2018-08-27 03:28
لجنة دعم الصحفيين تنظّم مؤتمراً صحفياً في صنعاء حول المأساة الإنسانية في اليمن
عقدت لجنة دعم الصحفيين بالتعاون مع مؤسسة الشرق الأوسط للتنمية، صباح الأربعاء، مؤتمراً صحفياً حول المأساة الإنسانية في اليمن تحت شعار "شهادات من الواقع".
المؤتمر الذي شارك فيه عدد من الصحفيين والاعلاميين والحقوقيين اليمنيين، شَهِدَ تقديم العديد من المداخلات والشهادات عن تفاقم الوضع الإنساني والجرائم والمعاناة التي خَلفَّتها الحرب التي يشُنها التحالف السعودي على اليمن منذ أكثر من ثلاثة أعوام.
الصحفي أحمد القانص، ذكرَ أنه وبحكمِ عمله الصحفي الميداني، كان قد قام بتغطية العديد من الجرائم بعد وقوعها مباشرةً، وأشارَ إلى أن من المشاهد العالقة في ذهنه، آثار القصف الذي استهدف مدينة "المُهمشين" في العاصمة صنعاء، ووضّحَ أن الكثير من الناس فقدوا ذويهم، وكانت الأشلاء مُتطايرةً في الشوارع المجاورة، وإحدى الأمهات أخبرته أنها فقدت ابنتها وكانوا قد انتقلوا إلى هذه المنطقة كنازحين.
في إطار حديثه عن الجرائم والانتهاكات التي كان شاهداً عليها، ذكر المذبحة التي حدثت في سوق مستبأ بمحافظة حجة، وبيّنَ أنه تم استهداف المكان الأكثر ازدحاماً في السوق، والمشفى المتواجد بالقرب من المكان لا توجد به طاقة استيعابية كافية، وقال: بعد عودتنا إلى صنعاء بأيام سمعنا أنه حتى ذلك المستشفى تعرضَ للقصف.
الإعلامي والناشط اليمني أحمد المودّع، قال في مداخلته إن من أكثر الأحداث التي أثَّرت في مشاعره كان استهداف القاعة الكبرى في العاصمة صنعاء، وشرحَ إلى أنه حين وصلَ إلى هناك بمعيّة بعض زملائه، كان هناك من لا يزال يحترق ولم يستطيعوا انقاذه لعدم توفر المواد اللازمة للتعامل مع هذه الحالات، وأضاف أنهم وجدوا 138 قطعة أشلاء لم يستطع أحد أن يتعرف على أصحابها، ولا يوجد في اليمن فحص DNA، لمعرفتهم؛ وقال إنه من المحزن والمؤلم أن هناك مقابر خصصت لقطع الأشلاء دون معرفة لمن تعود.
كما قُدّمَتْ في المؤتمر شهادات أخرى من واقع الجرائم والانتهاكات اليومية التي يعايشها الصحفيون والحقوقيون، وعلى هامش المؤتمر ناقش بعض المتحدثين أهمية دور الإعلام في توثيق ورصد الجرائم التي تحدث، ونقل المعاناة الإنسانية الهائلة التي يمر بها اليمنيون في ظل الحرب المنسية على اليمن.
الصحفي حسين شوقي، أدلى بشهادته، التي ذكر فيها، بعض المشاهد التي عايشها، من بينها حين تم استهداف حفّار مياه في مديرية أرحب بصنعاء، قائلاً لم نتمكن من الوصول إلى موقع الحدث، وانتظرنا في القرية المجاورة ونحن نراقب الطيران وهو يعاود غاراته، وحين حاولنا الاقتراب بالسيارة التي كنا نستقلها لم نستطع، وبعد أن توقف التحليق المكثف قررنا التقدم باتجاه الموقع بواسطة الدراجات النارية، وحين وصلنا إلى هناك، صُدِمنا من هول المنظر الذي رأيناه، كان هناك طفل قد احترق وأشلاء مبعثرة في كل مكان، حتى فرق الإسعاف لم تنجو من القصف.
