2017-03-31 05:55
ما هو الهدف من هذا الدليل العملي؟
في هذا الدليل العملي، تقدم منظمة المادة 19 دليلاً إرشادياً لتحديد "خطاب الكراهية" وكيفية مواجهته بفعالية، مع حماية الحق في حرية التعبير والحق في المساواة. يستجيب هذا الدليل العملي للطلب المتزايد على الإرشادات الواضحة بشأن تحديد "خطاب الكراهية"، وللاستجابة للتحديات التي يطرحها "خطاب الكراهية" في إطار حقوق الإنسان.
على هذا النحو، فإن هذا الدليل العملي يتناول ثلاثة أسئلة رئيسية:
يسترشد الدليل بالمبدأ القائل بأن الإجراءات المنسقة والمركزة المتخذة لتعزيز الحق في حرية التعبير والحق في المساواة هو أمر ضروري لتدعيم أي مجتمع ديمقراطي متسامح وتعددي ومتنوع تتحقق فيه كل حقوق الإنسان لجميع الناس. يستنير هذا الدليل العملي بسياسة العمل الحالية لمنظمة المادة 19 في هذا المجال ويبني عليها.
تم بناء هذا الدليل العملي على النحو التالي:
تعتقد منظمة المادة 19 بأن ضمان أن تكون الاستجابات بشأن "خطاب الكراهية" متوافقة مع القانون الدولي لحقوق الإنسان هو أمر بالغ الأهمية. حالات الحظر التي تفرض رقابة على وجهات النظر المسيئة غالباً ما تؤدي إلى نتائج عكسية على هدف تعزيز المساواة، إذ أنها تخفق في معالجة الجذور الاجتماعية الأساسية لأنواع التحيز التي تحرك "خطاب الكراهية". في معظم الحالات، فإنه يتم تعزيز المساواة بشكل أفضل من خلال تدابير إيجابية تؤدي إلى تنامي مستوى التفاهم والتسامح، وليس من خلال الرقابة.
هذا الدليل العملي لا يعتبر نسخة نهائية، وسيتم تحديثه باستمرار كي يعكس مستجدات السوابق القضائية وأفضل الممارسات في هذا المجال.
القسم الأول: تحديد "خطاب الكراهية"
من أجل تحديد "خطاب الكراهية"، فإنه من الضروري أولاً أن نفهم أهمية حق الإنسان في حرية التعبير وحق الإنسان في المساواة اللذان يعزز كل منهما الآخر.
في هذا الجزء، تقترح منظمة المادة 19 أيضاً تصنيفاً لتحديد "خطاب الكراهية": التمييز بين الأشكال المختلفة وفقاً لحدة التعبير وأثره. إننا نعتقد أن هذا أمر بالغ الأهمية لإثراء الاستجابات الفعالة والدقيقة بشأن "خطاب الكراهية" – وفي حالات استثنائية – حالات الحظر على "خطاب الكراهية" (أنظر القسم الثالث).
ما هو الحق في حرية الرأي والتعبير؟
حرية الرأي والتعبير (حرية التعبير) هي حق أساسي من حقوق الإنسان وتحظى بالحماية في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتتمتع بالقوة القانونية من خلال جميع المعاهدات الدولية والإقليمية الرئيسية لحقوق الإنسان.
يشترط القانون الدولي لحقوق الإنسان على الدول أن تكفل لجميع الناس الحرية في التماس أو تلقي أو نقل المعلومات أو الأفكار من أي نوع، دونما اعتبار للحدود، بأية وسيلة يختارها الشخص.
نطاق الحق في حرية التعبير واسع. إنه يشمل، على سبيل المثال، والتعبير عن الآراء والأفكار التي ربما يجدها الآخرون شديدة الإساءة، وهذا الأمر قد يشمل التعبير التمييزي.
غالباً ما يقال أن كل حقوق الإنسان شاملة وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة ويعزز بعضها بعضاً. هناك، علاوة على ذلك، سببين وراء منح القانون الدولي أهمية خاصة للحق في حرية التعبير كحق أساسي:
بعد هذا القول، فإن الحق في حرية التعبير ليس حقاً مطلقاً، ويجوز للدولة، في ظل ظروف استثنائية معينة، تقييد هذا الحق بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان (أنظر أدناه).
