التحيّز اللاواعي: ما دور الإعلام في توجيهه؟

2022-01-03 06:58

التقارير

إن قلنا أن أبًا وابنه قد تعرّضا لحادثٍ في السيارة وأن الأب قد وافته المنيّة. وبعد نقل الولد إلى المستشفى وإدخاله إلى غرفة العمليات لإجراء عملية مُستعجلة، نادى صوتٌ: لا يمكنني أن أقوم بالعملية، فهذا ابني!

ما الفكرة التي خطرت في بالك مباشرةً؟

إن ظننت أن من يجري العملية هي والدة الطفل، فأنت محقّ.

لكن، إن لم تظن كذلك، فأنت جزء أغلبية ستتعرف إليها في التقرير هذا.

أظهرت دراسة أُجريت في جامعة بوسطن Boston University، أن 14% من التلامذة فقط عرفوا الجواب الصحيح أن من يجري العملية الجراحية هي الأم. لكن الأغلبية الباقية أي الذين ظنوا أن من يجري العملية هو رجل، متأثرون بالتحيّز اللاواعي.

فما هو التحيّز أوّلًا؟

إنه تعصّب لصالح شيء أو شخص أو مجموعة ما أو ضدهم، وعادة ما يكون التحيّز بطريقة غير عادلة وظالمة. يخرج هذا التصرف من مجموعات أو مؤسسات فردية قد تؤدي إلى عواقب إيجابية أحيانًا أو سلبية في معظم الأحيان.

ومن الجدير ذكره أننا جميعًا من دون أي استثناء لدينا تحيّز ما تجاه شخص أو فكرة أو قضية أو جماعة، حتى لو لم نشعر بذلك.

فما هو التحيّز اللاواعي؟

إنه عملية فطرية ناتجة عن تجاربنا السابقة. غالبًا ما نكون غير مدركين لبعض وجهات النظر والآراء الآراء أو لآثارها وتداعياتها. من المهم أن ندرك أن أفعالنا وقراراتنا يمكن أن تكون نتيجة لتحيزنا غير الواعي بحيث يمكن لهذا أن يؤثر على الآخرين. لذلك، من المهم إجراء تغييرات للتخلّص من انحيازاتنا هذه.

وعليه، يمكننا التعامل مع هذا التحيّز عبر خطوتين:

  1. الاعتراف بوجود التحيّز حقًّا:

إن فكرة التخلّص من أمرٍ ما أو الحدّ منه، مهما كان، يوجب على الشخص المعنيّ أن يعترف بوجود الأمر. إذن، فالخطوة الأولى للتخلّص من التحيّز، الذي يسيطر علينا وعلى تصرفاتنا من دون أن نعي ذلك، هي الاعتراف بوجوده. يمكن تحقيق هذا بزيادة الوعي الذاتي الذاتي من خلال إظهار عملية التفكير الخاصة بك.

مثلًا، فكّر بتصرفاتك داخل الصف في المدرسة: هل تتصرّف مع زملائك في الصف بناءً على جنسهم أو عمرهم أو عرقهم أو أي سبب آخر؟ خذ بعضًا من الدقائق وفكّر بهذا جيّدًا.

  1. معالجة التحيّز اللاواعي:

إن تقبّل الإنسان لأخيه، مهما كانت العلاقة التي تربطهما، ما يرضاه لنفسه هي واحدة من أهم الخطوات التي تصلح ليس فقط لمعالجة التحيّز اللاواعي ضد الآخرين بل كذلك تصلح أن تكون قانونًا ودستورًا عامًا لعلاقة الإنسان مع محيطه والآخرين. وفي هذه الحالة، وعند شعورك بأي تحيّز تجاه شخصٍ دونًا عن الآخرين من أجل صفةٍ لم يختارها الآخر، سَل نفسك مياشرةً السؤال الآتي: "هل أقبل أن اُعامل بهذه الطريقة؟".

ستساعدك هذه الطريقة على تحديد صوابية مواقفك ع الآخرين، ومع نفسك أيضًا، وتصنيفها بين العادلة أو غير العادلة.

انتبه لما يبدر منك دائمًا! فجميعنا تسيطر علينا أفكارًا وتصرّفات لا نفقهها أحيانًا ولا نعلم بها، ولا نشعر بها حتّى إلّا عندما تصدر من الآخرين.

وهنا لا بد من تسليط الضوء على الطرفين اللذين يؤديان الدور الأبرز كمُسبّب ومُصلح في آنٍ معًا:

العائلة: إن العائلة هي أصل الإنسان وساحة مواجهة الفرد الأولى. فهي تؤدي الدور الأكبر في تلقين المرء عاداته وتقاليده والعقلية التي سينشأ عليها في حين ما يزال طفلًا وأرضًا خصبة قابلة لامتصاص كل ما يُزرَع فيها، تمامًا كورقةٍ بيضاء لا  حبر عليها. وهنا، يجب على العائلة أن تنتبه لكل ما يدور حول الطفل في بداياته، وأن تحرص على تصرّفاتها وممارساتها مع أفراد العائلة والمحيط، أكثر من حرصها على توجيه الطفل نحو الصواب وتلقينه القواعد الحياتية والدروس والعِبر قولًا. فالطفل الذي يرى أمََه، تُهين جارتها على سبيل المثال لأنها أقل منها اجتماعيًا، حتما لن يعتبر الناس سواسية وسيُفرّق بين شخص وآخر.

الإعلام: لا يختلف دور الإعلام عن الدور التي تؤديه العائلة في التربية. فهو كما العائلة، يتواجدُ مع المرء منذ الصباح وحتى المساء سواء على شاشة التلفاز أو الراديو أو وسائل التواصل الاجتماعي التي تلازم الأفراد أينما تواجدوا. وبفعل التغيرات التي طرأت على العالم أجمع، بات الإعلام جزءًا بل جنديًّا في حرب كونية تجتاح الثقافات المختلفة وتغزو بعض الدول دونًا عن غيرها لأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية وتوسعيّة وغيرها.  ولأن الإعلام يعلم دوره الحسّاس جدًّا في التأثير على المشاهدين وإقناعهم ونقل الأفكار والثقافات لهم بطريقة غير مباشرة، لا بد أن ينتبه جدًّا ويكون الأكثر حرصًا على ما يصدر منه. فمراجعة الخطابات وحُسن اختيار الضيوف وانتقاء الكلمات المُستخدمة، جميعها يؤدي دورًا بالغًا في تغيير هذه النزعات وحتى تجنب الوقوع فيها. وإن أكثر ما يجب الانتباه له هو عدم نشر خطاب الكراهية والتحريض الفتنوي والطائفي وغيره.

جميعنا معرّضون، وجميعنا يعلم أن أفكاره تشوبها بعض الخلل بسبب أمور عدة ربما لم نلتفت لها باكرًا، لكن أن تلتفت متأخّرًا وتعمل على الإصلاح، خيرٌ من ألّا تلتفت أبدًا. 

How to deal with unconscious bias, October 30 2019.

https://youtu.be/QbK4Ge8zgF8