2022-04-11 11:37
لى مدار السنوات الماضية، تغيّرت أمور كثيرة في العالم، وحدث تطور هائل أثّر بدوره على وسائل الإعلام والمحتوى الذي تقدمه، وطال ذلك التأثير أيضاً الجمهور وسياسة التواصل معه.
قديماً كان الوصول للجمهور محصورًا في طرق تقليدية معروفة تسلكها كل وسائل الإعلام المحلية والدولية على حد سواء، عدا تلك المؤسسات الكبرى التي قرأت المشهد مبكراً، وبدأت تستعد منذ سنوات لهذا التطور، فغيرت من طريقتها وأسلوبها ومحتواها، حتى لا تصطدم بهذا التحول الهائل.
لكن ومع الأسف ما زالت وسائل إعلاميّة عدّة تسير على نفس نهجها القديم في استهداف الجمهور أو التواصل معه، ما يؤدي بها إلى نهاية حتمية -الإفلاس والإغلاق-، وكان عدد كبير من الزملاء شهود عيان على نهاية الكثير من تلك المؤسسات التي لم تتمكن من مواكبة هذا التحول الرقمي الهائل ولم تستطع أيضاً تحديد جمهور تستهدفه وتتفاعل معه وتحقق من ذلك عائداً يمكّنها من الإستمرار.
في هذا المقال، تقدم شبكة الصحفيين الدوليين دليلاً لوسائل الإعلام يساعدهم في استغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحقيق أقصى استفادة منها بدايةً من تطوير المحتوى مروراً بتحديد الجمهور وصولاً إلى التواصل والتفاعل الآلي.
كيف يساعد الذكاء الاصطناعي وسائل الإعلام؟
للذكاء الاصطناعي مميزات كثيرة لا تُحصى غير التي ذكرتها سابقاً لكنني كما قلت في البداية، فإنّ تفعيل الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الإعلامية يحتاج إلى عناصر أساسية.
وهي أن يكون لدى مجلس إدارة المؤسسة الإرادة الحقيقية في التطور ومواكبة هذا التحول الرقمي الهائل.
أن يكون أصحاب المؤسسة لديهم الوعي الكافي بأهمية هذا التحول وأنه لا سبيل من الهروب منه بسبب أو بدون سبب.
من أهم العناصر التي يجب توافرها لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام، أن تكون هناك إدارة صحيحة وعلى اطلاع عميق بعلوم الذكاء الاصطناعي وإن لم يكن لديهم هذا الاطلاع فمن الضروري الاستعانة بمتخصصين في هذا المجال.
من المعلوم أن التوجه السياسي في وسائل الإعلام هو أبرز أسباب السقوط وعدم الاستمرار، لأن القواعد الثابتة للمهنة تحتم على الوسائل الاعلامية عدم الإنحياز أو التوجه وبمجرد أن تقع المؤسسة في هذا الخطأ تفقد أهم ركن من أركانها وهي الحيادية والموضوعية وبالتالي يؤثر على حجم الجمهور. يمكن معالجة التوجه أو ضغوط الحكومات بالذكاء الاصطناعي الذي يعتمد فقط على المعلومة ويتحقق منها بغض النظر عن توجهها.
بحسب تقرير مركز سمت للأبحاث، لم تعد الصحافة بمعزل عن التقنية، إذ باتت تؤثر في كل مكوناتها التفصيلية، فهناك دراسات ما زالت في بداياتها تدرس حقبة جديدة من الاتجاهات الصحفية لما بعد "صحافة الذكاء الاصطناعي" التي تُعرف بـ"صحافة الجيل السابع"، أو "G7 Journalism".
ويمكن وصف صحافة الذكاء الاصطناعي بثورة الإعلام الجديد، التي تعدُّ متوافقة تمامًا مع تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، تلك التقنيات التي تنتشر استخداماتها في معظم جوانب حياتنا، والصحافة ووسائل الإعلام من ضمنها بالتأكيد. لذا؛ ظهر ما يعرف باسم "صحافة الروبوت Robot Journalism" التي تعتمد على الروبوت في تأدية بعض المهام الإعلامية كالتصوير واكتشاف بعض الأخبار الزائفة.
تستفيد المؤسسات الصحفية والإخبارية من تأثيرات "الذكاء الاصطناعي" عبر أتمتة العمليات المهنية وإنتاج الأخبار الروتينية، وستسهم في إنضاج المعالجات المهنية للقصص الخبرية، من جانب تقدير وتحليل الاتجاهات المُعقدة للأحداث بصورة سريعة تنبؤية، كما يوفّر الذكاء الاصطناعي أدوات لمساعدة العاملين في مجال الصحافة على تحديد الأخبار الزائفة، مما يمنح المحررين الفرصة لبناء التقارير بشكل متوازن وموضوعي غير متحيز، مستندين إلى تحليل المعلومات الدقيق وليس العاطفة الشخصية أو المسيسة، وسيكون لذلك تأثيرات إيجابية على تلك المؤسسات منها – على سبيل المثال لا الحصر – تخفيف العبء المالي عنها، وتطوير مخرجاتها الإخبارية للصمود في وجه التنافس الإعلامي الشرس، وأهم من ذلك تطوير الأداء المهني للصحفيين وقدراتهم بما يوائم متطلبات المستقبل الجديد.