ما هو الحق في المساواة؟
يكفل القانون الدولي لحقوق الإنسان المساواة وعدم التمييز لجميع الناس ، وتلتزم الدول بضمان المساواة في التمتع بحقوق الإنسان والمساواة في التمتع بحماية القانون.
يتسم مبدأ عدم التمييز بثلاثة عناصر متلاصقة، ويُفهم على النحو التالي:
إنه حماية لكرامة جميع الناس دون تمييز، الأمر الذي يؤدي إلى تحفيز معظم الاستجابات بشأن "خطاب الكراهية"، بما في ذلك القيود المفروضة على الحق في حرية التعبير. غالباً ما يتم تبرير الاستجابات بشأن "خطاب الكراهية" وحالات الحظر المفروضة عليه على أساس حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الآداب العامة. مع ذلك، وحيثما يتم دمج هذه الأهداف مع هدف حماية الأفراد من التمييز، فإن الاستجابات التي تحد من التعبير يمكن أن تصبح بسهولة فضفاضة وعُرضة لإساءة الاستخدام.
ما هو "خطاب الكراهية"؟
"خطاب الكراهية" هو عبارة عن مفهوم مثير للمشاعر، ولا يوجد له تعريف مقبول عالمياً في القانون الدولي لحقوق الإنسان. قد يدّعي الكثيرون أن بإمكانهم تحديد "خطاب الكراهية" على النحو الذي يرونه، إلا أن معايير القيام بذلك تكون في أغلب الأحيان صعبة المنال أو متناقضة.
تنطوي الصكوك الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان على معايير متفاوتة لتحديد "خطاب الكراهية" والحد منه: تنعكس هذه الاختلافات في التباينات في التشريعات المحلية. في الحالات اليومية، يختلف استخدام هذا المصطلح والمعاني المرتبطة به – كما هو الحال بالنسبة للدعوات المطالبة بتنظيمه. هذا الأمر يمكن أن يفسر الكثير من الالتباس حول هذا المصطلح، وما الذي يعنيه لحقوق الإنسان.
تم صياغة العديد من التعاريف المقترحة "لخطاب الكراهية" استجابة لظواهر أو أحداث اجتماعية محددة وتمييزية خبيثة. تم أيضاً تكييفه التعاريف مع مرور الوقت لمعالجة الأوضاع الجديدة واستيعاب التحولات في اللغة وتحول فهم المساواة وأضرار التمييز أو التطورات في مجال التكنولوجيا.
يتكون "خطاب الكراهية" بشكل أساسي، في معظمه، من عنصرين:
ببساطة، فإن "خطاب الكراهية" هو أي تعبير عن الكراهية التمييزية تجاه الناس: إنه لا يستتبع بالضرورة نتيجة معينة تترتب عليه. هذا التعريف الذي يمثل القاسم المشترك الأدنى يجسد مدى واسع جداً للتعبير، بما في ذلك التعبير القانوني. لذلك، فإن هذا التعريف يتسم بالغموض الشديد كي يتم استخدامه في تحديد التعبير الذي يمكن تقييده قانوناً بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
فيما عدا هذين العنصرين الأساسيين، فإن معنى "خطاب الكراهية" يصبح محل خلاف بشكل أكبر؛ ويجادل بعض الناس بأن الكراهية التمييزية في حد ذاتها لا تكفي، وأنه يجب إظهار أكثر من ذلك. الآراء حول ما يشكل "خطاب الكراهية"، ومتى يمكن أن يكون محظوراً، تختلف على نطاق واسع، ولكنها تتضمن خلافاً على العناصر التالية:
أ- التحريض على فعل ظاهر ضد الهدف عن طريق شخص ثالث أو مجموعة من الناس، مثل العنف؛
ب- التسبب في إحداث استجابة انفعالية في الهدف، مثل الإهانة أو الضيق؛
ج- التأثير سلباً على السلوكيات المجتمعية، من خلال "نشر" أو "اثارة" الكراهية.
إن حالات فهم ما يعنيه "خطاب الكراهية" يمكن بالتالي أن تندرج في أي موضع يقع ما بين التعريف الذي يمثل القاسم المشترك الأدنى وتعريف ما يتضمن المجموعات المختلفة من العوامل المذكورة أعلاه. في نفس الوقت، فإن التعاريف غالباً ما تكون غامضة فيما يتعلق بأحد هذه التفاصيل أو أكثر، مما يتيح مرونة لتحديد "خطاب الكراهية" في مظاهره المختلفة، مما يؤدي إلى خلق الشك والخلاف حول ما الذي يشكل "خطاب الكراهية".
