- هل الميزانية تناسب ما نعمل على إنتاجه؟

6- كيف سنقوم بالترويج لهذه التجربة بعد الانتهاء منها؟

مجموعة من النصائح خلال العمل على هذا النمط من القصص:

 

  • توجيه انتباه المشاهد

هناك نقطة مهمة جداً عند إنتاج هذا النمط من القصص التي يتم تصويرها بزاوية 360 درجة، قد يفوت المشاهد تفصيلاً مهماً في قصتك وبهذا يجب أن تضع ذلك دوماً في ذهنك خلال العمل على قصة معينة.

على سبيل المثال هذه القصة الصحفية "24 ساعة في خيمة" التي اعتمدنا فيها على معلق صوتي كي يروي تفاصيل القصة، بطريقة تشرح النقاط التي نرغب بإظهارها ولفت نظر المشاهد إليها. ففي الدقيقة 1:47 نوجه انتباه المشاهد لكي يلتفت يمنة ويساراً ويدقق في تفاصيل خيمة النازحين من الداخل.

وهنا مثال آخر، حين يوجه المعلق الصوتي المشاهد بقوله في الثانية 24 "هل تشاهد الباب الأزرق هناك؟".

المفتاح هنا هو الإشارات الصوتية والمرئية، استخدمها كي لا يفوت المشاهدون ما تريد أن يروه.
 

  • امنح المشاهد بعض الحرية

لا يعني توجيه المشاهد أنه يجب أن تأخذ حريته، فتقارير الواقع الافتراضي تعدّ فرصة للبحث واستكشاف المكان الذي ترغب أن يكون هو جزءاً منه.

احرص على الموازنة بين الإشارات الصوتية والمرئية والسماح للمشاهد بالاستكشاف.

تحتاج إلى دمج التجربتين في قصتك، وهنا دور اللقطات التأسيسية في تحقيق ذلك. احرص دوماً أن تعطي المشاهد مساحة فراغ بدون كلام في هذه اللقطات التأسيسية لكل مكان ترغب بالحديث عنه وتقديمه لمشاهدك.

  • الكتابة على الشاشة

تذكَر أنّ الشاشة في هذا النمط من التقارير تلتف في كل اتجاه، لذلك يجب أن تحرص على أن تعالج قضية الكتابة، على سبيل المثال في Frontline in focus xr  وجدنا الحلّ بعد العديد من التجارب، وهو كتابة السكريبت من جهتين متقابلتين بحيث تتيح للشخص قراءة السكريبت أو الترجمة أينما توجه بنظره خلال متابعة القصة.

على سبيل المثال، هذه القصة عن الطفلة السورية هبة التي تبلغ من العمر 12 عاماً، وتعيش في أحد مخيمات الشمال السوري، بعدما ألقت موجات النزوح بها وعائلتها في خيمة كثيرة الاهتراء، ضعيفة ولا تصمد أمام هبات الريح الخفيفة، لا تجد فيها الدفء، ولا تشعر فيها بالسلام.

تستخدم هبة الخيوط لتخيط بيديها الصغيرتين خيمتها المتشققة، تحاول ما استطاعت منع البرد من التسلل عبر قطع القماش أو النايلون المنصوبة على الأعمدة، تقول بنبرة حزينة إنها كلما حاكت خيمتها تعود وتنشق مجدداً.

  • احرص خلال رواية هذه القصص الرقمية على:
  1. الربط الجيد بين المشاهد.
  2. رسالة قوية وواضحة.
  3. أظهر ولا تخبر.

والآن ما هي المهارات والأدوات التي تساعد الصحفي لإنجاز هذا النمط من التقارير؟

  • قدرة على التعامل مع الكاميرات المتخصصة لإنتاج قصص الواقع الافترضي، مثل كاميرا insta 360  أو gopro.
  • إذا كان الصحفي مهتماً في تحرير قصته بنفسه، يمكن استخدام برامج المونتاج الخاصة لكل كاميرا 360، يمكنك الاطلاع على هذا المثال لبرنامج مونتاج مقاطع فيديو تصوير كاميرا insta 360.
  • اختيار المنصة المناسبة للترويج للقصة أو التقرير، فعلى سبيل المثال "يوتيوب" يدعم هذا النمط من التقارير، ويمكنك من خلال منصة فيسبوك تحميل صور وفيديو 360 على صفحتك الخاصة بك.
  • اختيار الفكرة المناسبة لأنها السبب الرئيسي في نجاح هذا النمط من التقارير وهناك عاملان لهما دور في ذلك: الشخصية الأساسية الملائمة التي سوف تنقل الجمهور إلى تفاصيل حياتها تدريجياً، والبيئة التي تتحرك فيها هذه الشخصية كلما كانت مثيرة للاهتمام وتدفع المشاهد لاكتشافها.

وأخيراً يجب أن تكون القصة متوفرة على جميع الأجهزة الإلكترونية

إذا كنت تريد أن يكون لقصتك تأثير، يجب أن يكون جمهورك قادراً على الوصول إليها بسهولة، الأمر الذي توفره لك منصة يوتيوب.

فمن لا يملك نظارة الواقع الافتراضي يمكنه مشاهد القصة بتقنية عرض الفيديو 360 درجة مباشرة بواسطة الجهاز الذي يستخدمه، مع العلم أننا نعيش اليوم في عالم أصبحت فيه أسعار نظارات الواقع الافتراضي في متناول اليد مع الكم الهائل للأنواع والأسعار.

 

هنا نلفت إلى أنّ هذه النظارات مقسمة إلى ثلاثة أنواع وهي:

  • نظارات تعتمد على وصلها مباشرة بالانترنت مثل نظارة Oculus.
  • نظارات تستخدم الهواتف الذكية وهي الأكثر شيوعاً، وكانت جوجل قد أنتجت نظارات مصنوعة من الكرتون رخيصة الثمن وسهلة الاستعمال.
  • وأخيراً نظارات تعتمد على وصلها بمنصات ألعاب الفيديو.

الصورة الرئيسية من frontline in focus وحاصلة على إذن بالاستخدام.