برنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي: إختراق أجهزة ناشطتين حقوقيتين عربيتين في البحرين والأردن.... “لست آمنة.. هذه ضريبة العمل الحقوقي”

2022-01-20 07:11

التقارير

“الحريات الشخصية انتهت”.. التجسس على ابتسام الصايغ وهالة عاهد ذيب عبر “بيغاسوس”-شريكة ولكن....

كشف تحقيق أعدته منظمة “فرونت لاين ديفندرز” عن تعرض مدافعتين عن حقوق الإنسان، إحداهما من البحرين والأخرى من الأردن، للمراقبة من خلال اختراق أجهزتهن باستخدام برنامج التجسس “بيغاسوس”، وهو برنامج تابع لمجموعة “إن أس أو” الإسرائيلية.

وبعد عمل مع المدافعات عن حقوق الإنسان في البلدين عبر برنامج الأمن الرقمي، بين شهري تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر2021، وهو برنامج يُقدم الدعم العملي المباشر لفائدة المدافعات/ين عن حقوق الإنسان حول العالم، كشف تقرير “فرونت لاين ديفندرز” أنه بعد تحليل أجهزة الناشطات -بالتعاون مع “سيتيزن لاب” ومختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية ومنظمة “أكسس ناو” للحقوق الرقمية- من أجل التأكد من استعمال “بيغاسوس” للاختراق، تبين أن هاتفي الناشطتين الحقوقيتين، البحرينية ابتسام الصايغ والأردنية هالة عاهد ذيب تعرضا للاختراق.

الناشطة ابتسام الصايغ: “لست آمنة.. هذه ضريبة العمل الحقوقي”

ابتسام الصائغ

توصل التحقيق التقني إلى أنه عندما قام الباحثون في المنظمة بفحص هاتف الناشطة البحرينية ابتسام الصايغ، وجدوا أن هاتفها من نوع “آي فون” تعرض لعدة اختراقات بواسطة هذا البرنامج.

وكشف أن هاتفها اختُرق ما لا يقل عن 8 مرات بين آب/أغسطس وتشرين الثاني/نوفمبر 2019. وخلال المساعدة التقنية، تم التعرف إلى آثار عمليات مرتبطة ببيغاسوس على هاتفها، بما في ذلك “roleaccountd” و”stagingd” و”xpccfd” و”launchafd” و”logseld” و”eventstorpd” و”libtouchregd” و”frtipd” و”corecomnetd” و”bh” و”boardframed”.

وينسب كل من مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية و”سيتيزن لاب” هذه المعالجات إلى برنامج التجسس نفسه.

وأشار إلى “الخوف والقلق الذي تتعرض له ضحايا المراقبة، ويؤدي إلى انعزالهن عن المجتمع، ما يفرض قيوداً على حياتهن الاجتماعية ووظائفِهن ونشاطِهن”.

في هذا الإطار، تحدثت الصايغ عن “الخوف الذي اجتاحها بسبب هذا التتبع اللا أخلاقي واللا إنساني واللا قانوني معاً”. وقالت: “بدأت أخاف من وجود الهاتف بجانبي خصوصاً عندما أكون في غرفة النوم أو حتى في المنزل بين أهلي وأبنائي وزوجي، لأنني أصبحت أعرف أن هذا الهاتف يتجسس علي وقد يكون هناك من يحاول معرفة ما يدور الآن”.

وأضافت: “الحريات الشخصية انتهت بالنسبة إلي ولم يعد لها وجود، لست آمنة في المنزل أو في الشارع أو في أي مكان. أنا مؤمنة بأن للعمل الحقوقي ضريبة يجب أن أدفع ثمنها، ولكن لم أكن أرغب بأن أُوجه طاقتي وجهدي إلى محاربة التجسس ومعالجة المشكلات التقنية التي أواجهها”.

وتعمل الصايغ في منظمة “سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان”، وهي منظمة غير حكومية تُكافح من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين. وسبق للسلطات البحرينية أن احتجزتها في 20 آذار/مارس لمدّة سبع ساعات في مطار البحرين الدولي، إثر عودتها من مشاركتها في الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن السلطات البحرينية فتشتها بدقة واستجوتبها لمدة 5 ساعات، بعد أن وُجه إليها اتهام بتقديم تصريحات خاطئة في جنيف حول انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين. كما تمت مصادرة جواز سفرها وهاتفها الجوال.

كما قام جهاز المخابرات الوطني البحريني في 26 أيار/مايو 2021 باستدعائها إلى مركز شرطة المحرق. ونقلت وسائل إعلامية عن الصايغ حينها تعرضها للاعتداء الجنسي من قبل المحققين في المركز، بالإضافة إلى العنف الجسدي والإساءة اللفظية والتهديد بالاغتصاب في حال لم تتوقف عن أنشطتها في مجال حقوق الإنسان.

الناشطة هالة عاهد ذيب: “مساحتنا بالتحرك محدودة”

الناشطة هالة عاهد ذيب

من ناحيتها، تعرضت الناشطة والمحامية الأردنية هالة عاهد ذيب للاختراق من خلال البرنامج نفسه منذ شهر آذار/ مارس 2021، وفق ما كشفت المنظمة.