فيما يلي أمثلة قليلة فقط من مختلف المؤسسات والجهات الخاصة للتدليل على تنوع المقاربات:
من المستهدف من وراء "خطاب الكراهية"؟
ببساطة، فإن "خطاب الكراهية" يستهدف الناس، كأفراد أو جماعات، أو بسبب هويتهم.
تعتبر منظمة المادة 19 أن أسس الحماية من "خطاب الكراهية" ينبغي أن تشمل كل تلك الخصائص المحمية التي تظهر في إطار الأحكام الأعم للقانون الدولي لحقوق الإنسان بشأن عدم التمييز. في حين أن هذا الأمر قد يبدو واضحاً، إلا أنه محل خلاف في بعض الأحيان.
نظراً لعدم وجود تعريف مقبول عالمياً، فإن الالتزامات التي تجيز أو تشترط فرض قيود على أنواع معينة من "خطاب الكراهية" تم تجميعها معاً من العديد من المعاهدات المختلفة.
يزداد الأمر تعقيداً، إذ أنه ليس كل المعاهدات التي تتناول التمييز تشترط على الدول حظر "خطاب الكراهية". أيضاً، وحتى في المعاهدات التي تشترط فرض حالات الحظر، فإن الخصائص المحمية المدرجة بشكل صريح يتم في كثير من الأحيان تضييقها بشكل حذر.
هناك تفسيران لذلك:
أدى مزج الصكوك الدولية والإقليمية المتداخلة إلى إنتاج مقاربات متباينة لأشكال مختلفة من "خطاب الكراهية" في القوانين المحلية، بما في ذلك ما له علاقة بالخصائص المحمية. يتم استعراض هذه الصكوك الدولية والإقليمية في الملحق الأول.
لقد جادلت منظمة المادة 19 بأن إعمال حقوق الإنسان لا ينبغي أن يكون مقيداً بالتزام شكلي مفرط بالصيغة الأصلية لأي معاهدة، أو حتى بمقاصد من قاموا بالصياغة، إذا كان من شأن ذلك التفسير أن يؤدي دون مسوغ إلى تضييق التمتع بالحقوق.
أيضاً، فقد تم تفسير الصكوك الدولية لحقوق الإنسان مع مرور الوقت لدعم مبدأ المساواة على فهم واسع للمصطلح، والتطبيق على الخصائص المحمية المدرجة على وجه التحديد في المعاهدات، وكذلك على أسس غير مدرجة بشكل صريح. تعترف العديد من الدول بالخصائص المحمية، في القوانين الوطنية التي تحظر "خطاب الكراهية"، والتي هي انعكاس للخصائص المحمية بموجب التزاماتها الأوسع لضمان المساواة وعدم التمييز.
في ظل الضمانات الكافية لحرية التعبير، فإننا نعتبر أن الأحكام بشأن "خطاب الكراهية" ينبغي أن تكون متضمنة لأوسع تشكيلة من الخصائص المحمية. ينبغي على هذه الأحكام أن تشتمل، ولكن لا تقتصر، على: العرق، اللون، الجنس، اللغة، الدين، الرأي السياسي أو غير السياسي، الأصل القومي أو الاجتماعي، الملكية، المولد، المنشأ الأصلي أو الهوية الأصلية، العجز، وضع المهاجرين أو اللاجئين، الميول الجنسية، الهوية الجنسية أو وضع ثنائيي الجنس.
لماذا يتم استخدام مصطلح "خطاب الكراهية"؟
وصف تعبير معين بدقة مثل "خطاب الكراهية" يمكن أن يلعب دوراً هاماً في دفع عجلة قيم الكرامة والمساواة التي يقوم عليها القانون الدولي لحقوق الإنسان. مع ذلك، فإنه ينبغي أيضاً تجنب الاستعجال في تحديد تعبير مثل "خطاب الكراهية"، إذ أن استخدامه يمكن أن يكون له أيضاً عواقب سلبية. هذا المصطلح مثير جداً للمشاعر، ويمكن أن يُساء استخدامه لتبرير فرض قيود غير ملائمة على الحق في حرية التعبير، وبشكل خاص في حالات الفئات المهمشة والفئات الضعيفة.
