2021-12-01 08:40
فرضت جائحة "كوفيد 19" عقد الجلسات التي تشرف على تنظيمها وتنسيق برمجتها شبكة "إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية" (أريج) ضمن الملتقى السنوي للصحافة الاستقصائية في دورته الـ 14، افتراضيًا للعام الثاني على التوالي.
خلال اليوم الثاني عشر من الجلسات المبرمجة على مدى ثمان وعشرين يوماً كان المشاركون والمشاركات على موعد مع ندوة رقمية مهمة تحت عنوان "الكتابة الإبداعية للتحقيقات الاستقصائية" والتي ناقشت مفهوم الكتابة الإبداعية الصحفية وأبرز أدواتها، وسلطت الضوء على فكرة "خارطة الكتابة"، كما عرضت لأبرز الاختلافات بين القصة والسيناريو، وكيف يمكن للصحفيين والصحفيات تحويل القصة المكتوبة إلى صورة مع الوقوف عند المهارات المطلوبة لكتابة جسد التحقيق ومهارات الحذف والشطب.
الندوة حضرها 380 صحفي/ة من مختلف الدول العربية وقامت الصحفية الاستقصائية والمدربة بأريج صفاء الرمحي بتسييرها وأشرف على تأطيرها الصحفي بالتلفزيون العربي والروائي عبد الله مكسور، حيث قام بعرض مجموعة من المفاهيم الهامة والمعارف التأسيسية في عمل الصحفي الاستقصائي.
وأشار عبد الله مكسور في مستهل الجلسة إلى كون الكتابة هي تعبير من الإنسان عن رغبته في الخلود وإبقاء الأثر، وهي عملية معقدة بالنظر لكونها عملية إعادة إنتاج ما تراكم لدى الفرد من خبرات وتجارب، تمكن الكاتب من أدوات الكتابة وآليات التعبير وتقنية تركيب الكلمات.
وقدّم مكسور مجموعة من النصائح لمساعدة الصحفيين والصحفيات على التمكن من مهارة الكتابة الإبداعية في التحقيقات الاستقصائية التي ينجزونها، وهي كالتالي:
اصنع ملفك!
من النصائح المهمة التي من شأنها المساهمة في تطوير لغة الصحفي وتساعده على التعبير بشكل جيد، أن يكون للصحفي ملف تدوين خاص يدوّن فيه الكلمات والجمل التي تستوقفه عند قراءته لمقال أو مشاهدته لوثائقي أو برنامج حواري.
تساعد هذه الطريقة على تمكين الصحفي من رصيد كبير من المفاهيم وطرق التعبير المختلفة التي تساعده على تطوير مستواه اللغوي، والتي يمكنه إعادة توظيفها في سياقات جديدة بحيث تتيح للصحفي التعبير بشكل سلس وواضح.
كن متوازناً!
الكتابة هي عملية إعادة إنتاج لمجموعة من الوقائع والأحداث من زاوية محددة يختارها الصحفي، وتحكم اختياره هذا، آراؤه، ثقافته وأيديولوجياته ما يجعله مطالباً بالتوازن بين مشاعره ومطلب الموضوعية والحياد الذي يقتضيه العمل الصحفي.
ويساهم استحضار التوازن أيضاً، في إعطاء المتلقي مساحة لتشكيل قناعاته وبناء موقفه في علاقة بالمادة الصحفية من دون توجيهه أو محاولة استعطافه باستخدام مصطلحات تنهل من قاموس العاطفة.
اقرأ كثيراً!
القراءة حسب عبد الله مكسور تعتبر حجر الزاوية في الكتابة الإبداعية، حيث تساعد القراءة الصحفي على تطوير قاموس مفاهيمي يسعفه في نقل الأحداث والوقائع بشكل واضح وسلس.
القراءة أيضاً تساهم في تمكين الصحفي من مخزون تراكمي يساعد في التعبير عن الوقائع والأحداث بشكل دقيق جدًا، ويفسح المجال للسرد بشكل متسق ومنهجي.
قل الكثير بكلام أقل!
لا يجب فهم الكتابة الإبداعية على أنها إغراق في المفاهيم وحشو في الكلام بشكل يضيع معه المتلقي في تحديد المعنى وكنه الموضوع، على عكس ذلك، فالكتابة الإبداعية هي تملك مهارة الإيجاز والتي هي ثمرة القراءة المكثفة.
وتساهم مهارة الإيجاز في نقل الأحداث بشكل واضح، كما أنها تسعف مطلب الموضوعية والمهنية الذي يعتبر العمود الفقري للعمل الصحفي.
عبد الله مكسور أوضح أنه كلما كبر رصيد الصحفي من المفاهيم والمصطلحات، كلما زادت قدرته على الإيجاز والتركيز، حيث يُمَكّنه ذلك من استثمار الخصائص اللغوية للغة التي يكتب بها بشكل جيد، فعلى سبيل المثال في اللغة العربية يمكن أن تجد كلمة واحدة تعبر عن حالة نفسية أو وضع اجتماعي أو وضعية خاصة بشكل محدد وواضح وأفضل مما قد تسمح به جملة كاملة.
قم ببناء خطة لقصتك!
قبل الشروع في تناول أي عمل صحفي، ينصح عبد الله مكسور بـأن يضع الصحفي الإستقصائي خطة واضحة يرتكز في وضعها على طرح الأسئلة الستة للخبر (ماذا؟ ومن؟ ومتى؟ وأين؟ ولماذا؟ وكيف؟) ويضيف أسئلة إضافية يرتكز فيها على زاوية المعالجة التي اختارها والتي تساعده على البقاء ملتزماً بخيط ناظم يضمن للقصة تماسكها واتساقها.
خلال عملية وضع الخطة، وبعد تحديد العنوان، يفضل طرح الأسئلة يساعد الصحفي على النفاذ إلى مستويات أعمق من الموضوع الذي يعالجه، وهو ما يعطي للقصة فرادتها وجِدتها
عبد الله مكسور أكد على أهمية أنسنة مقدمة القصة وذلك بتضمين العامل الزماني والمكاني وبناء الحكاية مع الإبتعاد عن المفاهيم غير الحاسمة، على ألا تتجاوز مقدمة التحقيق الإستقصائي 200 كلمة، تختتم بمساحة مفتوحة تمهد الطريق نحو متن التحقيق.
بعد ذلك نصح الصحفي عبد الله مكسور بتقسيم القصة إلى فقرات، مع وضع أسئلة عند كل فقرة، بحيث تساعدك الأسئلة على تطوير الفكرة بشكل جيد ومتناسق. كما تتيح للصحفي التحكم في أجزاء وتفاصيل القصة التي يعمل عليها.
تحديد المقابلات والمصادر، وتوزيعها بحسب الفقرات التي سبق وحددتها، مع وضعها في ملف خاص يسهل الوصول إليه.
سجل النص
بحال وضع الصحفي الخطة واستعصى عليه الشروع في الكتابة، ينصح الصحفي عبد الله مكسور بالقيام باستخدام خاصية التسجيل التي تتيحها الهواتف النقالة، ومحاولة تسجيل النص على شكل حكاية أو كمحاولة لشرح موضوع القصة لشخص آخر. بعد ذلك تراجع التسجيل بعد يومين وتقوم بتسجيل جديد إلى أن تتمكن من خيوط الربط التي تشد القصة وتضمن تماسكها.
جدير بالذكر أن الدورة 14 من ملتقى أريج السنوي للصحافة الاستقصائية، ستنظم أيام 3، 4، و5 ديسمبر/كانون الأول من العام الجاري (2021).
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة كونفرت كيت