يساهم الذكاء الاصطناعي أيضًا في تسهيل:
مشروع Open Source Handbook - OSH وهو مشروع ناشئ يرعاه مركز توجيه المبادرات الإعلامية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شبكة الصحفيين الدوليين، استغل تقنيات الذكاء في إدارة صفحته على فيسبوك بدايةً من التفاعل مع الجمهور والتعليق والرد عبر الرسائل وفهم الاسئلة والإجابة عليها، والاستجابة إلى طلبات العملاء وتقديم محتوى يهتم به الجمهور.
عززت تقنيات الذكاء نمو صفحة المشروع بشكل ملحوظ خلال الأيام الأولى من أتمتة هذه التقنيات، والتي يمكن لوسائل الإعلام الأخرى الاستفادة منها بشكل كبير في جذب الجمهور والتواصل معهم بشكل سريع على مدار الساعة. يمكن أتمتة هذه العمليات بشكل يدوي أو بالاستعانة ببوت جاهز.
البوتات متوفرة بشكل كبير وبأسعار متفاوتة تبدأ من 5 دولارات وصولاً إلى 200 دولار حسب إمكانيات البوت المستخدم وحجم المؤسسة أيضاً.
في مشروع Open Source Handbook - OSH ساعدت هذه التقنيات في فهم الكثير من الاشياء منها:
كل ما ذكرناه ساعد في تحسين جودة التواصل مع جمهور المشروع، وساهم في زيادة التفاعل بنسبة 70% مقارنة بالطرق التقليدية، بالإضافة إلى أن تلك المعلومات ساعدت في تحديد المحتوى وتحسين جودته وتقديم كل ما يهم الجمهور المستهدف ويحقق لهم أقصى استفادة ممكنة.
هو محرك بحث ذكي يمكّن وسائل الإعلام من البحث عن مصادر الأخبار، والمقالات والملخصات الديناميكية المستخرجة من آلاف وسائل الإعلام على الانترنت الموثوق بها في جميع أنحاء العالم. ويعمل بشكل آلي ويعالج اختلاف اللغة لتحليل مجموعات البيانات الكبيرة من المحتوى المجمع. لديه تقنيات الزحف التي تمنحه القدرة على الإشارة إلى المواضيع الرائجة على الإنترنت والمحتوى الذي تنشره وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم.
تجمع هذه الأداة بين الذكاء الاصطناعي وعلم السرد القصصي، حيث يمكنها توليد وإنتاج قصص سردية رائعة من دون تدخل بشري بالاعتماد على مجموعة مصطلحات رئيسية يتم إدخالها يدوياً من قبل المسؤول في الوسيلة الإعلامية، تعمل حالياً باللغة الإنجليزية وتجري الشركة المالكة لها تطويراً لإضافة لغات أخرى بينها العربية.
تعمل هذه الأداة على إنتاج قصص أكثر تأثيراً وإبداعاً بشكل آلي عن الشخصيات العامة والمشاهير، تقوم خوارزميات البحث بجمع المعلومات عن الشخصية المُحددة، ثم تعمل خاصية الذكاء الاصطناعي المدمجة بعلم السرد بإنتاج قصة متكاملة منذ نشأة الشخصية حتى يوم كتابة القصة. يمكن للمؤسسات الإعلامية الإعتماد عليها بشكل كامل في تغطية الأخبار والقصص الرياضية.
هذه الأداة من إنتاج بي بي سي، وهي تعمل على تزويد وسائل الإعلام والجمهور في وقت واحد بالأخبار والمصادر والمعلومات والوثائق التي يتم تجميعها بشكل آلي وبإشراف كامل من فريق متخصص من بي بي سي.
في هذه الأداة المذهلة، يمكن للمؤسسات الإعلامية تزويدها بالبيانات فقط، وستقوم بإنشاء قصة سردية وتفاعلية في نفس الوقت وبشكل أتوماتيكي. الأداة قابلة للتخصيص حسب المؤسسة، ولديها مرونة في أتمتة المنشورات والتفاعل معها وإجراء التحليلات وتوجيه المحتوى إلى الجمهور الأكثر صلة به.
الصورة الرئيسية بترخيص بيكسلز بواسطة تارا وينستد
الصور الأخرى من تصميم شبكة الصحفيين الدوليين
المصدر: شحاتة السيد-ijnet