"خطاب الكراهية" كمصطلح:
الايجابيات:
السلبيات:
لهذه الأسباب، فإن البعض يؤيد البعض مفاهيم بديلة وأكثر تحديداً بدقة، مثل "الخطاب الخطير" أو "خطاب التخويف"، والتي تركز أكثر على نزوع التعبير للتسبب في إحداث عنف واسع النطاق. في بعض السياقات، كما هو الحال في قرارات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يتم تجنب مصطلح "خطاب الكراهية" لصالح صياغات أكثر تفصيلاً مثل "التعصب والقوالب النمطية السلبية والتشهير والتمييز والتحريض على العنف، والعنف ضد الأشخاص على أساس الدين أو المعتقد" ، أو"نشر التمييز والتعصب"، أو" التحريض على الكراهية" . ربما يدل هذا الأمر على عدم الرغبة في تطبيع، أو إضفاء المشروعية على استخدام تعبير "خطاب الكراهية" وذلك نظراً لوضعيته كمصطلح محل خلاف شديد.
تصنيف مقترح "لخطاب الكراهية"
للأسباب المذكورة أعلاه، فإننا نقترح تصنيفاً "لخطاب الكراهية" – يندرج وفقاً لحدته – لإضفاء الوضوح على الفئات الفرعية المختلفة للتعبير التي تناسب ما هو دون مظلة "خطاب الكراهية"، وجعله أكثر سهولة لتحديد الاستجابات المناسبة والفعالة بشأن "خطاب الكراهية". إننا نقترح تقسيم "خطاب الكراهية" إلى ثلاث فئات:
هذا التصنيف يأخذ شكل "هرم خطاب الكراهية":
"خطاب الكراهية" الذي يجب حظره:
بموجب القانون الدولي، فإنه يتعين على الدول حظر أكثر أشكال "خطاب الكراهية" حدة. تم تصميم حالات الحظر لمنع الأضرار الاستثنائية التي يتعذر إلغاؤها والتي يعتزم المتحدث؛ ويكون قادراً على التحريض عليها، وهي:
"خطاب الكراهية" الذي يجوز حظره:
القانون الدولي لحقوق الإنسان يجيز للدول تقييد حرية التعبير في ظروف محدودة واستثنائية، مع الإمتثال للمعيار من ثلاثة أجزاء بموجب المادة 19 (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. يجب أن تكون هذه القيود:
هناك بعض الأشكال من "خطاب الكراهية"، والتي يمكن أن تُفهم على أنها تستهدف بشكل فردي ضحية مميزة. هذا النوع من "خطاب الكراهية" لا يدخل ضمن معايير المادة 20 (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لأن المتحدث لا يسعى إلى تحريض الآخرين على القيام بفعل ضد أشخاص على أساس خاصية محمية. تشمل هذه الأنواع من "خطاب الكراهية" التهديد بالعنف والمضايقات والإعتداء.
"خطاب الكراهية" القانوني:
قد يكون التعبير تحريضياً أو هجومياً، إلا أنه لا يتلاقى مع أياً من الحدود المذكورة أعلاه. يمكن وصف هذا التعبير بالتحيز، وإثارة المخاوف بشأن التعصب، ولكنه لا يتلاقى مع الحد الفاصل للحدة التي يمكن عندها تبرير فرض قيود على حرية التعبير (أنظر الحد الفاصل للحدة).
هذا الأمر لا يحول دون قيام الدول باتخاذ التدابير القانونية والسياسية لمعالجة حالات التحيز المتأصلة التي تعتبر هذه الفئة من "خطاب الكراهية" دلالة عليها، أو دون مضاعفة الفرص لجميع الناس، بما في ذلك المسؤولين الحكوميين والمؤسسات العامة، للانخراط في الخطاب المضاد.
تم بشكل مفصل سرد مجموعة (غير حصرية) من التدابير التي ينبغي تشجيع الدول على تبنيها في هذا الصدد في القسم الثاني من هذا الدليل العملي.
مثال:
"صبي في سن المراهقة وله عدد قليل من المتابعين على تويتر كتب تغريدة عبارة عن نكتة مسيئة ومتحيزة ضد المرأة تستهين باختفاء تلميذة محلية واحتمال تعرضها للقتل. هذا الأمر يثير ردود حاسمة وقوية ضد الصبي على شبكة الإنترنت، وفي نهاية المطاف يقوم بحذف التغريدة".