وأشار التقرير إلى أن جهاز ذيب تعرض للاختراق يوم 16 آذار/ مارس 2021، وتم التعرف إلى آثار عمليات مرتبطة بـ”بيغاسوس” على هاتفها، بما في ذلك “bluetoothfs” و”JarvisPluginMgr” و”launchafd”. وينسب كل من مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية و”سيتيزن لاب”، هذه المعالجات إلى البرنامج نفسه أيضاً.

وعلقت ذيب على هذا الاختراق، قائلةً: “كنساء، كثيراً ما تغدو مساحتنا بالتحرك برغم كوننا مدافعات عن حقوق الإنسان، محدودة”. وأضافت: “اختراق كهذا يجعلها أكثر محدودية ويُصادر الفضاء الذي نُحاول منه توسيع مساحاتنا، ويساهم في جعل حتى الدائرة القريبة من أهل وأصدقاء/صديقات تساهم في ردعك وثنيك عما تقوم به، لأنهم/ن من جهة يخفن/ون عليك، ومن جهة أخرى هم متضررون/ات من اختراقٍ كهذا”.

وذيب هي باحثة أردنية ومدافعة عن قضايا حقوق الإنسان عموماً والنساء خصوصاً، كما أنها عضوة في اتحاد المرأة الأردنية. عملت مع عدد من المنظمات الحقوقية والنسوية للدفاع عن حقوق النساء وحقوق العمال وحرية الرأي والتعبير وحرية التجمع السلمي ونشطت في مجال الدفاع عن سجناء الرأي في الأردن.

وهي عضوة في فريق قانوني يدافع عن نقابة المعلمين/ات الأردنيين/ات، إحدى أكبر النقابات العمالية في البلاد، والتي قامت الحكومة بحلّها في كانون الأول/ديسمبر 2020، رداً على احتجاجات المعلمين/ات. كما ترأست اللجنة القانونية لاتحاد المرأة الأردنية.

وندد التقرير باستهداف النساء وانتهاك خصوصيتهن، مؤكداً أن هذا الاختراق “له تأثير مروّع ومؤلم على النساء بشكلٍ خاص، إذ تستغل المعلومات الشخصية كسلاحٍ بهدف التهديد والمضايقة وتشويه صورة وسمعة المستهدفات والتنمر الإلكتروني”.

سوابق عربية بالتجسس على النساء عبر البرنامج الإسرائيلي

يأتي هذا التحقيق كحلقة جديدة من سلسلة ما كُشف عن استخدام الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وغيرها لبرنامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس” لانتهاك حقوق الإنسان وقمع الناشطات والنشطاء والصحفيات/ين.

في هذا السياق، تعرضت الكثير من الناشطات والصحافيات والنساء إلى الاستهداف عبر البرنامج، من بينهن على سبيل المثال الناشطة الإماراتية آلاء الصديق والصحافية في قناة العربي رانيا دريدي والصحافية الإذاعية في قناة الجزيرة غادة عويس.

وعلى الصعيد نفسه، قضت المحكمة العليا في بريطانيا عام 2021، بأن حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم “اخترق بشكلٍ غير قانوني الهواتف المحمولة لزوجته الأميرة هيا وحراسها الشخصيين وفريقها القانوني، الذي يضم بارونة حزب المحافظين فيونا شاكلتون”. وأشارت إلى أن الاختراق حدث باستخدام البرنامج نفسه.

كما ثبتت السلطات الإماراتية برنامج التجسس على هاتف حنان العتر، زوجة الصحافي السعودي الراحل جمال خاشقجي، بعد استجوابها في مطار دبي قبل أشهرٍ من مقتله وتقطيع جثته في تشرين الأول/أكتوبر 2018.

ما هو برنامج “بيغاسوس” وكيف يتعدى على خصوصية ضحاياه؟

تم تطوير البرنامج من طرف مجموعة “إن أس أو”، وهي شركة إسرائيلية تتخصص في مجال المراقبة. وبإمكانه الدخول من دون إنذار إلى هاتف الضحية، من خلال استغلال نقاط الضعف التقنية الموجودة على جهازه/ا.

فيستطيع الوصول إلى أجزاء مختلفة من الجهاز وبالتالي استخراج البيانات، بما في ذلك الوصول إلى الرسائل النصية والرسائل الإلكترونية والصور والفيديوهات والميكرفون والكاميرا وكلمات السر والمكالمات الصوتية على تطبيقات التواصل، وبيانات الموقع وسجل المكالمات وأرقام الهاتف.

كما يستطيع المعتدي من خلال هذا التحكم بالكاميرا والميكروفون على الهاتف، أن يتجسس على المكالمات والأنشطة التي تقوم بها الضحية. وبالتالي، فإن “بيغاسوس” لا يُمكّن من مراقبة الشخص المستهدف/ة فحسب، بل مراقبة اتّصالاته/ها وتفاعلاته/ها مع الآخرين أيضاً.