2021-07-01 09:34
الحصار الاقتصادي يهدد ديمومة الصحافة في اليمن ويعرض الصحفيين للمخاطر: الصحفي العزيزي كاد يدفع حياته ثمناً للأزمة الاقتصادية التي خلقتها الحرب على وطنه
دخلت الحرب على اليمن عامها السابع وسط زخم ملحوظ لبحث سبل إحلال السلام في ربوعه بعد عمليات عسكرية خلفت فيه دماراً مروعاً، ترافقه إعادة اهتمام "المجتمع الدولي" بما آلت اليه المجريات على المستويات الإنسانية، الاقتصادية، والاجتماعية للشعب اليمني الذي عانى مختلف ضروب الاعتداءات خلال "الحرب المنسية".
قد تكون تراجعت حدة أو وتيرة العمليات العسكرية في مناطق النزاع، إلا أن المؤكد أن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتأتية عن الحرب تطفو على السطح وتنذر بمخاطر جمة على عدة صعد، وما يعيشه الصحفيون والاعلاميون في اليمن من ظروف صعبة باتت تهدد حياتهم وحياة أسرهم بشكل مباشر، إضعافا لقدرتهم على تأمين أبسط مقومات العيش الكريم، وتهدد قدرتهم على الحفاظ على ديمومة مهنة الصحافة في وقت تبرز الحاجة الماسة لدور الصحفيين والإعلاميين في توثيق مجريات وتطورات الاحداث المتسارعة، وتحضيراً لمرحلة ما بعد وقف العمليات العسكرية....
تردي أوضاع الصحفي العزيزي الاقتصادية كادت أن تكلفه حياته
في اتصال مع لجنة دعم الصحفيين (JSC)، أكد الصحفي محمد العزيزي انه قد تعرض للاعتداء والضرب المبرح من قبل مجموعة من الاشخاص استهدفوه بناء على توجيهات من مالك المنزل الذي يقطنه مستأجراً، على حد تعبيره، وذلك يوم الاحد 27 حزيران-يونيو 2021، ما ادى لإصابته برضوض وكسور في الاضلع والأنف وخدوش في الرأس والساقين. وقد تم نقله الى احدى مستشفيات منطقة الحصبة في العاصمة اليمنية صنعاء حيث يتلقى العلاج اللازم لعدة أيام.
وفي التفاصيل، أوضح العزيزي، وهو أب لـ 6 أطفال، أنه قد تم توقيفه عن العمل في صحيفة الثورة منذ منتصف العام 2017 جراء الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد مع استمرار الحصار والحرب على اليمن، حاله كحال المئات من العاملين في القطاع الاعلامي والصحفي. وتابع، "في السابق، كانت الأوضاع أفضل بكثير. كنا نستطيع تأمين مستلزمات العائلة وحاجاتها لعيش كريم. ومع استمرار الحرب على اليمن، أصبحت الضغوط الاقتصادية خانقة. منذ أكثر من 4 أعوام، تم توقيفي عن العمل لدواعي التدهور الاقتصادي في المؤسسة. لا نستطيع أن نمارس مهنة الصحافة، كما اعتدنا. وإزاء ذلك، عجزت عن تسديد فواتير الإيجار المترتبة علي لصاحب المنزل الذي نستأجر، فما كان من صاحبه إلا أن طلب من مجموعة من الأشخاص الاعتداء علي. ما كنت لأتمنى أن أكون بمثل هذا الموقف، ولكني بت عاجزاً عن تأمين كلفة المأوى لعائلتي، فما بالك عن غيرها من الضروريات؟"
"احموا الصحافة لتحموا الحقيقة"
مع تعرض العديد من المؤسسات الاعلامية للقصف المباشر وتوقف بعضها عن العمل، تزامناً مع أزمة توقف صرف رواتب الموظفين وغيرها من عواقب الحصار الاقتصادي الخانق الذي تفرضه الحرب على اليمن، يعاني الصحفيون والاعلاميون من فقدان مورد رزقهم الاساسي، ما اضطر بعضهم للتخلي عن طموحه المهني في توثيق ونقل الحقائق بحثا عن مورد رزق آخر يعيلون منه أنفسهم وأسرهم. أما من اختار المضي قدماً في "مهنة المتاعب"، تحت نيران القصف العسكري والمضايقات الاقتصادية والاجتماعية، فقد خسر الكثير من مقومات الحياة التي اعتادها سابقاً، ليصبح التكيف مع الأوضاع القاهرة الراهنة من أقصى ما يسعى اليه.
ولما كان الحق في الأمان الجسدي كما النفسي والاقتصادي والاجتماعي من أبسط مسلمات حقوق الانسان المكفولة في القوانين والمعاهدات الدولية ومن أهم مقومات النجاح والاستقرار الوظيفي والمهني، تجدد لجنة دعم الصحفيين (JSC) دعوتها لجميع المنظمات الدولية والحقوقية والانسانية الضالعة في الملف اليمني لضرورة السعي لوقف الاعمال العدوانية على اليمن ورفع الحصار الاقتصادي الذي يتسبب بأكبر أزمة انسانية في التاريخ الحديث، على حد توصيف المفوضة السامية لحقوق الانسان في الأمم المتحدة ميشيل باشيليت. وأينما أصبح الصحفيون والاعلاميون ضحايا لأي أعمال عدائية، عسكرية كانت أو اقتصادية وثقافية واجتماعية، تعذر توثيق مجريات الأحداث الحاسمة على الساحة المحلية وتأثيراتها على الساحة الدولية، حرماناً للأفراد من حقهم في الوصول الى المعلومات من مصادرها ومن حق الصحفيين في ممارسة حقهم في حرية العمل الصحفي في ظروف حياتية تشجعهم على الابداع واثبات الجدارة، مع الحفاظ على صيرورة وديمومة العمل الصحفي.
كما تطالب السلطات اليمنية بضرورة اجراء تحقيقات عاجلة وشفافة للتوصل الى تحديد هوية المعتدين وانزال العقوبات العادلة بحقهم، عملاً بمبدأ إنهاء الافلات من العقاب في أي جريمة مرتكبة بحق الصحفيين والاعلاميين، كما تأمين حصول الصحفي العزيزي على العناية الطبية اللازمة خلال فترة علاجه من الاصابات التي نتجت عن الاعتداء الذي تعرض له.