على الرغم من أن الاتصال كان مسيئاً ويعكس مشكلة واسعة النطاق تتعلق بكراهية النساء في المجتمع، إلا أنه لم يكن ينوي التحريض على أي سلوك ضار ضد مجموعة معينة، وعلى أي حال، فإنه لا يملك هذا النوع من التأثير على متابعيه. هذا النوع من "خطاب الكراهية" قد يبرر التدخل اللين من الجهات الفاعلة المحلية في مواقع السلطة، مثل المعلمين في مدرسته أو قادة المجتمع الآخرين، لكنه لا يبرر للدولة فرض عقوبات أو قيود أخرى.
موارد مفيدة:
هل "خطاب الكراهية" و "جريمة الكراهية" هما نفس الشيء؟
غالباً ما يقترن "خطاب الكراهية" و "جريمة الكراهية" ببعضهما ويستخدمان بشكل متبادل، إلا أنه ينبغي التمييز بينهما. كلاهما يحملان دلالات التعصب والتحيز، إلا أن معظم "جرائم الكراهية" لا تتضمن ممارسة حرية التعبير.
على الرغم من أن مصطلح "جريمة الكراهية" يستخدم على نطاق واسع، إلا أن استخدام مصطلح "الكراهية" المثير للمشاعر قد يقود الناس إلى الاعتقاد بأن أي مظهر من مظاهر "الكراهية"؛ بما في ذلك "خطاب الكراهية"، هو جريمة جنائية، ليست هذه القضية.
في حين أن كل "خطاب كراهية" يعتبر مدعاة للقلق، فإنه لا يشكل دائماً جريمة جنائية، وبالتالي فإنه لا يعتبر "جريمة كراهية".
مصطلح "جريمة الكراهية" يشير إلى ارتكاب جريمة جنائية حيث استهدف الجاني الضحية كلياً أو جزئياً بعيداً عن "دافع التحيز". العديد من الولايات القضائية تصنف بعض الجرائم الجنائية على أنها "جريمة كراهية" من أجل الإقرار بالسياق الأوسع للأذى الذي تعرض فيه الشخص للإيذاء. يهدف هذا الإقرار أيضاً إلى بناء الثقة بين الأفراد المهمشين في نظام العدالة الجنائية، ويتيح لهم أن يشعروا بأن معاناتهم الكاملة من الجريمة قد تم الإقرار بها.
على النحو الذي أشارا إليه منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، تتميز "جرائم الكراهية" بوجود عنصرين متلاصقين:
مصطلح "الجريمة بدافع التحيز" يُعرب بصورة أكثر دقة عن أن المسؤولية الجنائية تتوقف على إثبات جريمة جنائية ما، وليس على إثبات "الكراهية" فقط.
مثال:
"تنتقل أسرة مسلمة إلى منزل في بلدة معظم سكانها من العائلات المسيحية. يحطم أحد الجيران نوافذ منزل الأسرة الجديد. عندما سأله أحد المارة لماذا يقوم بذلك، رد الجاني بأنه يريد وقف "وصول المزيد منهم واستحواذهم على البلدة".
في هذا المثال، حدثت جريمة ألحقت أضراراً في الممتلكات، وأظهر مرتكب الجريمة دافع التحيز من خلال التواصل مع المارة. ربما تتم مقاضاته بتهمة إحداث أضرار في الممتلكات باعتبارها "جريمة كراهية"، ويحصل على عقوبة قصوى لإظهار دافع التحيز. مع ذلك، فإن تواصله مع المارة يؤخذ بعين الاعتبار فقط كدليل على دافعه لتلك الجريمة؛ وحديثه لا يمكن أن يكون أساساً لأي جريمة جنائية منفصلة.
في الكثير من "جرائم الكراهية"، فإن "خطاب الكراهية" لن يكون عنصراً من عناصر جريمة جنائية ذات مكونات أساسية. على الأصح، فإن التلفظ مباشرة قبل أو أثناء أو بعد ارتكاب جريمة ما، قد يكون مؤشراً على دافع التحيز وبالإمكان تقديم ذلك كدليل. في مثل هذه الحالات، فإنه لا يتم السماح للمتهمين بتقديم الدفوع بناءاً على حقهم في حرية التعبير.
