بين حرية الرأي والتعبير والسعي لضبط انتشار الاخبار الكاذبة

2020-10-23 12:40

التقارير

في تقرير لمقرّر الأمم المتّحدة الخاص المعنيّ بحريّة الرأيّ والتعبير دايفيد كاي ، اشير الى غموض القواعد التي تحكم حرية التعبير عبر الانترنت والالتباس الذي يحيط بها، ما بسمح للعديد من الدول الساعية الى خنق الحريات العامة الى "التهرّب من التزاماتها بموجب حقوق الإنسان عبر التوجّه مباشرة إلى الشركات، والطلب منها إزالة محتويات أو حسابات معيّنة، من دون تطبيق الإجراءات القانونيّة الواجبة، في حين أنّ بعض الشركات غالبًا ما تفرض قواعد وضعتها بنفسها من دون أي مساهمة من الرأيّ العام، وتنفّذها بعيدًا عن الوضوح والشفافية. وعلينا أن نغيّر هذه الديناميّة كي يتمكّن الأفراد من أن يدركوا حقًّا القواعد المعتَمَدة وكيفيّة تطبيقها." وهذا ما اعتبرته العديد من المنظمات التي تعنى بحرية الراي والتعبير عموماً، وبحرية الصحافة والاعلام خصوصاً، انتهاكا فاضحا لهذه الحريات، تحت غطاء "الاخبار الكاذبة وتهديد الامن القومي للبلاد".

فمع سماح المنصات الالكترونية عبر الانترنت لتبادل سريع للمعلومات، بعض الجهات المشبوهة اتخذتها ايضا وسيلة لبث الاخبار الكاذبة والمضللة او حتى نشر الحملات الدعائية لافكار تحض على الارهاب والكراهية كما الاساءة الالكترونية والتنمر، الجريمة المنظمة (الاتجار بالبشر والاسلحة....). وقد اعتبر كاي في تقرير رفعه الى مجلس حقوق الانسان في حزيران 2018 الى ان التوزان في ذلك بين حرية التعبير وحق الحكومات بمكافحة ما تعتبره "جرائم الكترونية" يكون بوضع اطر واضحة لا لبس فيها والتذكير باهمية وكيفية احترام قوانين حقوق الانسان وقواعدها في العالم الرقمي ايضا، بدل السعي الى حجبها لانها ستجد طريقها الى الرأي العام بطريقة قانونية او بـ "غيرها".

ولذلك يرى كاي ان الحل يكون باعتماد "الشفافية الجذرية" بتوضيح القواعد التي تعتدها الدول والشركات لمراقبة المحتوى المنشور ووظروف واجراءات المساءلة المتاحة عند ازالة المحتوى بطريقة غير مشروعة. فوفقا لتقريره، "ليست الرقابة المفروضة على المحتوى بحدّ ذاتها ما يقوّض حرية التعبير. فالرقابة ليست بمشكلة، ولكن لا بدّ لها من أن تحترم معايير حقوق الإنسان ومعايير حكم القانون."

وبناء على ذلك، تعتبر لجنة دعم الصحفيين في جنيف (JSC) ان من واجبات الجهات المعنية في السلطات المحلية والدولية السعي لوضع قوانين واضحة لا تحتمل التأويل حول تعريفها لـ "الاخبار الكاذبة"، خصوصا في التحقيقات الاستقصائية التي قد تطال ملفات فساد وقد تشير الى احد المعنيين في السلطة انفسهم، وتعريف واضح للحالات التي تستوجب حذف المنشور او ملاحقة ناشريه وسبل استئناف القرارات.