2021-03-27 09:23
في الذكرى السادسةِ للحربِ العسكريةِ على اليمنِ التي بدأتْ عملياتُها في 25 آذار-مارس2021، لا يزال الصحفيون والمؤسساتُ الإعلامية يتعرضون للإستهداف المباشرِ وغيرِ المباشرِ في اطارِ سعيِهم لنقلِ الحقيقةِ وتوثيقِ الجرائمِ المرتكبةِ خلالَ الحربِ التي أُعلنتْ على اليمنِ، بالكلمةِ والصوتِ والصورةِ، رغمَ جميعِ المحاولاتِ التي بُذلتْ للتعتيمِ الإعلامي عالمياً واقليمياً ومحلياً حتى أصبحتْ حربُ اليمنِ، "على الرغمِ من كونِها الأزمةَ الإنسانيةَ الأكبرَ، الحربَ المنسيةَ"، على حد توصيفِ المفوضِ السامي لحقوقِ الإنسانِ في الأممِ المتحدةِ ميشيل باشيليت في 6 آب-أغسطس 2020. ففي اليمنِ، حيثُ "الوضعُ ينزلقُ من سيئٍ إلى أسوأ"، إعتبرتْ باشيليت "إن المسؤولينَ عن الإبلاغِ عن الفظائعِ التي ارتُكبَتْ خلالَ النزاعِ المسلحِ، وما يصاحبُها من ألمٍ ومعاناةِ المدنيين، هم أنفسُهم مُستهدَفون... لمجردِ محاولتِهم تسليطَ الضوءِ على وحشيةِ هذهِ الأزمةِ، رغمَ أنهم يتمتعون بالحمايةِ بموجبِ القانونِ الدولي الإنساني كمدنيين، وأنّ الهجماتِ ضدّهم قد ترقى إلى جرائمِ حربٍ".
وفي حينِ رفعَتِ الأممُ المتحدةُ شعارَ "إحمِ الصحافةَ: تحمِ الحقيقةَ" لإحياءِ اليومِ العالمي لإنهاءِ الافلاتِ منَ العقابِ في الجرائمِ المرتكبةِ بحقِ الصحفيين في 2 تشرين الثاني-نوفمبر 2020، في تأكيدٍ واضحٍ وصريحٍ على أن "سلامة الصحفيين أمرٌ أساسي لإعمالِ حقوقِنا جميعاً، المدنيةِ والسياسيةِ والإقتصاديةِ والإجتماعيةِ والثقافيةِ، وفي سياقِ النزاعِ المسلحِ، يؤدي الصحفيون دوراً حيوياً في الكشفِ عن الحقيقةِ ومساءلةِ أطرافِ النزاعِ علناً"، و"إذا لم نقمْ بحمايةِ الصحفيين، تصبحُ قدرتُنا على البقاءِ على عِلمٍ بما يجري حولَنا وعلى إتخاذِ قراراتٍ مبنيةٍ على الأدلةِ محدودةً جداً. وعندما لا يستطيعُ الصحفيون القيامَ بعملِهم في أمانٍ، فإننا نفقدُ خطاً دفاعياً مهماً ضدّ جائحةِ المعلوماتِ الخاطئةِ والمعلوماتِ المضللةِ"، ما زالتِ الحملةُ العسكريةُ على اليمنِ تستهدفُ الصحفيين، الإعلاميين، الناشطين، اضافةً إلى إستهداف مؤسساتِهم الإعلاميةِ، لثنيِهم عن القيامِ بواجبِهم الإعلامي المهني، وسعياً لطمسِ الحقائقِ وتجنبِ توثيقِها ونقلِها للرأي العامِ المحلي، الإقليمي، والدّولي.