مع ذلك، على النحو المذكور أعلاه، فإنه يتعين على الدول أن تحظر بشكل خاص الأشكال الحادة من "خطاب الكراهية"، ويجوز في ظروف استثنائية القيام بذلك من خلال القانون الجنائي. في هذه الحالات، قد يمثل "خطاب الكراهية" أيضاً الفعل التعبيري نفسه الذي يتم تجريمه. حسب التصنيف المذكور أعلاه، فإن أكثر أنواع "خطاب الكراهية" حدة؛ والتي قد تستدعي على نحو ملائم عقوبة جنائية؛ تتضمن "التحريض على الإبادة الجماعية"، وبشكل خاص الأشكال الحادة من "الدعوة إلى الكراهية التمييزية التي تشكل تحريضاً على العنف أو العداوة أو التمييز".
مثال:
"في الفترة التي تسبق انتخابات رئاسية تشهد تنافساً شديداً، يقوم الرئيس الحالي بإلقاء سلسلة من الخطب على المشاركين في المسيرات حاشدة. خلال هذه المسيرات، يصدر الرئيس إشاعة بأن أنصار المعارضة، الذين ينتمي أغلبهم إلى مجموعة عرقية أخرى، يسلحون أنفسهم كما أنهم يشكلون تهديداً وجودياً لأنصاره. مع تزايد حدة التوترات، فإنه يقوم باستخدام لغة عنصرية ويستحضر الأوامر التي تم استخدامها في عمليات القتل الجماعي في البلاد قبل بضعة عقود، داعياً أنصاره إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتأمين الفوز في الانتخابات".
هنا، فإن الرئيس انخرط في "خطاب الكراهية" الذي يمكن القول أن من شأنه أن يصل إلى حد الدعوة إلى الكراهية التي تشكل تحريضاً على العنف. هو على إلمام بالتوترات العرقية في المجتمع ويقوم باستغلالها، ويعرف كسياسي مؤثر، أن استخدامه لمصطلح بعينه من شأنه أن يُفهم وعلى الأرجح القيام بفعل عنيف من قبل الأفراد المشاركين في الحشد ضد أفراد المجموعة العرقية التابعة للمعارضة. سواءً ترتب على ذلك استخدام العنف بالفعل، أو لم يتم استخذام العنف، فإنه يمكن تجريم هذا النوع من "خطاب الكراهية" بشكل مبرر باعتباره "جريمة كراهية".
فضلاً عن هذه الأشكال من "خطاب الكراهية" (الحاد بشكل خاص) التي ينبغي على الدول حظرها، توجد أشكال أخرى من "خطاب الكراهية" التي يجوز للدول فرض قيود عليها. يشمل هذا الأمر الأشكال المستهدفة بشكل فردي من التهديدات أو الإعتداء أو المضايقات بدافع التحيز (أنظر تصنيف خطاب الكراهية).
مثال:
"يواجه زوجان من نفس الجنس، كلاهما نساء، على متن قطار راكباً آخر يبدأ بالصراخ في وجوههم والتلفظ بإساءات متحيزة ضد المرأة وتنم عن كراهية للمثليين، مما تسبب في شعور الزوجين بخوف معقول من حدوث عنف جسدي مباشر".
في العديد من الولايات القضائية، فإن من شأن هذا الحادث، وعلى نحو ملائم، أن يخضع للملاحقة القضائية باعتباره جريمة بدافع التحيز. يقع الفعل التعبيري المسيء من قبل الراكب ضمن تصنيفنا الواسع "لخطاب الكراهية"، وكذلك يرقى إلى جريمة اعتداء. التهديد الحقيقي للعنف في التعبير يجعل منه سلوكاً إجرامياً، وطالما أنه يتميز بالتحيز، فإن مضمون التعبير هو أيضاً دليل على دافع التحيز.
ما هو التعبير الذي لا يتم اعتباره "خطاب كراهية" بشكل تلقائي؟
بالنظر إلى الغموض الذي يكتنف المفهوم، فإنه من المفيد تحقيق وضوح بشأن فئات التعبير التي لا ينبغي اعتبارها "خطاب كراهية". في هذا القسم، فإننا نقدم شرحاً بشأن لماذا ينبغي تمييز بعض المفاهيم (والتي غالباً ما يتم خلطها بطريقة خاطئة مع "خطاب الكراهية")، وفي معظم الحالات، حمايتها بموجب الحق في حرية التعبير.
