2022-01-24 09:27
وبما أن الناس اعتادت على الظهور من خلف شاشاتٍ افتراضية والتعبير عما تريده من دون حسيب أو رقيب، أو مراقبة متواضعة للإنصاف، بات الظهور أمام العلن يشكّل هاجزًا للكثيرين. فترى أحدهم عندما يعتلي خشبة المسرح، يرتجف، ويُربط لسانه ويصبح غير قادر على النطق ببنت شفة من شدّة خوفه رغم أنه يقوم بعرض الأفكار المكتوبة نفسها ولكن تحريريًّا. وهذا يعني أن الأخير يفتقد فن الإلقاء والتحدّث أمام الجمهور.
فما هو فن الإلقاء والتحدّث أمام الجمهور؟
يُعرّف فن الإلقاء أو The Speaking Skills باللّغة الانكليزية على تقديم المتحدّث خطاب ما أمام جمهورٍ معيّن مألوف لديه أو غريبٍ عنه وتقديم أفكاره وإيصال أهدافه ورسالته بطريقة سلسة وبسيطة وبثقة وحضور. ويُعتبَر هذا من أهم الفنون الضرورية اليوم سواء من الناحية العملية أو الحياتية. فلا تكمن أهمية المعلومات بامتلاكها وحيازتها، بل بالقدرة على إيصالها للناس والمجتمع وتحقيق أعلى درجات الاستفادة والمنفعة للجميع. فبعض الأشخاص يخافون حتى من مجرد الظهور أمام عددٍ من الناس والحشود فقط والتحدّث أمامهم رغم اقتصار الحديث لدقائق قليلة أحيانًا. ومن أجل حلّ هذه المعضلة، علينا بفهم الأسباب:
كي نتمكّن من القيام بخطابٍ جيّد وبالتالي تجنّب الوقوع في بعض الأخطاء البسيطة لكن كبيرة التأثير على نوعية الخطاب، سوف نعرض بعض النصائح التي يُفضَّل القيام بها قبل الخطاب وفي خلاله:
1- الالتزام بالوقت: إن أعظم أبناء البشرية وأكثر الناس نجاحًا على مرّ التاريخ قد تحدّثوا عن أهمية تنظيم الوقت والالتزام به لعدّة أسباب أهمها القدرة على تنظيم برنامج اليوم بطريقة تضمن نجاح معظم التفاصيل الموضوعة على الخارطة، وكسب ثقة الجمهور. قد يصادف بعضنا عددًا من الأشخاص الذين لا يلتزمون بأوقات عملهم أو مواعيدهم الاجتماعية، وبالتالي حتى هؤلاء يعترضون على عدم الالتزام بالوقت. إن الوقت هو الخطوة الأولى لكسب رضا الجمهور، فالحضور في الوقت المرجوّ يقدّم صورة عن اهتمامك بالجمهور وحماسك للقائه.
2- تحديد الرسالة من العرض: مهما اختلف العرض أو الخطاب الذي يرغب أحدهم بتقديمه، إلا أن للجميع هدف وغاية من عرضه وبالتالي إم لن تملك هدفًا، فضع هدفًا. على من ينوي مخاطبة أيّ جمهور كان أن يعلم أن كلّ فرد يأتي لهدفٍ ما، وبالتالي كي يسهل الطريق أمام الطرفين لتحديد أهدافهم من اللقاء يجب وضع هدف. فهذا الأخير يؤمّن سير الأمور بطريقة سهلة وسلسلة وبالتالي شعور المقدّم بالراحة في خلال عرضه وجهوزيّته التامة لاستقبال أيّ سؤال والرد عليه لأنه يعلم ما يفعله جيّدًا.
3- معرفة نوع الجمهور المُستهدف وطبيعته: لا يُمكن للمُخاطِب أن يقوم بعرض الأفكار بالطريقة ذاتها لجميع أنواع الجمهور. فلكل جمهور لغة معيّنة يفهمها ويعتبرها الأفضل والأسهل لفهمه. على سبيل المثال، مخاطبة من هم بعُمر المراهقة يتطلّب خطابًا سهلًا يُسهل إيصال الأفكار لهم وإقناعهم والتخفيف من روعهم. أما رجال الأعمال مثلًا فيتطلبون خطابًا رسميًا يطال أهدافهم.
4- ترتيب عرض الأفكار: انطلاقًا من معرفة هدف العرض أو الخطاب، يجب على المُحاضِر ترتيب أفكار عرضه وفقًا للأولويات وتلك الأهداف. بهذا، سيكون من السهل على المخاطب طرح أفكاره وبالتالي سيفهم المستمع الأفكار بطريقة أسهل وأسرع.
5- البحث والتحضير قبل الخطاب: على المُخاطِب أن يكون بحثه شبه كامل عن الموضوع الذي ينوي تقديمه كي يكون جاهزًا للإجابة على أي سؤال يُطرَح من قبل الجمهور، الأمر الذي سيُظهر المخاطِب في موضع الخبرة والمعرفة بالموضوع الذي يقدمه. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي التحضير المُسبَق للعرض دورًا هامًا في معرفة الشخص لنقاط ضعفه للتدرّب عليها ومعالجتها قبل العرض المباشر، مما يؤثر بشكل إيجابي وكبير على ثقة المخاطب بنفسه وشعوره بالراحة والأهم كسب ثقة الجمهور.
6- التفاعل من الجمهور وجعل العرض ممتعًا: باعتبار الجمهور الطرف الأكثر أهميّةً هنا، يجب أن يسعى المُخاطِب لكسب رضاه بالطريقة العلمية والعملية والمعلوماتية أيضًا. أوّلًا، بدلًا من عرض المعلومات بطريقة روتينية تقوم على السرد والكلام، يمكن اللّجوء إلى العرض الذكي والفيديوهات وطرح الأسئلة على الجمهور. هذا الأمر سيعزّز من تفاعل المخاطِب والجمهور معًا وبالتالي الوصول إلى الأهداف المرجوّة.
ليس المهم أن تقف عارضًا أفكارك من دون فهمك جيّدًا أو الانتهاء مما تقوم به من دون إيصال فكرتك ٌلى لجمهور والمستمعين، بل المهم أن تترك المنبر بعد وصول فكرتك وأهدافك ٌلى جميع المستمعين والحضور. وهذا ليس صعب الإنجاز بل يتطلب قليلًا من التدريب والعمل المُسبَق وبالتالي تفادي بعض الأخطاء التي تضرّ بالمُحاضر. وبالتالي جميعنا لدينا هذه القدرات، لكن ليس جميعنا يسعى إلى تطويرها.
المصدر:
فهرس، فن التحدّث أمام الجمهورhttps://faharas.net/casting-and-speaking/