هذا وقد ضاعفَ التعتيمُ الإعلامي من معاناةِ المدنيين في اليمنِ رغمَ مناشداتِ المنظماتِ الدوليةِ والإقليميةِ والإنسانيةِ فيهِ للمساعدةِ على وقفِ الحربِ لوقفِ تدهورِ الأوضاعِ الإنسانيةِ فيهِ من صحيةٍ، إجتماعيةٍ، إقتصاديةٍ، ثقافيةٍ، وغيرِها... فأسلوبُ الحجبِ الذي طُبقَ، منذُ بدءِ الحربِ، وبذلُ الأطرافِ المعنيةِ بالهجومِ على اليمنِ جهوداً دبلوماسيةً حثيثةً لمنعِ وصولِ العشراتِ من مندوبي وممثلي وسائلِ الإعلامِ الدوليةِ والإقليميةِ إلى اليمنِ، الطلبِ من الموجودين المغادرة، ومحاولةِ عرقلةِ مهماتِ الإعلاميين والصحفيين الموجودين في اليمنِ عبرَ التهديدِ المباشرِ أو غيرِ المباشرِ، ثمّ المضايقات والإعتداءات وصولاً إلى الإستهداف المباشرِ والقتلِ وغيرِها حالتْ دون نقلِ "المشهدِ" كاملاً لاستصراخ الضميرِ الإنساني الدولي وحشدِ المزيدِ من الدعمِ والمطالباتِ بإنهاءِ الحربِ على اليمنِ لأن "اليمن ما عاد يحتملُ الإنتظارَ".
وبِذلكَ، تعتبرُ لجنةُ دعمِ الصحفيين في جنيف (JSC) أن إستهداف الصحفيين ووسائلِ الإعلامِ في اليمنِ خرقٌ مباشرٌ للمادةِ 19 من الإعلانِ العالميّ لحقوقِ الإنسانِ في حالاتِ السلمِ (والتي تنصُّ على "أنَّ لكلِ إنسانٍ الحقَ في اعتناقِ ما يشاءُ دونَ مضايقةٍ، ولكلّ إنسانٍ الحقَ في حريةِ التعبيرِ، ويشملُ هذا الحقُ حريتَه في التماسِ مختلفِ ضروبِ المعلوماتِ والأفكارِ، وتلقيها ونقلِها إلى الآخرين في أي قالبٍ وبأي وسيلةِ يختارها، ودون اعتبارٍ للحدود") وإنتهاك صارخٌ لمبادئِ المادةِ 79 من البروتوكولِ الإضافي الملحقِ بإتفاقية جنيف 1949 في القانونِ الدولي الإنساني والقرار 1738 لمجلسِ الأمنِ الدولي (التي تنصُّ على إعتبارِ الصحفيين والمراسلين مدنيين يجبُ احترامُهم وحمايتُهم، واعتبارِ المنشآتِ والمعداتِ الخاصةِ بوسائلِ الإعلامِ أعياناً مدنيةً لا يجوزُ أن تكونَ هدفاً لأي هجماتٍ أو أعمالٍ انتقاميةٍ).
ازاءَ ذلك، وانطلاقاً من ميثاقِ لجنةِ دعمِ الصحفيين وأهدافِ تأسيسِها، ومنها حمايةُ ودعمُ حريةِ وحقوقِ الإعلاميين والعاملين في مجالِ الإعلامِ، الحثُ على تأمينِ حقوقِ وسلامةِ الصحفيين ومنعِ أي شكلٍ منْ أشكالِ العنفِ بحقهم، تمكينُ الإعلاميين من تحصيلِ حق الوصولِ إلى المعلوماتِ ونقلِها حفاظاً على الحقوقِ المقدسةِ في الحقّ في حريةِ الرأي والتعبيرِ وحقّ النشرِ وحقّ التنقلِ والحقّ في حريةِ العملِ الصحفي، وثّقَ مكتبُ الرصدِ في لجنةِ دعمِ الصحفيين (JSC) الإنتهاكاتِ المتأتيةَ عنِ الأعمالِ العسكريةِ وأهدافِ الحربِ على اليمنِ خلالَ السنواتِ الستةِ التي مضتْ، حيثُ تمَّ احصاءُ أكثر من: 41 جريمةِ قتلٍ بحق الصحفيين، 61 حالةِ إعتقال، إختطافٍ أو إحتجاز على خلفيةِ تغطيةِ الأعمالِ الحربيةِ، 80 حالةَ إعتداء على الصحفيين ومعداتِهم الصحفيةِ وممتلكاتِهم الخاصةِ وإنتهاك لحقوقِهم، و75 حالةِ إعتداء على المؤسساتِ الإعلاميةِ وحرمانِها من حقوقِها المشروعةِ.
لتحميل التقرير بصيغة PDF، اضغط هنا