التعبير شديد الإساءة:
المعايير الدولية لحرية التعبير تحمي التعبير المسيء أو المزعج أو الصادم ، ولا تجيز فرض قيود مبنية فقط على أساس "الجريمة" التي لحقت بفرد أو جماعة. لا ينص القانون الدولي لحقوق الإنسان على أي حق للأفراد في أن يكونوا في مأمن من الجريمة، ولكنه يحمي بشكل لا لبس فيه حقهم في مواجهة هذه الجريمة والتحدث علناً ضد أنصار ذلك الخطاب.
بيد أنّ الدول في كثير من الأحيان تفرض عقوبات على أي تعبير يوصف بأنه "مسيء"، بل وفي بعض الأحيان، تقوم بتمييز درجات الجريمة كأساس لفرض العقوبات. طبيعة "الجريمة" في جوهرها ذاتية، وهو ما يتيح للدولة تقييد آراء معينة بصورة تعسفية. في كثير من الأحيان، يفتقر الحظر المفروض على الخطاب "المسيء" إلى الدقة والوضوح اللازمين لتمكين الجمهور من تنظيم سلوكهم وفقاً للقانون. لذلك، فإن منظمة المادة 19 تعتقد أنه لا ينبغي أبداً أن تكون الجريمة أساساً لتقييد التعبير، حتى إذا كان تمييزياً، دون وجود دليل على أن ذلك التعبير يقع ضمن الفئات المحددة في القسم الثالث.
غالباً ما يتم طرح الحجج بأن بعضاً من التعبير يكون مسيئاً جداً بحيث أنه لا يحمل أي قيمة وأنه ضار بطبيعته. مع ذلك، تغفل هذه الحجة أهمية الحماية ضد إساءة استخدام السلطة من قبل الدولة، بما في ذلك الإنتهاكات ضد جماعات الأقليات. علاوةً على ذلك، فإن العامل المحفز (الذي قد يوفره الخطاب المسيء) للتعبير المضاد والنقاش يكون بشكل واضح للمصلحة العامة. لذا، فإن السياسات والتشريعات العامة التي تضاعف من فرص التعبير المضاد ينبغي تفضيلها على الاستجابات التقييدية في القانون.
ازدراء الأديان أو "تشويه صورة الأديان":
القانون الدولي لحقوق الإنسان يحمي الناس، وليس المفاهيم المجردة، مثل الأديان أو النظم العقائدية. الحق في حرية التعبير لا يمكن أن يقتصر على غرض حماية الأديان أو الأفكار أو الرموز المرتبطة بها من الانتقاد، أو لحماية مشاعر المؤمنين من الجريمة أو الانتقاد. هذه من بين بعض الأسباب التي تقدمها العديد من الدول لتبرير الإبقاء على قوانينها الخاصة بازدراء الأديان ضد المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
عادةً، فإن حالات الحظر التي تفرضها الدول على ازدراء الأديان تندرج في واحدة أو أكثر من الفئات التالية:
إننا نوصي بأن أي تعبير يندرج ضمن هذه الفئات لا ينبغي اعتباره "خطاب كراهية" ما لم يستوفي بشكل منفصل الشروط المبينة أعلاه لتحديد "خطاب الكراهية"، كما لا ينبغي أن يخضع لأي تقييد ما لم يحقق بشكل استثنائي الحدود القصوى للحظر (أنظر "الحد الفاصل للحدة" والمعيار من ستة أجزاء).
المعايير الدولية لحقوق الإنسان لا لبس فيها من حيث أنه ينبغي إلغاء حالات حظر ازدراء الأديان. هذه توصية صريحة من خطة عمل الرباط، وبدعم قوي من التعليق العام رقم 34 للجنة المعنية بحقوق الإنسان. أثارت العديد من الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أيضاً مخاوف بشأن تأثير قوانين ازدراء الأديان على حقوق الإنسان وأوصت بإلغائها. انعكس ذلك إلى حد كبير على المستوى الإقليمي في مجلس أوروبا والاتحاد الأوروبي ومنظومة البلدان الأمريكية.
هناك العديد من الحجج التي تدعم إلغاء قوانين ازدراء الأديان، مع التأكيد على أنها باطلة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولها نتائج عكسية في المبدأ والممارسة على حد سواء:
لذلك، فإن منظمة المادة 19 توصي بقوة بأن تقوم الدول بإلغاء جميع ح