كيف تساهم الأخبار المضللة في تأجيج الصراعات السياسية والحروب؟

2022-04-18 12:49

التقارير

هذه المدونة ترجمة عن مقال منشور في النسخة الإنجليزية من “مسبار”.

بالإضافة إلى الإيجابيات العديدة، كان للتقدم الحاصل في تقنيات الاتصال جوانب سلبية أيضًا، لعلّ من أبرزها نشر المعلومات المضللة والمحتوى المتطرف والخطابات التي قد تؤدي إلى تأجيج الكراهية والصراعات.

ووفقًا للعديد من الخبراء، فإنّ مشكلة المعلومات المضللة صارت أكثر تعقيدًا بسبب تطور وسائل التواصل الاجتماعي وخوارزميات محركات البحث التي تنظّم وتنشر المحتوى بناءً على رغبة المستخدمين، بما قد يُضخّم من المعتقدات والأفكار الموجودة، ويعمل على نشرها بشكل أكبر.

ونظرًا لأنّ المعلومات المضلّلة والأخبار الكاذبة تنتشر بكميات كبيرة داخل مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّ نشر المستخدمين للأخبار المضللة حول الحروب والصراعات المُسلّحة، يمكن أن يؤدي بسهولة إلى تأجيج صراع على المدى القريب أو البعيد. 

المعلومات المضللة أداة لتحقيق المكاسب السياسية

عرّف باحثون في مجال الاتصال مصطلح الأخبار الكاذبة، على أنّه معلومات مضللة تعمل على نشر خطابات الكراهية وتأجيج الصراعات والمشاعر الطائفية عبر الإنترنت، إذ يظل المستخدم العادي الذي يتلقى المعلومات المضللة فقط، دون أن يكون له دور في عملية التضليل؛ هو الضحية الفعلية لها.

كما باتت المنصات الإعلامية وتقنيات التواصل الحديثة مفيدة، بل حاسمة أحيانًا، في الحملات السياسية والتواصل السياسي بشكل عام، إذ أثّرت بشكل كبير على السياسة وعمليات صنع القرار عبر استخدامها كوسائل تسويق جديدة.

وهكذا أصبحت المعلومات المضللة أيضًا مفيدة كأداة لتحقيق مكاسب سياسية دولية تؤثر على الخطاب السياسي والشؤون الدولية.

لقد تمت الاستعانة بمستشارين سياسيين وباستراتيجيات وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك بمستشاري الحملات الإعلامية للمساعدة في التسويق لحملات مرشحيهم في الانتخابات، فيركز القادة المرشحون على شكل الرسالة بدلًا من محتواها.

منذ ذلك الحين، تلاعب المستشارون بالمعلومات والأخبار باستخدام استراتيجيات مختلفة مثل الأخبار المضلّلة لضمان فوز المرشح الذي يدعمونه في الانتخابات.

قد نعدّ المعلومات المضللة مشكلة بسيطة أو محلية، لكنها في الواقع على العكس من ذلك. على سبيل المثال، حذّر خبراء في مجال الإعلام من أنّ المعلومات المضلّلة حول الصراع الروسي الأوكراني لم تعد شيئًا يمكننا اكتشافه ومعرفته بسهولة.

تأجيج الحروب بالتضليل

لطالما كان التحكم والسيطرة على المعلومات عنصرًا حاسمًا في الحروب والصراعات المسلحة، إذ من المحتمل دائمًا أن يتضمن هذا التحكم نشر محتوى مضلل يساعد على شنّ عمليات عنيفة وعلاقات مضطربة. 

من جهة أخرى قد يحتاج السياسيون وأصحاب المصلحة إلى نشر معلومات مضللة للمساعدة في الترويج لأفكارهم ومعتقداتهم. لكن أيضًا، المواطن العادي، الذي يمكنه استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنشر قصة مضلّلة، قد يلعب دورًا هو أيضًا في وقوع صراع.

لدينا خبرة سابقة تؤكد دور المعلومات المضلّلة في نشوء الصراعات المُسلّحة، إذ كان اتهام العراق بامتلاك أسلحة كيميائية الذريعة الرئيسة للغزو الأميركي للأراضي العراقية عام 2003، في حين تبيّن أنّ تصريحات المسؤولين الأميركيين حول وجود أسلحة دمار شامل أو أسلحة كيميائية في العراق، غير مستندةٍ إلى أيّ دليل، بل اتضح أنّها محض اختلاق.

الأخبار الكاذبة قد تهدد حياة المدنيين

في الوقت الراهن، ومع تصاعد وتير الحرب الروسية على أوكرانيا، انتشرت الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة بشكل كبير ومُعقّد، بطريقة صار من الصعب كشف بعضها، أو التيقن بشأن بعضها.

وفي حين يعمل مدققو الحقائق ومنصات فحص الحقائق على كشف هذه الادعاءات، إلا أنّ من غير الممكن مواجهة الكميات الهائلة من المعلومات المضلّلة التي يتم تداولها عبر الإنترنت، وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقد يساعد الانتشار الكبير للأخبار المضللة في النزاعات المسلحة إلى تهديد متزايد باستمرار تجاه حياة المدنيين، الذين قد يتعرضون للعنف الانتقامي أو نقص المعلومات الضرورية لصحتهم أو لحمايتهم. أو على أقل تقدير، الاقتصاص لحقوقهم بعد تعرضهم للعنف، بسبب التشويش بالمعلومات المضللة.

وبما أنّ المدنيين عانوا من الحروب، وكانوا دائمًا الضحية الحقيقية للنزاعات المسلحة، وُضعت مجموعة مختلطة من تدابير الحماية المستمدة من القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي، تهدف إلى الحدّ من عمليات التضليل أثناء النزاعات المسلحة، على الرغم من تضمنها العديد من أوجه الغموض والثغرات.

 

 
المصادر

Bournemouth University

Politico

WION

National Library of Medicine

International Review of The Red Cross

Europian Foundation for South Asian Studies

 

المصدر: اسماعيل الغول-مسبار