ذكر أنه شخصياً تعرض لمحاولة اغتيال بالاستهداف المباشر من قبل العدوان، في مديرية بيحان بمحافظة شبوة، وذلك حين كان يؤدي مهمته الصحفية كمراسل، وعلى خلفية التقارير التي كان يعدها من بيحان حول تردي الأوضاع المعيشية، على إثر الحصار الذي فرضه الموالين للتحالف السعودي.
الصحفية إيمان الحنظلي فقد سردت من واقع تجربتها الشخصية حين اُستهدف التحالف السعودي مبنى "كلية الشرطة" الواقع على مقربة من المنزل الذي تقطنه؛ قائلةً تم استهداف هذه الكلية برغم أنها منشأة تعليمية تقع في حيٍّ مكتظ بالسكان، وحين حدث القصف شعر الجميع بالرهبة، كان أهالي الطلاب يهرعون باتجاه المدرسة القريبة من المكان، الأمهات يركضن في الشارع بغير وعي، وأُصيبَ الأطفال بحالةٍ غير مسبوقةٍ من الهلع،وأضافت، أنها شعرت لحظتها أن ما تراهُ أمامها هو أحد مشاهد " يوم القيامة".
الإعلامي مطهر شرف تحدث في شهادته عن دار المكفوفين في العاصمة صنعاء الذي تعرض للقصف أيضاً من قبل التحالف السعودي، فكان المأساة أن فقد المكفوفون الملاذ الآمن -الذي كان يحتضنهم - بفعل تدمير المكان. واختتم حديثه قائلاً إن الحزن والألم عظيم سواء على الذين قتلوا بفعل هذه الجرائم أو من تسبب العدوان في اعاقتهم.
وقد تم تقديم العديد من المداخلات في المؤتمر الصحفي، إذ تحدّثَ الصحفي ناصر الربيعي، عن الطريقة التي يتناول بها الإعلام الغربي الجرائم المُرتكبة في اليمن، قائلاً أن هناك العديد من الأسباب لعدم اهتمام وسائل الإعلام الخارجية بما يحدث، من بينها ممارسة التضليل الذي تتبعه الماكينة الإعلامية الضخمة للتحالف السعودي، وشراء مواقف الشخصيات والمنظمات ووسائل الإعلام من أجل التعتيم لما يحصل من انتهاكات وجرائم، وأشار الربيعي أن هناك لوبي تقف وراءه السعودية للتأثير على صانعي السياسات الأمريكية، إلا أنه أكّدَ أن القدرة على التأثير في وسائل الإعلام الغربية ممكن وذلك بالضغط المتواصل والتعامل مع الرأي العام الغربي بالوسائل الرائجة لديه وبالأساليب المُبتكرة.
وتحدث الصحفي ناصح شاكر، باللغة الإنكليزية، حول جرائم التحالف السعودي بحق المدنيين والصمت الدولي حيال هذه الجرائم والسماح للمعتدي بالإفلات من العقاب. وتمنى من الأمم المتحدة إلى تبني قرار بحماية المدنيين اليمنيين. كما طالب من مجلس الأمن إلى إدانة جرائم العدوان. وسرد الصحفي تفاصيل مجزرة أطفال الضحيان وأنّ أبشع ما في الجريمة هو تبرير التحالف بأنه هدف عسكري مشروع.
من جهة أخرى تحدث الصحفيون حمود شرف، وحسن الوريث، وهناء الوجيه، وأمة الملك الخاشب، بعدد من المداخلات، التي تمحورت حول إدانة جرائم التحالف السعودي وحصاره والمطالبة بوقفهما، وتوثيق ورصد الجرائم المرتكبة، وتعزيز الحراك الإعلامي في الكشف عنها وتسليط الضوء على ماخلفه التحالف من مأساة إنسانية يندى لها الجبين، وإعداد ملفات بخصوصها لرفع دعاوى قضائية ضد مرتكبيها؛ وتخصيص مساحة للغة الإنجليزية في القنوات التلفزيونية، ليتمكن الإنسان الغربي من متابعة ما يحصل من جرائم بحق الإنسانية في اليمن.
لجنة دعم الصحفيين - سويسرا
16 أغسطس / آب 2018